الطريق
الجمعة 19 أبريل 2024 08:34 صـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

كورونا.. رب ضارة نافعة

وائل عبد العزيز
وائل عبد العزيز

يعيش العالم أجمع، حالة من الخوف والذعر وعدم الاستقرار النفسي والمادي والاجتماعي، بسبب التداعيات التي أحدثتها انتشار فيروس كورونا، والذي ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية ليخرج منها مسافرًا إلى كل عواصم الدول بلا جواز سفر.

الجميع يتحدث بقلق شديد عن الفيروس القاتل الفتّاك الذي اجتاح البيوت والقرى والمدن ولم يترك حتى القصور؛ فداهمها ونال من سكانها الملوك والأمراء، لم يفرق بين غني وفقير، بين قوي وضعيف، بين مهم ومهمش، إنه الداء الذي لم يُعثر له على دواء حتى الآن، حتى أن بعض الحكومات أعلنت فشل كل محاولاتها لمواجهة الكارثة منتظرةً الحل السماوي والعفو الإلهي.

على عكس ما يرى الغالبية؛ أُشاهد الخير واضحًا في هذا المخلوق العجيب –فيروس كورونا- الذي كان له الفضل في إحداث العديد من الإيجابيات على جميع المستويات، نعرض بعض منها لتصبح الصورة مكتملة، ولنُلقي بنظرة إيجابية على من ادّعى البعض أن كله شر، في حُكم مطلق يفتقد الحقيقة والصواب، وإليكم بعض الإيجابيات: (التوبة إلى الله) كثير من الناس شغلتهم الحياة الدنيا عن الآخرة، وأنساهم المال والجاه عبادة الله، فذاقوا وبال أمرهم، وقال الله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} (سورة الروم: 41)، لتأتي الفرصة لمن يقتنصها، بالتوبة والرجوع إلى الله عز وجل والإيمان بالله، لأنه سبحانه هو الكاشف لهذا البلاء، لقوله سبحانه }وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ { (سورة الأنعام 17)، وهنا يكتشف من في قلبه ذرة إيمان أن فيروس كورونا منحة وليست محنة وفرصة للعودة والتوبة إلى الله.

(لم الشمل) استطاع فيروس كورونا أن ينجح بمفرده في عودة التآلف والتلاحم والترابط بين أفراد الأسر المصرية، والذي أوشك على الاختفاء بسبب الانشغال بأعباء الحياة وضغوطها اليومية، فأجلس الموظفة التي تعول أطفال أقل من 12 سنة في المنزل وألزم الزوج بالتواجد في المنزل فترة الحظر، وأجّل الدراسة ليظل الأطفال بالمنزل، وأغلق المنشآت التجارية من السابعة مساءً حتى السادسة صباحًا، كل ذلك جاء فى مصلحة الأسرة المصرية وأعاد لم شملها بعد غياب طويل.

(عودة الحق) فيروس كورونا أعاد الحق لأصحابه بعدما فقدوه لسنوات عديدة؛ فعلى مدار العقود الماضية كانت الغلبة والنُصرة والشُهرة مقتصرة على رجال الأعمال والفنانين ونجوم كرة القدم والساسة، أما رجال البحث العلمي وخاصة في المجال الطبي كانوا خارج الحسابات، حتى أن بدل العدوى للأطباء في مصر كان وما زال 19 جنيهًا، ليأتي الفيروس القاتل ويُعلي من شأن الأطباء والباحثين ليصبحوا على الرؤوس، ويعود بهم إلى مكانهم الذي يستحقونه.

(موازين القوى) سيؤدي فيروس كورونا إلى إلى سرعة انتقال ميزان القوى العالمية من الغرب إلى الشرق، إلى دول استطاعت تدارك الأزمة بشكل سريع نسبيًا كالصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة في وقت تباطأت فيه الحكومات الغربية الأوروبية ودخلت في طرق عشوائية لاحتواء الأزمة –كما أكد ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفرد- وهو ما سيؤدي في النهاية إلى زوال عصر سطوة العلامة التجارية الغربية.