الطريق
السبت 20 أبريل 2024 02:15 صـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

اعتذروا يرحمكم الله

سعيد محمود
سعيد محمود
لا يوجد إنسان لا يرتكب أخطاء، فكما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «كل ابن آدم خطاء.. وخير الخطائين التوابون».
ولن نتحدث هنا عن التوبة، فهى تحتاج إلى مجلدات للحديث عنها، وإنما نخص تلك المساحة لتناول فضيلة ندر أن نجد من يتمتع بها، إنها فضيلة الاعتذار.
يعتقد الكثيرون أن اعتذاره عن خطأ ما يقلل منه ويظهره فى صورة الضعيف، وفى حقيقة الأمر العكس هو الصحيح، فليس هناك أشد سيطرة عليك من نفسك، وتغلبك عليها هو القوة بعينها، وإلا لماذا وصف النبى محمد جهاد النفس بأنه أعظم من جهاد الكفار؟
إن النفس تدفعنا للمكابرة وعدم الاعتذار عما ارتكبناه فى حق الآخرين، وهناك الكثير ممن يعتبرون ذلك عزة نفس، لكن ما هى النتيجة؟
هؤلاء ليس لديهم أصدقاء، وبنسبة كبيرة هم منفصلون عن شريك حياتهم ويتجنبهم أطفالهم، فهل هذه حياة تريدها بالفعل؟
وعلى جانب آخر، تخيل أنك أخطأت فى شخص ما وتسببت له فى أذى نفسى كبير، ثم سمعت أنه مات بعدها، ما الذى ستشعر به حينها؟ وكيف ستتغلب على الندم الذى سيظل يؤرقك كلما نظرت إلى من حولك وأعينهم تتهمك بالتسبب فى موته؟
أنا لا أبالغ فيما أقول، فالخطأ قد يشعر ذلك الشخص بالغضب والحزن، وهو ما يمكن أن يصبه بأزمة صحية تودى بحياته، بينما إذا اعتذرت له عما اقترفته فى حقه قد يهدئ ذلك من روعه ويجعلك تكبر فى نظره أيضا.
أما إذا كنت أنت من كتب عليه الموت بعد الخطأ فى الغير، فكيف ستقف أمام الله وأنت ظالم لعبد من عباده؟
نعم.. فالخطأ فى الغير يعتبر ظلما، وهو ما حرمه الله على نفسه، فما بالك بك أنت؟ 
ولم يحرمه الله فقط، وإنما حذر منه رسوله الكريم فى حديثه الشريف حيث قال «اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا، فإنه ليس دونها حجاب».
فإن كنتم تستطيعون أن تقفوا أمام الله بظلمكم، فلا تعتذروا لمن أخطأتم فى حقهم، أما إن كنتم تخشون دعوة المظلوم، فاعتذروا يرحمكم الله.