الطريق
الإثنين 29 أبريل 2024 07:16 صـ 20 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

عمار الشريعي .. الأستاذ والمعلم

على قناة الهيئة الوطنية للإعلام بموقع الفيديوهات يوتيوب، وبالتحديد برنامج كرسى الاعتراف الذى كان يقدمه الإعلامى الكبير والقدير وجدى الحكيم، وفى إحدى الحلقات التى كان ضيفها الموسيقار الراحل عن دنيانا والخالد بأعماله الفنية عمار الشريعى.
عمار الشريعى فى هذه الفترة كان يرى أن الذوق العام منحدر، وأن سوق الأغانى أصبح تجاريا، وأن الجمهور أصبح لا يريد التعلم، والأغانى فى هذه الفترة لا تعتبر فنا على الإطلاق، بل وصف فنانى هذه الفترة، وهو يقصد جيل «حميد الشاعرى»، و«عمرو دياب» بالمتطفلين على الفن، ورفض أن يقارن فنانى هذا الجيل بنجاحات محمد عبدالوهاب الذى حصل على الاسطوانة البلاتينية «مرة واحدة»، بينما التاريخ يقول بأن عمرو دياب فاز بنفس الاسطوانة 5 مرات، وهو صاحب الرقم القياسى فى الشرق الأوسط.
هذه التصريحات لعمار الشريعى ترشدنا لأمر هام قد يكون غائبا عنا وعن ثقافتنا، فقطعا تصريحات الشريعى فى هذا التوقيت قد تشبه نفس التصريحات المتعالية التى يطرحها زميله حلمى بكر منذ ظهوره وحتى الآن، ولكن الفارق كبير وشاسع بين عمار الشريعى وحلمى بكر، فالشريعى لم يقف متجمدا عند هذه الآراء، بل طور من أدواته لكى يتماشى مع أسلوب العصر وقدم أغانى نجحت فى مزج المفهوم التجارى الذى يحقق الانتشار الجماهيرى مع الجودة الفنية التى يرضى الشريعى عنها، ونستطيع أن نستدل على ذلك فى أهم تجارب بدايات لطيفة «اوعى تغير» التى استخدم فيها الشريعى «التصفيق» الذى كان يرفضه فى حواره مع وجدى الحكيم، واستخدم أيضا «الدندنة» التى رفضها فى نفس الحوار، وهذا ذكاء منه يدل على أننا أمام فنان درس مزاج الجمهور فى هذا التوقيت واستطاع أن يصل إليه بما يتماشى مع منهجه الموسيقى كفنان ولم يقف متجمدا عند آرائه القديمة، وهذا هو قمة التطور والنضج الفكرى.
الشريعى أيضا لم يقدم لنا فقط درسا فى كيفية التطور والمرونة الفنية، فقد علمنا أيضا معنى الإصرار، فهو خريج آداب قسم لغة إنجليزية جامعة عين شمس، وحبه وشغفه للموسيقى جعله يدرس التأليف الموسيقى عن طريق مدرسة هادلى سكول الأمريكية لتعليم المكفوفين بالمراسلة والتحق بالأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقى ولم يتخذ أى حجج قد تعيقه عن حلمه بسبب أنه كفيف، بل إنه مع الوقت قدم لنا برنامجا نقديا موسيقيا متخصصا وهو «سهرة شريعى» على قناة دريم تحت عنوان «ازاى تشوف الموسيقى» تعبيرا عن انتصاره على إعاقته التى تمنعه من تحقيق حلمه وهدفه.
وتقريبا عمار الشريعى هو الموسيقى المصرى الوحيد الذى امتلك كل أدوات النقد الموسيقى بكافة أشكاله، فقدم لنا تحليلات لموسيقى أفلامنا ومسلسلاتنا وأغانينا التراثية والعصرية فالتف حوله محبو وعشاق الأغانى القديمة وجمهور الاغنية العصرية، وقطعا أى شخص يقوم ببرامج مراجعة الأغانى على الإذاعات أو على اليوتيوب أو على فيسبوك مدين بالفضل لبرامج عمار الشريعى التى ابتكرت هذا الشكل من البرامج قبل ظهورها بعشرات السنين.
وفى النهاية، لن نجد أفضل من الكلمات التى كتبها سيد حجاب ولحنها عمار الشريعى لعلى الحجار والتى قال فيها: «انا مش اعمى يا هوه يا خلق يا عميانين، انا قلبى ما فيه اخوه لكن زمانى ضنين، انا لا انا عاجز ضرير ولا لكل من شاف بصير، والله يا عمى القلوب لاخط بيدى المصير»، لنختم بها حديثنا عن الموسيقار الخالد عمار الشريعى.