حلف الشياطين.. تحالف نتنياهو وجانتس خطر يهدد بدهس ما تبقى من فلسطين

ساعدت أزمة فيروس كورونا على توحيد الرؤى بين كل من بنيامين نتنياهو وبينى جانتس، ليتفق الجانبان على التحالف معا ليشكلوا حكومة طوارئ وطنية تضم 36 حقيبة وزارية، على أن تستمر لمدة ثلاث سنوات، وتكون رئاستها بالتناوب بينهما، على أن يكون نتنياهو أولا ويستمر برئاسة الوزراء لمدة عام ونصف العام.
وعند الالتفات لما تم الاتفاق عليه بين رئيسى حزبى«الليكود وأزرق أبيض» سوف تتوزع المهام والعضوية بالتساوى بينهما فى المجلس الوزارى المصغر للشؤون السياسية والأمنية، والمعروف بـ«الكابينيت».
وفى حقيقة الأمر، فإن حكومة الطوارئ التىاتفق عليها «نتنياهو وجانتس» يمكن وصفها بأنها كارثة ستحل على القضية الفلسطينية التى يريد الكيان الصهيونىالقضاء عليها، فقد أدت التفاهمات بينهما للاتفاق على فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء عديدة من الضفة الغربية، وضم المستوطنات، علاوة على عدم إجراء أى تعديل على «قانون القومية» الذى يعرف إسرائيل على أنها الوطن القومى للشعب اليهودى حول العالم.
اقرأ أيضا: فلسطين تحذر إسرائيل بعد الحجز على أموالها
ووفقا لما تناولته مختلف الصحف العبرية، ويأتى على رأسها «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت»، فإن هذا الائتلاف الحكومى الإسرائيلى الجديد لم يكشف عن الموقف من قضية مطلب تحالف أحزاب اليمين ضم الأغوار ومنطقة البحر الميت، على أن يسمح لرئيس الوزراء بطرح الخطة الأمريكية للسلام على الهيئة العامة للكنيست للتصويت.
ويستلزم الإشارة هنا إلى أن تفاهمات كل من نتنياهو وجانتس بخصوص الضم وفرض السيادة تتناغم جدا مع خطة السلام الأمريكية فى الشرق الأوسط، وهى الخطة المعروفة إعلاميا بـ«صفقة القرن» وتهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مصادر مطلعة على مفاوضات الائتلاف الحكومى أنه وبموجب حكومة الطوارئ سيجرى فرض السيادة الإسرائيلية وضم المستوطنات، مع الإشارة إلى أن رئاسة نتنياهو ستكون لحكومة مستقرة.
إذًا، وعند الالتفات لأهم العناصر التى يعتمد عليها التحالف الإسرائيلي الجديد بين نتنياهو وبينى جانتس، نجد أنه بمثابة المؤامرة على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى وحقه فى أن يعيش فى حرية، فهل حان الوقت إذًا لتوحيد الصف بين «فتح وحماس» ونسيان أى خلافات من أجل القضاء على هذا المخطط الصهيونى؟
أكد الدكتور طارق فهمى استاذ العلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية جامعة القاهرة، ورئيس وحدة الدراسات الاسرائيلية بمركز دراسات الشرق الاوسط، أنه وبعد التحالف الجديد بين نتنياهو وبينى جانتس، فبات من الضرورى أن يراجع الجانب الفلسطينى، طبيعة علاقته بالكيان الصهيونى الغاصب، منوها بأن مجرد الاحتجاج والرفض لم يعودا كافيين الآن، خاصة فى ظل الأوضاع الحالية وبعد تحالف نتنياهو وجانتس معا.
وأشار فهمى فى تصريحات لـ«الطريق» إلى أنه بات من المهم إتمام المصالحة بين كل من «فتح وحماس» على وجه السرعة، كما يستلزم أن يكون هناك موقف عربى موحد، مع وضع الاستحقاقات المعطلة على مستوى «رام الله وغزة» حيز التنفيذ.
اقرأ أيضا: حقنا للدماء.. إسرائيل تغير استراتيجيتها العسكرية مع حزب الله
ووفقا لرؤية رئيس وحدة الدراسات الاسرائيلية بمركز دراسات الشرق الاوسط، فإن الحكومة الإسرائيلية التى تم الاتفاق عليها غاية فى الخطورة، فهى تنوى وقبل شهر يوليو القادم ضم المستوطنات وشرعنتها، علاوة على ضم الأغوار والترتيبات الأمنية.
ونوه الدكتور طارق فهمى،بأن هناك مفاجأة خطيرة، وهىاحتمالية انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية وتركها بعد أن تقوم بسلسلة عمليات عبارة عن ترتيبات أمنية، وبهذا الشكل ستفعل ما سبق وقد فعلتهفى قطاع غزة، مشيرا إلى أن كلا من واشنطن وتل أبيب حاليا يخططون خرائط الترتيبات الأمنية وهو ما سيتم بناء على لجنة أمريكية إسرائيلية، إذًا بالفعل هناك مخاطر على مصير القضية الفلسطينية، مما يتطلب عربيا وفلسطينيا إعادة ترتيب الأوراق وإتمام المصالحة ووجود صوت واحد فلسطينى أمام العالم، فترك الأمور بهذه الصورة واستمرار الخلافات سيؤدى إلى اتخاذ إجراءات أحادية من إسرائيل، علاوة على الدعم الأمريكى للجانب الصهيونى.
واختتم أستاذ العلوم السياسية بالإشارة إلى أن ما يتردد بأن واشنطن سوف تكون منشغلة بالانتخابات الرئاسية المقبلة غير صحيح على الإطلاق، فاللجنة الأمريكية الإسرائيلية مستمرة فى عملها وستنهى الخرائط الأمنية بما فيه المصلحة التى تصب فى الجعبة الإسرائيلية، وهذا مأزق حقيقى تواجهه فلسطين، فيستلزم توحيد الصف سريعا.
من جانبه، أشار الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية جامعة القدس المفتوحة والباحث فى الصراع العربى الاسرائيلى وأمين عام التجمع الوحدوى العربى، إلى أن التوافق بين فتح وحماس حلم، لكن واقع الحال أنه صعب تحقيقة الآن، موضحاأن حالة الانقسام بين الطرفين ليس سببها صفقة القرن أو المخططات الصهيونية، والدليل على ذلك أنه كانت هناك فرصة للتوافق من أجل التصدى والمواجهة، لكن وعلى الرغم من مخططات واشنطن وإسرائيل، فلم يحدث أى توافق من أى نوع.
ونوه الرقب فى تصريحات لـ«الطريق»، بأن الاتفاق بين نتنياهو وبينى جانتس والذى يعد تنفيذا فعليا لمخططات الصفقة الأمريكية ضد القضية الفلسطينية، لن يؤدى لأىاتفاق، مشيرا إلى أنه من المؤسف أن يتحد الكيان الصهيونى من أجل مواجهة فيروس كورونا ويضع خلافاته جانبا، وتظل فلسطين مقسمة، فكان أحرى بالجانبين «فتح وحماس» أن يتفقا لتحقيق الاستقلال، مثلما يتحد العالم لمواجهة وباء خطير.
اقرأ أيضا: مقتل شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في القدس
ويرى الباحث الفلسطينى الدكتور أيمن الرقب أن الأزمة تتعلق بالقيادات الأساسية فى كل من «فتح وحماس»، فالأزمة تكمن فى أنهما من الأساس يرفضون الوصول لأى توافق، موضحا أن التباين الذى شهدته الفترة الماضية فى الآراء بينهم حول إيجاد حل يساعد على احتواء فيروس كورونا المستجد خير دليل على ذلك.
وفيما يتعلق بما تحمله المرحلة المقبلة بعد انتهاء المدة التى من المقرر أن تستغرقها حكومة الطوارئ الإسرائيلية وهى ثلاث سنوات، قال الرقب إن تفاصيل ديباجة الاتفاق الذى أبرم بين نتنياهو وبينى جانتس تؤكد على أن كل واحد منهم ضمن الآخر بألا يقوم بالغدر به، ومن المستبعد جدا أن يكون هناك انتخابات رابعة، وإن حدث فستكون بعد مرور عام ونصف، وإذا شعر نتنياهو بأنه تمكن من إنهاء ملفات الفساد التى تورط فيها.
واختتم الرقب بالإشارة إلى أن المرحلة المقبلة وبعد هذا الاتفاق تؤكد على أن الوضع الداخلى فى إسرائيل سوف يشهد استقرارا سيستمر لفترة طويلة، وهو ما يستوجب على جميع الأطراف فى فلسطين أن يفكروا فيه جيدا لأن نتيجة هذا الاستقرار سيلقى بمساوئه على القضية الفلسطينية بشكل أساسى، على حد قوله.