الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:18 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

بدون وسطاء أرخص

د. السيد محمد راشد
د. السيد محمد راشد

في أرض زراعية جنب بيتنا بتزرع كل أنواع الخضروات زي البصل والتوم، الملوخية، الكرنب. المهم لما بنشوف المحصول استوى بنكلم الفلاح احجزلنا توم وبطاطس أو فلفل أو ملوخية وبامية. وكل الشارع بيعمل كده لأنه بيوزن بالبركة وميعرفش الغش، وكل حاجة قدام عينك وانت شايفها من أول ما اتزرعت لحد ما استوت.

والفلاحين بيتسابقوا على زراعة الأرض اللي جنب الكتلة السكنية عشان بيسوق كل إنتاجه لسكان العمارات اللي كلهم هوانم ملهمش في الفصال مع الباعة الجائلين وغالبًا الرجالة هما اللي بيقوموا بالدور ده والهوانم بيتفرجوا من بعيد. الفلاح بيعمل الملوخية والتوم ربط على أساس إن الربطة كيلو أو خمسة بتزيد كيلو أو نص كيلو، البياع المحترف بيبيع بالميزان.

الفلاح عاوز يخلص بيبيع ويلم الفلوس عشان يزرع الأرض زراعة جديدة. يعنى الشراء من الفلاح أفضل من الشراء من الأسواق؟ طبعًا الفلاح مش بائع محترف، وكل هدفه يخلص البضاعه اللي معاه ويروح بيته، وهيكون كسبان مليون في المية إزاى؟ بص يا سيدى السلعة لما تتنقل من تاجر لتاجر وكل واحد يتحمل مصاريف لازم آخر تاجر يبيعلك غالٍ. يعني كيلو الطماطم يتباع في الحقل بجنيه على ما يوصل للمستهلك يكون بعشرة جنيه. يعني لو قدرنا نخلي البضاعة من المنتج للمستهلك بدون وسيط مفيش حاجة هتكون غالية كده. ومين اللي يعمل كده؟ الدولة عن طريق المجمعات الاستهلاكية بتاع زمان لأن الدولة ميهمهاش الربح اللي يهمها تقديم خدمة وبس.

يعني ممكن جمعيات خيرية من اللي بتمول بالتبرعات زي بنك الطعام يكون عنده أسطول نقل بضائع، وأماكن عرض ويشتري من الفلاح مباشرة، أو عن طريق منافذ بيع الجيش اللي ممكن تدخل. وبنك الطعام بيعوض خسائره من التبرعات اللي بيلمها من الناس، ومش هيكون عنده خسائر. وكل ما الناس تشوف فرق السعر بين التاجر المحترف والبنوك دي هيدفعوله تبرعات. يعني الدولة مبتلعبش الدور ده؟ سبق الدولة لعبته زمان وخسرت وبقت تغلي البضاعة زي التجار لأن مصاريف الدولة وإسرافها كبير، والفاقد عندها كبير، وطبعا مش هتقدر تنافس البائع المحترف اللي بيخفض نفقاته. يعنى لازم نشجع بنوك الطعام والجمعيات الخيرية ورجالة الجيش إنها تلعب الدور ده، وخصوصًا أن الجيش عنده أسطول توزيع بيوصل لأى مكان، والجيش عنده العمالة رخيصة. ايه حكاية الثوم والبطاطس؟ الفلاح حجزنا عنده الثوم مثلا الكيلو بجنيه. ولما مرض كورونا جه والحظر دخل والشحن توقف والدول البترولية بتدور على المنتجات الزراعية بأي تمن في الأسواق لأن معاهم فلوس ومفيش سلع والجوع قرص الناس، والفلوس مكنش لها لزمة.

وعملوا إيه قرروا يشتروا الإنتاج بالكامل من الأسواق، وكيلو التوم أبو جنيه وصلوه لعشرين، الفلاح اتجنن ورجع الفلوس للناس اللي كانت حاجزة عنده، وقال أبيع للوكالات والتجار أحسن من الأهالى.

احنا بعد درس كورونا لازم نزرع كل الصحاري اللي عندنا بأى شكل، ولازم الدول العربية البترولية تعمل كده، لأن الفلوس ملهاش لازمة لو مش لاقي أكل. والمية هنقدر ندبرها بأى شكل، نحلي مية البحر أو نجيب من المياه الجوفية أو نزرع على الأمطار، الفلوس والتكنولوجيا ممكن يحلو المشاكل دي بسهولة.

إنما نستنى لما نجوع والفلوس معنا كتير. هو ده الدرس اللي لازم نعيه من الأزمة اللي فاتت. والحمد لله أن الجيش كان بيزرع الأرض، وده مكنش عاجب البعض وأنا من ضمنهم أهو، نفع في وقت الأزمة ومحدش حس بسعر أى سلعة ارتفعت ارتفاع غير طبيعي علشان المجهود الخرافي اللي الجيش عمله علشان متحسش بالأزمة دى.

نحمد ربنا أن الجيش كان عامل حسابه وبيزرع الأرض، ودا توفيق من ربنا علشان يحمي مصر، كل الخبراء في الدول المتقدمة كانوا بيتوقعوا مجاعة هتحصل عندنا، والحمد لله محصلتش بفضل جهود جيش بلدنا.

الجيش عنده الأيدي العاملة والتكنولوجيا، ممكن ندورله على طريقة يشارك بيها في الإنتاج لأنه هينتج سلع رخيصة علشان الأيدي العاملة الرخيصة. ولازم نحط مادة في الدستور تسمح بمشاركة الجيش في المشاريع العملاقة، وتطوير العشوائيات، وبناء مدن للفقراء، وتطوير المرافق، الجيش بقى عنده خبرات بدل مانجيب شركات أجنبية من الخارج بتشتغل وتتجسس على أمننا القومي. السلاح و الإنفاق على التسليح سوف يتراجع في كل الدول بعد أزمة كورونا، والكل هيبدأ يهتم بالإنتاج والعلماء لأن حروب المستقبل هتكون بيولوجية، الصين كسبت الحرب العالمية التالتة بدون ما تضرب طلقة واحدة.

حد يصدق أن إنتاجنا من القمح قرب من الاكتفاء الذاتي السنادي!، ودا كان بفضل إنتاج رجالة الجيش في مزارعهم المنتشرة في الصحراء واللي بتسقي على المطر.

وأخيرًا كل دولة بتلعب بالميزة اللي عندها مفيش محرمات أو قيود، المهم نحل المشاكل بالمدنيين بالعسكريين، كلنا ولاد مصر مفيش حساسية.

كاتب المقال أستاذ جامعي بإحدى كليات الاقتصاد الخاصة بالمعاش.

المراجع: دكتور صادق بازرعة بحوث التسويق تجارة القاهرة 1985.

بكري عطية التسويق كلية التجارة جامعة الأزهر 1986.

دكتور أحمد جامع النظرية الاقتصادية تحليل جزئي حقوق عين شمس 1983 .