الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:27 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

البطن ما بتشكرش

السيد محمد راشد
السيد محمد راشد

بطن الإنسان بتهضم كل ما يلقى فيه، رخيص أم ثمين، كثير أم قليل.. عمرها ما هتشكر على طعام جيد أو تزعل من طعام رديئ، والإنسان هو مَن يزداد سمنه ومرض من جراء تناول الأطعمة، وعمر الجوع ما قتل أحد.

الناس زمان كانت بتتحرك كتير وبتاكل القليل وكانت صحتهم زي الفل ومحدش كان في جسمه جرام زائد من الدهون.

دلوقتي الناس بتتحرك بسيط وتتناول ما لذ وطاب من الأطعمة؛ فتراكمت الدهون في كل مناطق الجسم وازدادت المفاصل خشونة من جراء الحمل الزائد، والإنسان لا يعرف أن أثمن ما في الحياة هي صحته غير بعد ما يمرض.

ظهور البترول في دول الخليج تحول إلى استهلاك أطعمة من كل بقاع الدنيا وقلة حركة، واعتمد الجميع على السيارات والطائرات في السفر والتنقل، والنتيجة هي أن المرأة تحولت إلى دبة والرجل تحول إلى دب، وأصبح الرجل يبحث عن الجمال في نساء أخريات من دول فقيرة غير مرفهة.

ولما بيجد المرأة التي ترضي فضوله، تبدأ هي الأخرى في الاستهلاك وقلة الحركة ومن ثم تتحول إلى دبة أيضًا، وبدل ما كان معاه دبة واحدة بقا معاه اتنين وهو الدب الكبير.

هناك علاقه بين الدخل والاستهلاك

*كلما زاد الدخل زاد المنفق على الاستهلاك من الطعام والشراب وملذات الحياة.

*زاد الدخل مرة أخرى يبدأ الإنفاق على الترفية (فسح، سفر، أماكن خلوية..).

*زاد الدخل مره أخرى يتم إشباع رغبات أخرى مثل التعليم والتثقيف والبحث العلمي.

*الإنفاق في الدول البترولية مر بهذه المراحل، مصر كانت على العكس؛ حيث بدأت بالإنفاق على التعليم ثم السفر والرحلات، وكانت آخر مرحلة هي إشباع البطون؛ لأن المصري كان فلاحا وعارف أن البطن مبتشكرش، وسماها "خرارة" مبتقلش لأ على أي شيئ يلقى إليها.

العلاقات الثلاثة الهامة للاقتصاد.

*المعدة تمثل الاستهلاك الذي لا يشبع، وإن تم إشباعها فالأشبع متجدد ومتطور وغير قابل للإشباع.

*العقل يمثل الادخار ويكون حريصا عليه لمواجهة الظروف غير المتوقعة، وهناك صدام دائم بين العقل والاستهلاك، أيهما يسبق الآخر؛ في الدول المتقدمة يقل الاستهلاك ويزيد الادخار، وفي الدول المتخلفة يقل الادخار ويزيد الاستهلاك.

*النفس تمثل الدخل وهي التي تتحكم في الاستهلاك والادخار.

المطبخ العربي عرف الاستهلاك الفج بعد ارتفاع أسعار النفط عقب حرب أكتوبر، حيث تحرك سعر برميل النفط من 2دولار إلى 40دولار، وسميت الحقبة البترولية، وتراكمت فيها المخدرات بشكل كبير، والمطبخ العربى بدأ يأخذ من طعام الغرب والشرق وزاد الإنفاق على الطعام بشكل كبير.

*امتلأت البطون عن آخرها ولم تترك مكانا للنفس، وهناك حديث نبوي شهير يقول: "ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث للنفس"، ودا قمة التوازن في الاستهلاك.

*اللي يعمل غير كده كل دا بيتحول إلى دهون في الجسم، وخصوصا أن التكنولوجيا قللت الحركة إلى أقصى مدى.

الدول اللي كانت بتضبط الاستهلاك كانت بتجمع مدخرات تستخدم في تمويل الاستثمارات الجديدة بدلا من الاقتراض من الخارج بفائدة مرتفعة.

*الدول العربية كان عندها المدخرات أو العوائد البترولية مكدسة بالمليارات في الخارج، دي لو كانت استغلت دا في عمل بنية تحتية كان حال الدول دي اتغير، إنما الغرب كان بيجرهم للاستهلاك وإشباع البطون بدلا من إقامة بنية تحتية تخدم الأجيال القادمة بدلا من تراكم المدخرات في البنوك.

الدائري لما اتعمل سهل السفر والانتقال للأجيال القادمة، لو كنا سبنلهم مدخرات كان دا يبقى قمة التخلف، ودا اللي حصل عند العرب، سابو بلادهم خراب والفلوس مكدسة في بنوك الغرب بتعمر عندهم.

*تخيل لو الدول البترولية كانت عملت طرق وكباري ومدارس ومستتشفيات زي اللي عملها جمال عبد الناصر في مصر كانت شجعت رعاة الماعز على التعلم والتحضر وكانت البلد عمرت بدل الخراب الموجود دلوقتي.

*ليه المملكة معملتش القطار السريع بينها وبين البلاد المسلمة وتبقى هي المركز كان هيبقى عندها دخل وفرص عمل، والكلام ده لكل الدول البترولية وخصوصا ليبيا اللي القذافي ضيع بترولها على مدار فترة حكمه التي استمرت أربعين سنة، كان عمر فيها معظم الدول الأوروبية اللي طول عمرها خراب وبتطرد الشباب لمصر من الجوع والبطالة.

غباء العرب ودهاء وتخطيط المستعمر هو اللي ورا الأوضاع المأساوية اللي بتعيشها المنطقة الغنية من العالم.

*ربنا يستجيب لدعانا وتجف آبار النفط أو يظهر شيئ غيرها يكون هو إكسير الحياة كي تعود الأمور إلى مجراها الصحيح.

*عمليات ربط المعدة وإقامة نوادي وصالات جيم مكلفة وهي العلاج الناجع

لملئ البطون بمختلف ألوان الطعام والشراب.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا صنعتم يا عرب بالعوائد البترولية الضخمة التي تحققت على مدار سنوات؟

*كلتو جمال وخرفان مشوية، وركبتوا سيارات، وجتلكوا التخمة، صغار وكبار، نساء ورجال.

*عندكوا مدارس أو مستشفيات أو جامعات أو أجيال متعلمة تقدر تقود التنمية اعتمادا على ما تعلموه؟

*هل نشرتم المدارس في كل مكان كما فعل جمال عبد الناصر في مصر؟

*هل أصلحتم الطرق لتسهل الاتصال بين المدن؟ هل أقمتم المطارات؟

*لماذا تعتمدون على تصدير البترول فقط منوعتوش صادراتكم ليه؟

*هل للمواطن في بلدكوا حرية الاختيار في أي مجال، ولا هي الحرية في اختيار نوع السندوتش فقط؟

*اقتصاد مصر اللي بتقولوا عليه تعبان حقق كل المعادلات الصعبه دي؟

*هتعملوا إيه في العوائد البترولية لو الدولار نزل من على عرشه وأصبح عملة عادية؟

*لو كنتوا سمعتوا الكلام ورميتوا فلوسكوا في أرضكوا كنتوا عمرتوها وسلمتوها للأجيال القادمة عمار بدل الخراب اللي أنتوا فيه.

*ماذا تقولون للأجيال القادمة عن عوائد البترول الفترة الماضية، هل ستقولون: عمرت بلاد الشرق والغرب ولم نستطيع تعمير بلادنا؟! وإيه اللي منعكوا، الخرفان والجمال المشوية ووجبات كنتاكي والبيبسي والكوكاكولا؟!

*لازم تجاوبوا قبل ما تتعرضوا للمسألة عندما تتغير الأنظمة، أمريكا وأوروبا مش مخلدين ولا هيعيشوا لكوا طول العمر.

وأنتوا يا مصريين إيه أخباركم مع الطعام؟

*مصر تستخدم مواردها الاستخدام الأمثل، عملت مدارس ومستشفيات وتعليم جيد.

*مصر كانت بتصرف مواردها كلها على البنية التحتية، فيها طرق وكباري ومترو أنفاق ومطارات ومدن جديدة، والقرى فيها بها كهرباء ومياه وصرف وغاز ومواصلات جيدة.

*مصر طول عمرها لم تهتم بطعام، وإن كانت تأكل الضروري منه، والجميع يعلم هذه الحقيقة: البطن مبتشكرش، وبيسموها "خرّارة"، اللي مصروف عليها ضايع، ومشاريعنا الاقتصادية بتكون من المدخرات المحلية ومن عوائد المشاريع الاقتصادية، زي عائد القناة، والزراعة، والتصدير... إلخ.

*في مصر تجد مطاعم على أعلى مستوى والناس بتاكل بدون تبذير، علما بأن المهدر من الطعام في الدول البترولية 20مليار دولار (في القمامة).

*أكل الطبقات الكادحة يتسم بالبساطة، زي الفول والطعمية والكشري والعدس، وهو نفس الطعام اللي بني إسرائيل حبوه لما كانوا في مصر، وكرهو المن والسلوى (الطعام الرباني) من أجل الفول والعدس والبصل.

*معظم المصريين بيكلوا بحساب ومفيش هدر عندهم في الطعام، الهدر بيكون عن بعض الطبقات الغنية والفقير بيكلوه من القمامة.

*مصر قاربت في طعامها على الاكتفاء الذاتي، مبتستوردش غير القليل والقمح، قاربنا على تحقيق الاكتفاء الذاتي.

*الأمثال الشعبية في مصر توضح رشادة الشعب المصري في الإنفاق على الغذاء.

*المدخرات المصرية ترتفع عاما عن عام، ودا بيكون بترشيد الإنفاق على استهلاك الغذاء (مقالة في كتاب درر الأعماق).

أخباركوا إيه يا عرب، شبعتوا خرفان وجمال مشوية؟ البطن شكرتكوا ولا لسه؟

*البطن اللي استهلكت العوائد البترولية شبعت ولا لسه بتقول هل من مزيد؟

*استهلكتوا طعام من الشرق وطعام من الغرب، فين طعامكوا اللي أرضكوا أنتجته؟

*متى تعاملون الناس بالحسنى؟ هييجي يوم تتشردوا في البلاد ومحدش هيرحمكوا.

*بعد 50سنة على ظهور البترول معملتوش مزارع ليه تنتج طعامكوا الضروري ولا لازم تستوردوا كل شيئ من الخارج.

*كل الفرص اللي ضيعتوها هتندموا عليها، اللي له بداية له نهاية، ماما أمريكا

مش هتعيش لكوا العمر كله.

*أنتوا انفصلتوا وتعاليتم على موطني الدول العربية اللي كانت بتبعت لكم الذكاة أيام الفقر ولا نسيتوا ذكاة الصومال وأبيار على ملك دارفور السودانية ودهب ستات مصر.

*صدام فعل بكم الأفاعيل المرة اللي فات ودا كان إنذار ومصر هي اللي أوتكم وحمتكم وحررت أرضكوا، بكره أمريكا تقع وفلوس البترول تضيع وتشحتو تاني.

*المفروض الإنسان يكون معتدل في الإنفاق على الطعام والشراب في الغنا وفي الفقر، إنما اللي بيحصل من إخوانا العرب دا سفه وتبذير.

الأجانب في الإنفاق على الطعام والشراب

*الأجنبي يحصل على أجود الطعام بكميات قليله اللي الجسم هيستفاد بها فقط، علشان كده متلقيش عندهم دهون مخزنة في بعض مناطق جسمهم.

*عمر الأجنبي ما بيرمي طعام زائد زي العربي ما بيعمل؛ لأن طعامه على أد استهلاكه فقط.

*لو أنت حضرت عند أجنبي وقت تناول الطعام عمره ما يدعوك لتناول الطعام لأنه معملش حسابك.

*بيشتري الفاكهة بالعدد على أد عدد أفراد الأسرة، مش زي عندنا.

*لو أنت معزوم عنده يكرمك آخر كرم ويجبلك أحسن أكل، بس على أدك بس.

*نظام الأجانب مبيعجبش العرب ويقولوا عليهم بخلا، وإحنا نقول على الطعام اللي بيترمي في الزبالة بكميات كبيرة إيه؟

*أفراح الخليج تعمل لكل أعده من المدعوين خروف على طاولة من ألذ وأشهى الأطعمة والمشروبات ومحدش بيروح، كل دا على الزبالة بنفس لفت الورق، دا يرضي مين؟!

*لو شفت فطار الصباح عند واحد من الدعاة اللي بيوصي الناس بالصبر وتحمل الجوع تقول دا جاب الفطار اللي في الدنيا كلها ومن كل البلاد، وفي الآخر كله يروح على القمامة وأطفال المسلمين بيموتوا من الجوع والعطش في أماكن أخرى.

*الأطفال عندهم بق، عندهم سمنة مقززة، وطبعا فيه فرق بين العز وأثر النعمة، والسمنة اللي الطفل ميعرفش يلعب مع أصدقائه منها.