الطريق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 03:49 مـ 14 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

نهاية العالم

عمرو عز الدين
عمرو عز الدين

لو أن أول أسبوع من العام الجديد 2020 تحول إلى فيلم، لاخترت له عنوان: بداية ونهاية، مع الاعتذار لنجيب محفوظ. حيث إن "بداية العام" اقترنت بما خُيل للناس أنها "نهاية العالم"، ومن الواضح أن هذه النهاية تتعامل معنا بأسلوب: شوّق ولا تدوّق! وطول ما إحنا مستعجلين عليها ولا هنشوفها ولا ربنا هيبارك لنا فيها لما تيجي!

عندك مثلا وكالة ناسا، لديها هواية جمع النيازك والكويكبات التي ستصطدم بالأرض في الويك إند المقبل، قبل مرور الويك إند دون أن يصدمه ولو ميكروباص. حتى تأكد البعض أن آخر نيزك حقيقي هدد الأرض هو ما دمره بروس ويليس في فيلم Armageddon. مع ذلك يصيبك القلق إذا مرت ثلاثة أيام دون قراءة تحذير من نيزك جديد يقترب منا. ذات مرة أرسلت إحدى الحموات سؤالا للوكالة: "مفيش نيزك كده ولا كده في السكة؟ عايزين نفرح في الكوكب"، فاحمرت خدود ناسا ونظرت نحو قدميها خجلا وهي تقول: "دعواتك يا حماتي"، زغردت الأخيرة فرحا بما اعتبرته بشرى خير وذهبت تلم الغسيل بسرعة، كما أعرف رجلا يتردد كل يوم على كشك الجرائد ليطمئن على النيازك التي اختفت من فترة، فيجيبه البائع: "شاحّة من السوق اليومين دول أصل الطلب عليها كتير".

بينما يخرج علينا العلماء كل يوم يحذرون من أضرار الاحتباس الحراري، ومعهم كل الحق. المناخ سيتغير، سيذوب الآيس كريم في ثلاجات جيلاتي عزة وتلتهم حرائق الغابات حديقة الفسطاط، ستنقرض سلاحف النينجا والمعلم رشدان، فماذا نحن فاعلون؟ شقة جوز عمتك اللي في الدور السادس ستغرق بمياه المجاري لانسداد بلاعة الحمام بالأكياس البلاستيك. الصيف سترتفع فيه درجات الحرارة لمستوى لن تتحمله ميزانية المواطن محدود الدخل، أما الشتاء ستنخفض فيه هذه الدرجات بما يجعلها تعيد السنة في السَمَر كورس. هنا يهلل القوم: إنها نهاية العالم، لكنها تخرج لسانها وتقول: ليس الآن.

ناهيك عن الحرب العالمية الثالثة التي قامت خمس مرات فاصل ستة من عشرة خلال العقد الأخير فقط، وهي الشقيقة الصغرى لنهاية العالم وفقا للسجل المدني، لذلك كلما أمسكت أمريكا في خناق دولة أخرى متبادلين التصريحات العنيفة وبعض الركلات واللكمات، صارت الحرب العالمية هي الترند الأول على تويتر. يقال إن السيرة الذاتية للموظفين في الفترة الأخيرة أصبحت تتطلب إجادة برامج الأوفيس والقدرة على العمل تحت ضغط الحرب العالمية، بينما في اتفاقات الزواج صارت غرفة النوم على العروسة والحرب على العريس لأن البنت ليست أقل من بنت خالة جدتها التي عاصرت الحرب الأولى والثانية معا.

هكذا مع كل بوادر صراع عالمي أو حتى خناقة على لم الأجرة في الميكروباصات، يحتشد الناس أمام الشاشات كما لو أنهم في انتظار مباراة بين ريال مدريد وبرشلونة، وبعد أيام ينتهي بهم الأمر يتابعون أسمنت أسيوط مع بني عبيد في مباراة تنتهي بفوز الحكم.