الطريق
الخميس 28 مارس 2024 10:29 صـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أبو العينين شعيشع.. طرد من المدرسة فدخل القصر الملكي

الشيخ محمد رفعت تبناه «صدفة» واستدعته السفارة لتلاوة في عزاء ملكة العراق

الشيخ «شعیشع» الذي كان طالبا بمدرسة المنصورة الثانوية، شاب حكم عليه جميع الأساتذة بأنه لا يصلح الشیء، لأنه أبدا ساهم على الدوام، وكان الغريب في أمر الفتى أنه كان على الدوام يحرك شفتيه بكلام خافت.. وكان الذين يجاورونه في الفصل يعلمون أنه يرتل القران، ورسب الطالب عاما وأعواما كثيرة، واستدعى الناظر أخاه الكبير ليقول له: إن أخاك لا يصلح هنا.

كان هذا أخر عهد «أبو العينين شعيشع» بالمدرسة، وخرج الشيخ أبو العينين إلى الشارع، يسهر كثيرا في الموالد ويحوم حول المنشدين في الأسواق، ويطرب كلما سمع أن أحدا من كبار القراء سيسهر الليل في المنصورة، وكان أخوه «الشيخ أحمد شعیشع من مشاهير القراء في المنصورة، فكانت فرصة طيبة للسيد أبو العينين أن يذهب معه كل مساء إلى كل مأتم أو ليلة مولد يحتفل بها.

وسمع الشيخ أبو العينين في الليالي الكثيرة التي سهرها الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، والشيخ محمد الصيفي، والشيخ محمد رفعت، وذات ليلة كان الشيخ أحمد متعبا، فحل محله الشيخ أبو العينين، وسمعه الشيخ رفعت فأعجب به، وتنبأ له بمستقبل باهر، ثم لم يلبث الشيخ أبو العينين أن نزح إلى القاهرة، وكان ذلك في عام ۱۹۶۲، فقد سمعه رجل من رجال القصر الملكي، فاستدعاه ليقرأ في الإذاعة، ومنذ ذلك الحين والشيخ أبو العينين لا يفارق الشيخ رفعت، الذي اتخذ منه تلميذا له، واتخذ الشيخ أبو العينين من القاهرة مقرا له، ولم يلبث أن نزح إليها الشيخ أحمد شقيقه الأكبر بعد أن اعتزل القراءة في المنصورة، وعاش ليرعی شئونه.

وفي عام 1948 بلغ أجر الشيخ أبو العينين مائة جنيه في الليلة الواحدة، وأصبح يتقاضى خمسة وعشرين جنيها عن كل إذاعة له من محطة القاهرة، وهو مبلغ لم يصل إليه حتى الآن سوى أربعة من كبار القراء، مصطفى إسماعيل، وعبد الفتاح الشعشاعی، ومحمد الصيفي، والشيخ أبو العينين.
وعندما توفيت ملكة العراق سافر الشيخ إلى بغداد ليحيى مأتمها بدعوة رسمية من الحكومة العراقية، وتقاضي في تلك الرحلة ثلاثة ألاف جنيه، وفي عام ۱۹۵۲ استدعته الإذاعة المصرية ليقوم بتكملة أشرطة المرحوم الشيخ محمد رفعت.

والذين يستمعون الأشرطة الآن لا يستطيعون ببساطة تمييز صوت الشيخ شعيشع أثناء التلاوة، السبب في ذلك أن الشيخ أبوالعينين كان يقرأ بطريقة الشيخ رفعت قبل وفاته، وكان الشيخ رفعت يرضى عنها كثيرا، إن الشيخ أبو العينين في الخامسة والسبعين من عمره، وكان يرتدي الكاكولا والطربوش، مخالفا بذلك الزي التقليدي للمشايخ الذين ظهروا في دنيا التلاوة، ولكنه اضطر إلى خلع الطربوش عندما زار تركيا، وكان مندوب السفارة المصرية في انتظاره بالمطار، وحذره المندوب من ارتداء الطربوش في اسطنبول لأن عقوبة ارتدائه السجن، فخلع الشيخ الطربوش، وتعمم بمنديل، ثم تعمم بعد ذلك بشال أبيض.
ولكن سوء الحظ تدخل في حياة الشيخ وهو في قمة عنفوانه وشبابه، فقد أصابه مرض غريب أثر على أحباله الصوتية، ثم مات أخوه الشيخ أحمد الذي كان بمثابة الوالد، ولكن الشيخ استطاع بالصبر أن يهزم مرضه، وعاد إلى القراءة من جديد، وسافر كل عام إلى الخارج لإحياء ليالي شهر رمضان المبارك، وأشرطته تسجل أرقاما عالية في التوزيع.