الطريق
السبت 20 أبريل 2024 03:05 صـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

نهاية مولد ”الحاخام”.. أبو حصيرة يهودي أم مسلم؟

أبو حصيرة
أبو حصيرة

سنواتٌ طويلةٌ من الجدل حول مولد "أبو حصيرة" في محافظة البحيرة، امتلأت بالعديد من الاحتجاجات على إقامته وزيارة الصهاينة له وإقامة الشعائر والاحتفالات بداخله، انتهت بحكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا، أصدرته اليوم، برفض الطعن المقدم من الجهة الإدارية "قضايا الدولة" ضد حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الخاص بضريح الحاخام اليهودى، وتأييد حكم القضاء الإداري بالإسكندرية بوقف الاحتفال بالمولد وشطبه تماما من قائمة الآثار الإسلامية ورفض نقل رفاته إلى إسرائيل.

حسب الروايات الشعبية اليهودية، فإن أبو حصيرة حاخام يهودي من أصل مغربي، يدعى يعقوب بن مسعود، عاش في القرن الـ19، وينتمي إلى عائلة يهودية كبيرة اسمها عائلة الباز، وتنسب له تلك الروايات العديد من الكرامات.

الحكايات تقول إنه ولد عام 1807 في جنوب المغرب ثم هجرها لزيارة الأماكن اليهودية المقدسة في فلسطين، حسب زعمهم، وغرقت في البحر، وظل متعلقًا بحصيرة قادته إلى سوريا ومنها إلى فلسطين وبعد زيارتها غادرها متوجهًا إلى المغرب عبر مصر، ليطلق عليه بعدها اسم "أبو حصيرة".

الرواية اليهودية: أبو حصيرة جاء من المغرب لزيارة القدس

واستقر أبو حصيرة في دمنهور بمحافظة البحيرة، وعمل إسكافيًا، وبها توطدت علاقته بتاجر يهودي ثري كان يعمل في تجارة القطن، يدعى "دمتيوه"، وعقب وفاته تكفل بدفنه تنفيذًا لوصيته في مقابر اليهود والمقامة بالقرية المنسوبة للتاجر اليهودي الذي كان يمتلك معظم أراضيها.

حكاية شعبية أخرى تقابل الرواية اليهودية، تشير إلى أن يعقوب أبو حصيرة كان مسلمًا، ومر بدمنهور قادمًا من المغرب، حين كان في طريقه لأداء شعيرة الحج وزيارة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، ووصل دمنهور عام 1881 بالتزامن مع الثورة العرابية وتسببت الاضطرابات في عدم تمكنه من مواصلة رحلته إلى مكة المكرمة.

واضطر حينها للعمل إسكافيًا بجوار محلج أقطان بحي أبو الريش كان يملكه تاجر يهودي يدعى "دمتيوه"، والذي كان يعطف عليه ويقدم له المساعدة من حين لآخر ودبر له سكنا في القرية التي تحمل اسمه ويمتلك معظم أراضيها.

وقدم أحد المحامين للمحكمة الإدارية شجرة عائلة، قال إنه حصل عليها من بعض المسلمين المغاربة خلال تواجده في موسم الحج، تشير إلى أصل "أبو حصيرة" المسلم.

عميد عائلة أبو حصيرة في غزة: الضريح ينتمي لجدنا المسلم

الأصل المسلم لـ"أبو حصيرة" أثارته تصريحات قالها محمد أبو حصيرة، عميد عائلة أبو حصيرة الفلسطينية في غزة لـ"الشرق الأوسط" في عام 2001، أكد خلالها أن الضريح يعود لجد العائلة الفلسطينية بغزة ولا علاقة لليهود به.

اقرأ أيضًا: عاجل | الإدارية العليا تؤيد وقف مولد أبو حصيرة وترفض نقل رفات الحاخام لإسرائيل

وقال، حينها،: "أنا الاكبر سنا في عائلة أبو حصيرة، حيث ولدت عام 1901، وأعلم هذه الحقيقة كما تعرفها عائلة أبو حصيرة، فنحن عائلة فلسطينية مسلمة وهنالك مجرد تشابه أسماء مع عائلة أبو حصيرة اليهودية المغربية، ولكن قبر جد العائلة في مصر يعود للعائلة الفلسطينية المسلمة وكان جدنا ركب البحر في غزة الى مصر، انطلاقا من شاطئ غزة، وكان حاملا حصيرة، وعندما وصل إلى الشاطئ المصري في المركب، تجول على الشاطئ ودخل الأراضي المصرية، وفي إحدى الليالي لف نفسه بالحصيرة ونام، حيث توفاه الله وهو ملفوف داخلها، وفي الليل جاء لعمدة البلدة المصري هاتف بالمنام يقول له: يوجد رجل صالح ميت في حصيرة، فاذهب وادفنه".

وتابع: "وفي الصباح جمع العمدة عددا من رجال البلدة، وبحث عن الرجل المجهول حتى وجده فعلا ميتا داخل حصيرة، على شاطئ البحر، فدفنوه وبنوا حول الضريح قبة صغيرة وأصبح الناس يترددون على الضريح باعتباره من أولياء الله الصالحين، وأصبحوا يضعون عند الضريح الصدقات للفقراء والمحتاجين.

وواصل: "كنا في غزة لا نعلم شيئا عن مصيره، وكل ما تعرفه العائلة أنه ذهب لمصر، وحسب الرواية التي سمعناها من الآباء، قرر أحد رجال العائلة في غزة الذهاب لمصر للبحث عن جدنا، وفعلا ذهب للمكان المدفون فيه، والذي أسماه سكان البلدة أبو حصيرة لأنهم لا يعرفون اسمه، فسأل عن الضريح وسمع القصة من أهل البلدة وأخبرهم أنه جده ونام عدة ليال بالقرب من الضريح قبل أن يعود إلى غزة، وبعد عودته أصبحت العائلة تقيم ذكرى سنوية لوفاته في غزة، وتحتفل بمولد أبو حصيرة، وأنا شخصيا زرت الضريح في مصر، وكذلك العديد من أفراد العائلة".

إيقاف المولد في 2011 وحكم تاريخي بإلغائه

وبين حيرة أصل "أبو حصيرة" بين اليهود والمسلمين، ظل مولده يقام ويثير الجدل وسط احتجاجات عديدة، والعديد من الشائعات حول الطقوس الخاصة به، والتي انتشر أن من بينها أن اليهود يرقصون عرايا ويمارسون الفواحش، ويذبحون الخراف كقرابين على الضريح.

وفي عام 2011 وتحديدًا عقب ثورة 25 يناير، توقفت الاحتفالات بمولد أبو حصيرة، بسبب "الدواعي الأمنية"، وفي 29 ديسمبر 2014، أصدر المستشار محمد عبدالوهاب خفاجي، رئيس محكمة القضاء الإداري، دائرة البحيرة، حكمًا تاريخيًا، بإلغاء الاحتفال بمولد أبو حصيرة، وحذفه من الآثار المصرية، وهو الحكم الذي أصبح نهائيًا وباتًا، اليوم، بعد ما يقرب من 6 سنوات على صدوره.