الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 04:49 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

المنسي.. 103 صاعقة

الله أكبر صرخ المؤذن بها، رياح مباركة هبت من المجهول لتداعب بوريه كاكي، السلاح المعدنى ينفض النعاس، عصفور الشمال يحلق دون انتباه فوق كتيبة أسود، ألقى فى حِجر القائد رسالة غامضة واختفى فجأة خلف التل البعيد، العلم يداعب الصارية، أشعة الشمس أتت تبشر بيوم ساخن، صورة «حمزة وعلى»، تزين عمود الخيمة، ركعتان للفجر وأمنية شهادة ودعاء بالنصر، هكذا ابتدأ الصباح، فجأة دبت الحياة فى حبات الرمال وتأهب الجبل وتسمرت الطيور، انتباه.. القائد يستدعى أسوده، يخبرهم بأن اليوم بطعم الشهادة، لا هوادة فى الحرب ولا استسلام لعاطفة.. الدم صار اليوم شارة، لا شىء يعوض شرف البلاد وكبرياءها، اليوم سنحارب بصلابة تزيد ولا تنقص.

اللهم شهادة دوت فى الصدور، وفى الأمام القائد المنسى يغنى لرسل السماء يستمطرها أن يكون يومه شريفا، رصاصات ضالة ومضللة تفزع زواحف الصحراء، أقدام ملعونة تحاول الاندفاع نحو الرجال، تأهبت النفس «هجوم آخر يائس سوف نصده، هيا يا رجال قاتلوهم واسعوا للشهادة ولا تنتظروها»، موجات سوداء تطوى الأرض يحركها الغل والكراهية والحسد، يقابلها أبطال «صنع فى الكتيبة 103 صاعقة»، البطل فى سنام المعركة تداعب قبضته الرصاص الهارب هنا وهناك، رسل إبليس يتساقطون فوق التل الغاضب كما تسابقت أرواح الشهداء للصعود والارتقاء، «نحن هنا نتعرض لهجوم على كافة المحاور لكن لا يهم».. انسحبوا لأماكن آمنة ريثما تصل النجدة.. لا مستحيل سنبقى نحرس أرواح الشهداء من زملائنا.. هنا سنصلي صلاة الوطن ونؤذن للأبطال ونقيم شواهد الجنة.. هنا سنرسم وجه الشرف ونحفر فى عينيه عيوننا.. هرب الجرذان.. القائد تلمع عيناه يحصى حبات جنوده، من مات ومن ينتظر.. فى منتصف الميدان جابت عين «العقيد المنسى» الصحراء الواسعة وخبأ فى وديانها وصيته الأخيرة، «احرسوا الوطن على مدار الساعة، لا حياة بدون شرف، الجبناء لا يصنعون المجد، والصدور العارية وحدها يخشاها الريح».

شيفرة عبر لاسلكى عتيق، مرحبا بالقائد المنسى، إنها بطولة ما فعلتموه أنت ورجالك، سنحكى قصتك للأبطال من بعدك، أنت إمامهم فى الحرب، «على» يحييك و«حمزة» يرسل لك السلام وانتظر باقة فل وياسمين من مواطن مجهول، كل البلد قادمة لتحييك وتمجد رجالك، الصخور والكثبان والكهوف أشعلت الشموع لتصلى، الكتيبة تشتاقك، دفترك الصغير يسن القلم، والحلم يكبر ويعبر الضفة، مياه القناة حيتك بموجة عكسية، سنطلق اليمام صبيحة 7 يوليو من كل عام، سنسمى رياح ذلك اليوم باسمك، حين تزور روحك المكان من جديد، أخبرهم أن ها هنا 10 من الأبطال وقائدهم دافعوا عن بكارة الأرض وعفتها لتبقى غالية ومكرمة ومحرمة على زناة الأوطان.

بطاقة تعريف

الشهيد العقيد أحمد المنسى استشهد شهر يوليو 2017 جراء الهجوم الانتحارى الذى وقع على مقرات أمنية فى شمال سيناء، ومن بينها الكتيبة 103 صاعقة، وذلك بعدما أظهر بطولة فائقة ولافتة خلال مواجهة تلك العناصر الإرهابية.
الشهيد «المنسى»، عرف بين أقرانه بمواقفه الصلبة ضد الإرهاب والتطرف ورفضه للتشدد، وعرف بـ«صائد الإرهابيين»، كما عرف بعلاقته الجيدة مع القبائل السيناوية، فضلا عن مكانته لدى تلاميذه فى المؤسسة العسكرية، وكان يوم سقوطه شهيدا يوما مشهودا فى مصر بعد أن صار أيقونة الشهداء.