الطريق
الجمعة 29 مارس 2024 01:41 صـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
تحرير سعر الصرف وتأثيره على سوق العقارات.. جمعية رجال الأعمال: تكلفة الوحدات السكنية الجديدة سترتفع مصر والأموال الساخنة.. فرص استثمارية وتحديات اقتصادية في مواجهة الحكومة عضو المجلس القومي للمرأة في حوار لـ«الطريق»: المرأة شهدت العصر الذهبي في عهد الرئيس السيسي مصر أول دولة في العالم تضع استراتيجية... سيدات الأهلي يحققن الثنائية المحلية للموسم الثاني على التوالي ”الحشاشين”.. مسلسل يكشف استخدام الإخوان لمفاهيم السمع والطاعة المطلقة 6 جنيهات.. حملة لتثبيت سعر تعريفة التوك توك داخل سمالوط رئيس الوزراء يؤكد ضرورة وضع أجندة تنفيذية لمخرجات المرحلة الأولى للحوار الوطني رسالة جديدة من نتنياهو لعائلات المحتجزين البترول تسدد 30 مليون دولار جزء من مستحقات شركة كابريكورن إنرجي مصرع شاب على يد آخر في مشاجرة بالمنيا مواد غذائية شائعة يحظر تناولها أثناء تفاقم التهاب المعدة جي بي مورجان يتوقع ارتفاع برميل النفط إلى 100 دولار بسبب روسيا

جابر ”قرمط”

طارق سعد
طارق سعد

لن تجد خلافاً عندما تذكر اسمه على أخلاقه وطيبة قلبه وكونه "ظريف" فلا تحمل تجاهه أية مشاعر سلبية أو ضغائن فمنذ ظهوره وهو يسلك طريقاً مختلفاً لا ينافسه فيه أحد ولا ينافس هو أحد بما يقدمه ولو بالنية .. وبطبيعة حاله وتكوينه هو أبعد ما يكون عن التجمعات والإشاعات والقيل والقال.

كلها أمور تضعك أمام رجل مهذب .. طيب .. دمث الخلق وتجعلك فى حيرة "تجيبهاله إزاي" فحتى عندما تقدمه تحتار في توصيفه فماذا سيسبق اسمه؟

صحفي؟ لن تكون متابعاً! .. مذيع أو مقدم برامج؟ إطلالته ومكوناتها ليست فى هذا القالب! ..

إعلامي؟ كلمة مطاطية وكل ما يقدمه ليس له علاقة بمطاطتها! .. مونولوجست؟ ربما تتحمس لذلك ولكن تتراجع عنه! فالأمر محير متشابك ومعقد حقاً!

يبدو أن "جابر القرموطي" أصبح اسماً يحمل توصيفه فلن تحتاج أن تسبقه بما يقدمه .. يكفي أن تقول "جابر القرموطي" ليصبح تعريفاً لما يقدمه ولا يحتاج الرجل تعريفاً.

اختار "القرموطي" شكلاً هو الأصعب للظهور به والتواصل مع الجمهور فخلط الهزل مع الجد وتقديم الموضوعات فى إطار ساخر وهزلي هو أصعب أنواع التواصل ويحتاج لقدرات ومقومات خاصة يتم توظيفها بشكل مهاري لتستطيع تقديم "شو" يجذب المشاهدين لمتابعتك وانتظارك والتفاعل معك.

الحقيقة أن "القرموطي" يملك حساً ظريفاً يجنح للكوميديا ليس ككوميديان ولكن كرجل طيب ظريف يملك حساً فكاهي يستطيع ببراءة وعفوية أن ينتزع منك الجدل وأحياناً الضحكات بمستويات مختلفة ولكنه فى النهاية استطاع أن يضع نفسه فى قالب هو شخصياً يستمتع به ولكن ... هل المتابع تصيبه المتعة أم أن الإصابة تأتي بأشكال أخري؟!

عندما قدم "جابر القرموطي" نفسه فى هذا الإطار كان أثناء الفترة السوداء التى قفزت فيها الجماعة الإرهابية على كرسي الحكم فكان أي شي غير مألوف يُقدم فى هذا الوقت يصبح مألوفاً ويحقق مشاهدات ومتابعات إيجابية وسلبية من قبيل كسر الـ "المود" فلم يهتم أحد بأن المشاهد الهزلية التى يقدمها "القرموطي" أساساً فى برنامج يحمل اسم "مانشيت" لقراءة عناوين وأهم أخبار الصحف فأكل الجميع "البالوظة" بكل رضا لمجرد فقط "إنه يفك عن نفسه" فلا مساحة للتفكير والتعقيد و"وجع الدماغ".

ابتعاد "جابر القرموطي" عن الشاشة منذ فترة وخروجه من المشهد بشكل دراماتيكي أكسبه تعاطفاً كبيراً لأن الرجل محبوب وينظر الجمهور إلى طيبته وكشعب "حنين بطبعه" تأثر بانقطاع عمله وعدم رغبة أية محطة فى استقباله فشبح "قعدة البيت" مرعب قبل أن ينتقل إلى الإنترنت متطوراً ليظهر عبر الـ "يوتيوب" ويقدم فيديوهات ظريفة بشكل جديد ومختلف قدم فيها الغناء لأول مرة فاستحسنه الجمهور فقدم له أغنية معبرة عن المدارس والأولاد وحياة الأسرة معهم فنجحت نجاحاً كبيراً أعاد للـ "قرموطي" الحياة مرة أخرى وجعل اسمه يتردد من جديد ليطالب الجمهور بعودته مرة أخرى للشاشة لأن "كده حرام".

عودة "القرموطي" للشاشة من جديد كانت مفاجاة متوقعة فالرجل ليس عليه أية شوائب وطيب ومهذب ومحبوب من الجميع وحقه أن يقدم موضوعاته وآراءه بشكل مختلف كرؤية ووجهة نظر ولكن إصابة الهدف تحتاج دائماً رماية ماهرة تصل للقنص ولا تحتمل العشوائية وإلا ستكون الإصابات أيضاً عشوائية ونكون أمام خطر حقيقي.

حاول "القرموطي" هذه المرة أن يكون صريحاً مع جمهوره بأنه جاء ليقدم "شو" صريح يناقش من خلاله موضوعات مختلفة فالبضاعة واضحة ومعلن عنها تستقطب زبونها الراغب فيها لينتظر الجمهور "جابر القرموطي" فى ثوبه الجديد وما سيقدمه فمؤكد هذه الفترة أعاد فيها حساباته وكون رؤى جديدة ومبتكرة لتكن الصدمة بظهور الرجل بنفس عباءته بل بالعكس فقدت هذه العباءة الكثير من بريقها وبدا "القرموطي" تائهاً يحاول أن يقدم "الشويتين بتوعه" ولكنهم للأسف حتى .. كانوا "شوية واحدة وأقل" فتشعر بالغضب مرة وتشعر بالشفقة مرات أخرى!

مشكلة "جابر القرموطي" ليست فى شخصه فهو ليس عليه غبار ولكن فى صناعة ما يريد تقديمه فـ "القرموطي" يفعل ما يحلو له ويخطر على باله دون فكرة صناعة لهذه الأفكار الشاردة وهو ما ينقصه فعلاً .. ستجد فى أفكاره نوايا حسنة لتكتشف أن الطريق إلى السقوط مليئاً بالنوايا الحسنة وهو ما تجلى واضحاً فى استضافته الهزلية لفيروس "كورونا" وقبلها إهانة الممثل "أحمد فهمي" له فى مداخلة هاتفية لما شعر به من "استظراف" عليه وعلى زوجته "هنا الزاهد" وبعدها " اسكيتش التوعية من "كورونا" فرغم فكرته إلا أنه خرج ساذجاً وضعيفاً لا يرقى لنُبل الفكرة والغرض منها لمخاطبة طبقات وفئات خاصة من المجتمع أجهز عليها أداء "القرموطي" الذى جاء صادماً فالرجل الذى يملأ الدنيا ضحك وتهريج و"شقلباظات" ظهر جامداً كتمثال شمع يرتدى زي صعيدي رغم أنه كان يقدم ما هو أصعب بكثير فى الـ "مانشيت".

نعتقد أن ما قدمه "القرموطي" فى حواره مع "كورونا" يجب أن يكون نقطة فاصلة يتوقف عندها الجميع من القائمين على صناعة البرنامج فصناعة المحتوى أهم بكثير بعدما تحول " جابر القرموطي" مع "كرونا" إلى "القرموطي" الذى قدمه بعبقرية النجم "أحمد آدم" .. فـ "قرمط" فى الحالتين واحد ليتحول إلى "جابر قرمط" .. و"معلش إحنا بنتكلم"!

يجب أن يواجه "جابر القرموطي" نفسه بأنه يمتلك الكثير ولم يقدم منه إلا القليل لأنه لا يملك من يديره ولا يصلح لإدارة نفسه لأن أدواته فى ذلك محدودة ويجب أن يُسلِم أنه يحتاج لورشة لصياغة أفكاره بشكل مناسب يحافظ عليه فى مكانة ووضع لائقين لا أن ينحت من "أبو حفيظة" بثوب "قرمط".

أصبح "جابر القرموطي" بعد هذا العمر فى مفترق طرق حقيقي فإما أن يتطور سريعاً و"يلحق نفسه" مستثمراً قبوله التلقائي عند المشاهد ويترك بصمة حقيقية أو يستسلم لقالب فقير سيخرجه سريعاً من المشهد مرة أخرى لن يسعفه فيه "يوتيوب" ولا أية وسيلة تواصل بعد انقطاع التواصل فى نهاية متوقعة لن ترضي أحد لا جمهور ولا "قرموطي" .... و"معلش إحنا بنتكلم"!