الطريق
الجمعة 3 مايو 2024 09:08 صـ 24 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

في حوار خاص| أسامة شعث يكشف تبعات إلغاء اتفاقية أوسلو وكواليس مفاوضات عرفات ورابين

دكتور أسامة شعث
دكتور أسامة شعث

تظل القضية الفلسطينية محور اهتمام المنطقة العربية كافة، خاصة في ظل الإصرار الإسرائيلي على تنفيذ مخطط الضم في منطقة الضفة الغربية، على الرغم من الرفض الدولي وتحذيرات السلطة الفلسطينية بإلغاء كافة الاتفاقيات السابقة التي أبرمت خلال الفترة الماضية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وللكشف عن كافة الملابسات التي تتعلق بقضية المخطط الصهيوني في الضفة الغربية، والآثار المترتبة خلال المرحلة المقبلة، أجرى "الطريق" حوارًا خاصًا مع أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور أسامة شعث، فإلى نص الحوار..

 

1- ما هي أبرز البنود التي تم تناولها الرئيس ياسر عرفات في الاتفاقيات التي أجراها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين عام 1993؟

المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بدأت عقب موتمر مدريد للسلام الذي كان في 31 أكتوبر عام 1991، وكان يقودها من الطرف الإسرائيلي حزب الليكود الحاكم برئاسة إسحاق شامير، لكن تلك المفاوضات استمرت لمدة عام دون جدوى.

بالمقابل بدأت منظمة التحرير الفلسطينية مفاوضات سرية في أوسلو مع حزب العمل الإسرائيلي المعارض بقيادة إسحاق رابين، وكان رابين يتفاوض ليحصل على أصوات الفلسطينين العرب والذين يشكلون 20٪؜ من حجم الناخبين، وكانت النتيجة إبرام إتفاق سري في أغسطس 1993، حيث بعث الرئيس عرفات رسالة خطية في 9 سبتمبر من نفس العام لإسحاق رابين بعد فوزه بالانتخابات على شامير وتضمنت الرسالة الاعتراف بدولة اسرائيل والتزامه بتحقيق السلام وبالمقابل ارسل رابين رسالة موازية لعرفات تضمنت الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، ولذلك سميت الرسالتين "رسائل الاعتراف المتبادلة"، وعلى أثر الرسالتين تم الإعلان عن توقيع اتفاق أوسلو في ١٣ سبتمبر ١٩٩٣م.

 

2- ما الذي كان ينص عليه اتفاق أوسلو وقت توقيعه في 1993؟

كان اتفاق أوسلو ينص على أن المرحلة الانتقالية لا تتجاوز مدة ٥ سنوات تنتهي باتفاق سلام شامل على أن تنسحب قوات الاحتلال الإسرائيلية من أراضي غزة والضفة كاملة على مراحل باستثناء مناطق المستوطنات والقدس، على أن يتم الاتفاق على ترسيم الحدود في وقت لاحق.

ولذلك قسمت الأراضي إلى مناطق A وهي التي ستتولى السلطة كامل المسؤولية والصلاحيات، ومناطق b وستتولى السلطة الفلسطينية كامل الصلاحيات المدنية والشرطية أما الأمن سيكون لاسرائيل بشكل مؤقت وهاتين المنطقتين ستبلغ نسبتها اكثر من90٪؜ من الضفة بينما مناطق c وهي مناطق المستوطنات والقدس، التي كان من المقرر أن يتم التفاوض عليها في المرحلة النهائية.

لكن رابين اغتيل في نوفمبر 1995م وتدهورت عملية السلام وخاصة بعد فوز نتنياهو بالانتخابات 1995م، ولم تنسحب حكومات اسرائيل المتعاقبة سوى من اقل من 40٪؜ من أراض الضفة الغربية، وهما مجموع مناطق A +B بينما ظلت مناطق c أي مايعادل 60٪؜ من مساحة الضفة تحت الحكم العسكري الاسرائيلي منها المستوطنات والأغوار والقدس وبعض المناطق والقرى الفلسطينية.

اقرأ أيضا: إسرائيل لم تحصل على الضوء الأخضر لتنفيذ مخطط الاستيطان
 

3- ما السر وراء رفض نسبة كبيرة من القوى الإسرائيلية لنقطة ضم غور الأردن؟

هناك نوعان من المعارضة

١- معارضة من بعض القوى الصهيونية التي ترفض الضم لأنه سيحول الكيان الإسرائيلي إلى دولة عنصرية في نظر العالم نظرا لأنها ستحرم الفلسطينيين بالضفة من ممارسة حقوقهم السياسية الكاملة، ولهذا يخشون من العقوبات الدولية الاقتصادية، وهناك معارضة من بعض المستوطنين المتطرفين الذين سيفقدون الامتيازات المالية والخدماتية التي توفرها لهم حكومة الاحتلال وبالتالي سيضطرون لدفع الأموال والضرائب كغيرهم من سكان المدن الأخرى.

 

4- ما هي تبعات إلغاء اتفاقية أوسلو على كل من فلسطين وتل أبيب؟

أعتقد أن إلغاء اتفاقية أوسلو سيكون له تبعات عديدة على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، فعلى الطرف الفلسطيني سيكون هناك وضع استثنائي صعب وقاسيا نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها القيادة الفلسطينية خاصة بعد أن رفضت تلق أموال الضرائب التي تعد حقوق فلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي، علاوة على وقف التنسيق الأمني والخدماتي، فإن ذلك ينبأ بمزيد من المعاناة الفلسطينية خاصة على الحواجز الإسرائيلية بين المدن والقرى الفلسطينية، خاصة مدن الضفة والقدس وقطاع غزة.

أما على المستوى الإسرائيلي فتبعات إلغاء الإتفاقية ستكون صعبة جدا، فهذا يعني أنه سيتوجب على الاحتلال الإسرائيلي تحمل كافة المسؤولية سواء على المستوى الإنساني أو من الناحية الخدماتية وربما أيضا نقل المرضى وتوفير العلاج، كما سيتطلب منها رفع الحواجز في الضفة رغما عنها.


اقرأ أيضا: فلسطين تتوعد الإعلام الإسرائيلي: يبث السموم وينشر الأكاذيب
 

5- ماذا عن ما تردده إسرائيل من أنه لا يعنيها إلغاء إتفاقية أوسلو؟

من يظن أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يعنيها إلغاء إتفاقية أوسلو فهو واهم، فإسرائيل تعي جيدا وبحسبة اقتصادية بسيطة أن تكلفة المسؤولية على مدن الضفة على كافة الأصعدة الخدماتية تتجاوز الـ 5 مليارات دولار سنويا، وهذا ما أكده أيضا كبار خبراء الاقتصاد في إسرائيل، لذلك الاحتلال يخشى من عواقب إلغاء الإتفاقية، فهو يريد أن تلتزم فلسطين بها، لكن دون أن يلتزم هو، بمعنى أن يمارس مهامه قوة محتلة وعلى السلطة الفلسطينية أن تتحمل مسؤولياته كافة حيال الشعب.

 

6- ماذا يتوجب من السلطة الفلسطينية القيام به في حال أصرت دولة الاحتلال على تنفيذ مخططاتها؟

السلطة الفلسطينية سوف تفرض واقعا جديدا على الأرض، فسوف تتوجه للأمم المتحدة، للمطالبة منها ومن جميع المنظمات الحقوقية بأن يصدروا قرارا ملزما لدول العالم، بأن يفرضوا عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي إسوة بالعزل الدولي الذي جرى لحكومة "الأبرتايد" في جنوب إفريقيا، التي ونتيجة العزل سقطت، فالسلطة ستطالب أولا بفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي، مع المطالبة بحماية الشعب الفلسطيني، ومطالبة العالم بملاحقة مجرمي الحرب من ممثلي حكومة الاحتلال ومحاكمتهم سواء في الجنائية الدولية أو في محكمة لاهاي الدولية.

 

7- هل يمكن أن تساعد المصالحة بين "فتح وحماس" في القضاء على مخططات إسرائيل في الضفة؟

أقل ما يتوجب الآن من حركة حماس هو الدخول في مصالحة مع فتح، وتطبيق الوحدة على أرض الواقع لأن ذلك لن يساعد فقط في مواجهة المخطط الصهيوني في الضفة الغربية وإنما سيصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، فتبعات إلغاء اتفاقية "أوسلو" على الشعب يجب أن تتكرس بالوحدة الفلسطينية، فحركة حماس كانت خلال الفترة الماضية دائما ما تتغنى بضرورة إلغاء "أوسلو" ووقف التنسيق والاعتراف بإسرائيل، الآن وبعد أن تحقق ما كانت تنادي به لم تحرك ساكنا في الوحدة، خاصة وأن ذل سيوفر كافة الخدمات الحياتية لأبناء الشعب الفلسطيني.



اقرأ أيضا: نتنياهو يضع شروطا للفلسطينيين لبناء دولتهم المستقلة
 

8- ماذا لو اتبعت السلطة الفلسطينية استراتيجية "حل السلطة" وحملت إسرائيل مسؤولية الأمور بالكامل في الضفة الغربية والأراضي المحتلة؟

أعتقد أن استراتيجة "حل السلطة" غير وارد في سياسة السلطة الفلسطينية، فربما تكون نشأت نتيجة إبرام إتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي، لكنها لم تكن إتفاقيات عبثية، فقد أبرمت بفعل مفاوضات شاقة، فالاحتلال لم يكن يعترف بالشعب الفلسطيني أو منظمة التحرير من الأساس.

فالاحتلال عندما بدأ في فرض سيطرته على الأرض في 1967 لم يكن يعترف بالكيان الفلسطيني أو الشعب، وحينما وافق على الجلوس على طاولة المفاوضات كان ذلك رغما عنه، نتيجة قوة المقاومة والإصرار على الصمود الذي أرهقه الذي كبده العديد من الأرواح والسلاح منذ فترة رئاسة الشهيد الراحل ياسر عرفات.

لن تحل السلطة الفلسطينية بهذه البساطة، لكن من الممكن تطويرها، وإذا كان هناك تفكير في حل السلطة سيكون من أجل تحويلها لكيان سياسي فلسطيني، ولكي تكون دولة سياسية رسمية في الأمم المتحدة، واستنادا للقرارات التي أتخذت وكان أولها عام 1947 والذي برقم" 181"، الذي يؤكد قانونيا إقامة دولة فلسطينية، والقرار رقم "242" الذي ينص على ضرورة الإنسحاب الإسرائيلي، واستنادا على قرار رقم "1515" الذي يتعلق بخارطة الطريق التي أكدت على حل الدولتين في مجلس الأمن الدولي.