الطريق
جريدة الطريق

سلطان الضاهر .. حكايات وأساطير وألغاز صاحب الكرامات «المنسى» (صور)

مقام المنسي
بوسي أبو العز -

توفى عامل وأصيب آخر عند محاولة هدمه.. والسكان: «كان مبروك وليه كرامات»

رواية تؤكد أنه غادر المنطقة ونزل فى النيل واختفى.. وأخرى: من نسل الحسين وآل البيت

على بعد عشرات المترات من مسجد الظاهر بيبرس بحى الظاهر وتحديدا بالقرب من باب الشعرية، تجد نفسك أمام مقام سيدى عبدالله بن الحسين بن على المنسى، أحد أهم أشهر مقامات الحسين وباب الشعرية، فعند المرور بشارع المنسى تجد كنيسة ومعبدا يهوديا ثم كنيسة أخرى، فى منتصف الشارع وبعد نصف كيلو تجد منزلا قديما كان لأعيان من الطائفة اليهودية ومازال مجهول الملكية حتى الان، بالإضافة إلى العديد من الأبنية والمنازل المهجورة بالحى التى أصبحت «مهجورة» وضمتها هيئة الآثار نسبة إلى اعمارها التى تجاوزت المئة وخمسين عاما، فكل شىء هنا منسى فى ذلك الشارع، حتى المارة والسكان يجهلون الكثير من حكايات كل مبنى وعقار بالشارع.

 

شارع المنسى

اسم على مسمى، يقع الضريح أو المقام وسط الشارع وتمت تسمية الشارع باسمه، مقام المنسى، هو مقام منسى بالفعل مخطوط باللون الأخضر واللون الأبيض، فلا أحد يعلم تاريخه ولا قصته إلا القليل من السكان المجاورين له، فكل ما تستطيع أن تصل إليه من معلومات تساعدك للوصول إلى تاريخه هى لوحة على جدار المقام مدون عليها عبارة «مقام سيدى عبدالله بن الحسين بن على المنسى» وعبارة أخرى مدون عليها آيات قرآنية.

عند الدخول إلى المقام تجد نفسك أمام ضريح «محمد عبدالله الحسين» المعروف بـ«المنسى»، وتجد لوحة من الرخام تضيف إلى معلوماتك أنه «مولود فى 26 شعبان سنة 68 هجريا»، وأبيات شعر، تعود الى عام 2006، كتبها الفقير الى الله تعالى محمد محمد بيومى احد مرتلى الذكر والمدح اهداء لسيدى عبدالله بن الحسين المنسى وتخليدا لذكراه، حيث تقول الابيات «أنا المنسى فى دنيا مرقى بذور الحب تنبت باختفاء ويكفينى انشغالى بذكر ربى عن الأغيار وفتون البلاء لعل الله يذكرنى بملأ وأملاك تعالت فى السماء وأُبعث محشرا بركب وفد يلاقى الله بعظيم احتفاء صلاة الله وتسليمه دوما على مهدى الخلائق بالضياء وال وصحب للشرع عونا ورمزا للتفانى والوفاء» تلك هى الكلمات التى حاول البسطاء والفقراء التعبير بها عن حبهم الشديد لآل البيت وأصحاب الكرامات.

وبالرغم من جهل المارة بتاريخه إلا أن لذلك المقام شعبية كبيرة ويلتفت إليه الجميع ينظرون إليه وطالبين كراماته وقبول دعواهم.

أساطير

ترددت بعض الأقاويل حول أن ذلك المقام يرجع لرجل من «آل البيت» كان يبحث عن منزل عمته وعمه الحسين رضى الله عنهما وارضاهم وأثناء بحثه عن منزلهم ضل طريقه ونسى مسكنهم، فسكن فى الشارع وتمت تسمية الشارع باسمه وبعد مماته أصبح الشارع منسيا ولا يعلم الكثير عنه شيئا، وهناك أقاويل أخرى حول قصه المنسى، تحكى تفاصيل مختلفة تماما مثل أن المنسى شخصية اسطورية وغامضة كان يسكن بالشارع وكان النيل يمر بالقرب من الحى، فترك المنسى كل من حوله فى مجلسه، ثم اختفى دون أن يعرف أحد أين ذهب، وقال البعض إنه نزل «البحر» القريب من الحى واختفى هناك، فنسى الجميع أين ذهب وكيف؟ فأصبح مكانه مهجورا ومنسيا، وبعد اختفائه قرروا تشييد مقام بالحى الذى سكنه ليشهد انه عاش هنا.

وثمة رواية أخرى تقول إنه من أصحاب الكرامات بسبب أن الحى قرر هدم المقام وعند البدء فى تنفيذ الهدم توفى أحد العاملين بالهدم فى نفس اليوم وبعدها بيومين أصيب عامل آخر بكسر فى ضلع من ضلوع صدره، دون أى سبب، فلكل من السكان المجاورين للمقام قصة مختلفة ومثيرة للجدل يرويها عن المقام وتاريخه.. «الطريق» ترصد قصه المنسى من أفواه سكان الحى .

يقول عم منصور صاحب نصبة شاى بجوار المقام، إن ذلك المقام نسج حوله كثير من الحكايات «كل يوم اسمع حكاية مختلفة وكل يوم أرى أشخاصا يأتون إليه من جميع المحافظات يبكون ويشتكون له دون أن يعرفوا من هو سيدى الإمام المنسى، فأنا هنا منذ ثلاثين عاما ولا اعرف عن ذلك الضريح سوى أنه لشخص صاحب كرامات وقريب للامام الحسين رضى الله عنه وارضاه، لكن اسيادنا الصالحين والمداحين قالوا بأنه هو ابن مولانا الحسين واخو سيدى على الخواص رضى الله تعالى، فهناك كبار من الزوار يقولون إن لسيدنا الحسين ستة من الرجال قد انجبهم رضى الله عنهم، منهم سيدى محمد وأنه أتى مع السيدة زينب إلى مصر وقد انتقل إلى الرفيق الأعلى بعمر الثالثة عشر عاما واشتهر عند الصالحين بالمنسى لعدم مجىء ذكره فى الكتب تذكر كثيرا عنه، بينما كلام الصالحين هو أدق الكلام لأنهم لا ينطقون الا بنطق الله لهم.

والتقط الحاج محمود الأزهرى صاحب السبعين عاما والذى يسكن بجوار المقام، طرف الحديث ليضيف أنه لا يعلم شيئا عن ذلك المقام سوى أنه رجل من آل البيت سكن هنا فى الشارع لكنه نسى ونسيت قصته ولم يحظ باهتمام كما حصل عليه آل البيت وأتى إلى هنا لزيارة عمته وعمه الحسين رضى الله عنهما وأرضاهم، وأصبح منسيا، مستطردا «هذا كل ما أعرفه عن ذلك المقام».

وعلى نفس الصعيد يقول علاء السلطان صاحب ورشة أحذية بشارع المنسى إن المنطقة تمتلئ بقبور أولياء الله الصالحين، وأضاف وهو يشير بيديه «هنا سيدى على البيومى سلطان الموحدين»، وهناك «سيدى الطشطوشى» بنهاية الشارع وعلى بعد خطوات سيدى أبوالمواهب «الشعرانى» وعلى بعد بضعة مئات من الأمتار «السيدة فاطمة النبوية» و«سيدنا الحسين بن على» رضى الله عليهم وارضاهم.

كلما اقتربت من بوابات القاهرة القديمة، ترى وليا فى كل شارع وفى كل حارة وفى كل زقاق لكن السؤال هنا: لماذا المنسى ليس شهيرا مثل والده الحسين بن على بن أبى طالب، رضى الله عنه، ولا شقيقه على زين العابدين؟

ولم ليس بشهرة عمته السيدة زينب؟ هل لأن المؤرخين لم يهتموا بكتابة تاريخه أم جاء حقا من الشام هاربا أم أنه اختفى حقا بنهر النيل ولم يعرف أحد بقصته؟.