الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 03:50 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

هل يجوز للمسلم الاستعانة بغير المسلم؟.. الأزهر يجيب

الاستعانة بغير المسلمين
الاستعانة بغير المسلمين

رد المركز العالمي للفتوى الإلكترونية، التابع للأزهر الشريف على سؤال ورده بخصوص جواز الاستعانة بغير المسلمين في قضاء الحوائج، قائلًا إن الدين الإسلامي دين يدعو إلى المحبة والسلام، وينبذ العنف والعدوان، جاء للتسامح والتعايش السلمي حتى مع غير المسلمين، وبما أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وتشمل أحكامها جميع مناحي الحياة، وتنظم العلاقات بين الأفراد مع بعضهم البعض، مسلمين وغير مسلمين، ومن ذلك الاستعانة بغير المسلمين، واستعانة المسلمين بهم قد تكون في الأمور الدنيوية، كالاستعانة بهم في الطب والصناعة والزراعة والتجارة، وقد تكون في حالات الحرب مع غيرهم.

 

وتابع المركز في فتواه أنه من هنا كان لا بد من بيان الحكم الشرعي في حكم الاستعانة بغير المسلمين، وبيان ذلك على النحو التالي:

 

أولًا: الاستعانة بغير المسلمين في حالة السلم

 

ذهب أكثر الفقهاء إلى الجواز، فيجوز للمسلم أن يستعين بغير المسلم في الأمور الدنيوية، كالطب والزراعة والصناعة والتجارة، وغير ذلك من المعاملات.

 

اقرأ أيضا: هل يتحمل الرجل نفقات علاج زوجته حال مرضها؟ الأزهر يجيب

 

 

واستدلوا على ذلك بما روي عن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَتْ: «وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ".(أخرجه البخاري في صحيحه).

 

ثانيًا: الاستعانة بغير المسلمين في حالة الحرب

 

واتفق الفقهاء جميعهم على عدم جواز الاستعانة بغير المسلم على المسلمين، وذلك لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"

 

قال القرطبي في تفسيره: قوله - تعالى -: "ومن يتولهم منكم": أي يعضدهم على المسلمين، "فإنه منهم"، ثم هذا الحكم باقٍ إلى يوم القيامة في قطع الموالاة (أما عن الاستعانة بغير المسلم على غير المسلمين في حالة الحرب، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمذهب عند الشافعية بشروط، ورواية عند الحنابلة، والظاهرية إلى جواز الاستعانة بغير المسلم على غير المسلمين في حالة الحرب).

 

واستدلوا على ذلك بما روي أن رَسُولَ اللَّهِ r خَرَجَ قِبَلَ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ فَأَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَسْتَعِيرُهُ أَدَاةً وَسِلَاحًا عِنْدَهُ، فَقَالَ صَفْوَانُ: أَطَوْعًا أَمْ كَرْهًا، فَقَالَ بَلْ طَوْعًا، فَأَعَارَهُ الْأَدَاةَ وَالسِّلَاحَ الَّذِي عِنْدَهُ ثُمَّ خَرَجَ صَفْوَانُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r وَهُوَ كَافِرٌ ، فَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَهُوَ كَافِرٌ....» موطأ مالك، حديثرقم(504)3/780.

 

وذهب المالكية والمذهب عند الحنابلة إلى عدم جواز الاستعانة بغير المسلم على غير المسلمين في حالة الحرب، واستدلوا على ذلك بما روي عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ r أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ r قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ) أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ r حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ r : جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ، وَأُصِيبَ مَعَكَ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ».

 

وجه الاستدلال: هذا الحديث صريح الدلالة في أنه لا يجوز الاستعانة بغير المسلمين في القتال، حيث رد النبيr هذا الرجل؛ لكونه غير مسلم؛ حيث قال الصنعاني في (سبل السلام): والحديث من أدلة من قال: لا يجوز الاستعانة بالمشركين في القتال.

 

ويجاب عن ذلك: بأن الأمر في ذلك متروك إلى اجتهاد الإمام، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم حينها عدم الحاجة في الاستعانة بهم، أو أن الاستعانة في ذلك الوقت كانت ممنوعة ثم رخص فيها بعد ذلك.

 

المذهب المختار: بعد عرض آراء الفقهاء في هذه المسألة وذكر بعض أدلتهم يتضح لي أن ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من جواز الاستعانة بغير المسلم على غير المسلمين في حالة الحرب، هو الأولى بالقبول، ويكون الأمر متروكاً لاجتهاد الإمام، فإن رأى الاستعانة بهم استعان وإلا فلا.

موضوعات متعلقة