الطريق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:04 صـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

فيها حاجة حلوة

سعيد محمود
سعيد محمود

كثيرا ما نشتكي من سلوك المصريين، ونسخر من جملة "فيها حاجة حلوة".

دعونا ندخل في التفاصيل دون مقدمات، وتابعوا معي المشاهد التي ساقها القدر أمامي في يوم واحد:

بائع "كبدة وسجق" بسيط الهيئة أمام مترو الجيزة، يأتي إليه شحاذ رث الثياب، طويل اللحية، يمسك برغيف خبز ويطلب بعض "السجق" ليقتات به، فيعطيه الرجل طبقا مليئا بالطعام ويزيده من الكرم بـ"طرشي بلدي مفتخر".

تأثرت للمشهد فذهبت للبائع أعرض عليه ثمن ما يأكله الشحاذ، فتبسم في وجهي وقال "الثمن وصل خلاص ما تضيعش عليا الثواب"، ثم جاء دور المتسول رث الهيئة الذي تكاد تسمع صوت معدته من شدة الجوع، فأخذ يلقي ببعض ما في طبقه الثمين إلى قطة مسكينة لا يختلف حالها عن حاله كثيرا.

تركت المكان وركبت الميكروباص كالعادة في رحلة العودة إلى المنزل، وتعوذت بالله من الشيطان عندما رأيت السائق سليط اللسان دائم الشجار مع الركاب، وفي منتصف الطريق أوقفنا أمين شرطة صارم النظرات، لا لأخذ الرخصة، وإنما ليساعد رجلا مسنا معاقا على عبور الطريق، ثم جاء دور السائق سليط اللسان ليوقف العربة وينزل هو الآخر ليساعد امرأة عجوز وحفيدها الصغير على المرور للشارع الآخر، وسط تعجب الركاب الذين أشادوا به عندما علموا أنه لا يعرف المرأة من الأساس، قبل أن يركب رجل بسيط لا يملك الأجرة، فيجبر خاطره السائق نفسه ويهون عليه الأمر.

وآخر أبطال مشاهد "حلاوة المصريين" كان بائع "غزل البنات" بسيط الحال، الذي وقف أمامه طفل فقير وفي عينه نظرة استعطاف وشوق لتلك الحلوى المبهجة، لكنه لا يملك ثمنها، فما كان من الرجل إلا أن أعطى له ما اشتهاه ومسح على رأسه برفق، وعلى وجهه ابتسامة رضا وفرح تنافس تلك التي ارتسمت على وجه الطفل بعد حصوله على كنزه الثمين.

مواقف بسيطة حدثت قدرا معي في يوم واحد، لأجد نفسي أقول عن اقتناع تام إن مصر "لسه فيها حاجة حلوة".

ويبقى السؤال.. ما هي الوسيلة لنعمم كل تلك "الحلاوة" على المصريين جميعا؟