الطريق
جريدة الطريق

جحا وحماره وقصة لا تنتهى

سعيد محمود
-

هل تذكرون قصة جحا وحماره؟

ركــب جحــا حمــاره وســار ابنــه خلفــه فاتهمــوه بقســوة القلــب، مشــى جحــا علــى قدميــه وتــرك ابنــه يركــب الحمــار فاتهمــوا الولــد بســوء الأدب، ركــب الاثنــان فاتهموهمــا بعــدم الرحمــة بالحيــوان الضعيــف، ســار الاثنــان إلــى جــوار الحمــار فســخروا منهمــا واتهموهمــا بالحماقــة.

وهنــا قــال جحــا لولــده: لــن تســتطيع إرضــاء النــاس مــا حييــت، فهــم لا يعجبهــم العجــب ولا الصيــام فــى رجــب.

رغــم قــدم القصــة ومعرفــة أغلبنــا بهــا، إلا أن الحــال لــم يتغيــر مــع النــاس، ويبــدو أنــه ســيظل هكــذا إلــى أن تقــوم الســاعة، أضــف إلــى ذلــك الظنــون وعــدم التعقــل فــى الحكــم علــى الآخريــن أيضــا.

يظنــك البعــض تعيــش «عيشــة مرتاحــة» لكونــك تعمــل فــى مجــال الصحافــة، وهــو لا يعلــم أنــك تعانــى كل شــهر أنــت ومــن يعمــل فــى هــذا المجــال، ولا يبــدو أن هنــاك أمــلا فــى تحســن الحــال لفتــرة طويلــة، بــل هــو لا يعلــم أن هنــاك بعــض الصحفييــن يأخــذون رواتبهــم بالتقســيط المرهــق جــدا.

يتهمــك البعــض بأنــك تبيــع المبــادئ والأخــلاق، وهــو لا يعلــم أنــك فــى فتــرة مــا تركــت عمــلا مريحــا ومرتبــا ضخمــا، وذهبــت لعمــل مرهــق ومرتــب أقل، كنــت تحصــل عليــه بطلــوع الــروح، لأنــك لــم ولــن تبيــع المبــادئ، أو تداهــن وتنافــق أبــدا، وتخشــى اللــه فيمــا تفعلــه.

يظنــك البعــض مــن الإخــوان، لأنــك تعتــرض علــى كل مــا هــو ســلبى فــى البلــد مــن أجــل المصلحــة العامــة، بينمــا يظنــك البعــض الآخــر «مطبلاتــى»، لأنــك تتحــدث عمــا تــراه إيجابيــا وترفــض كل محــاولات هــدم الوطــن.

أيهــا الأقربــاء والأصدقــاء والزمــلاء، إن الحيــاة لا تســتحق كل هــذا، ســينتهى بنــا المطــاف جميعــا لنقــف أمــام رب العالميــن، يــوم تجــزى كل نفــس مــا كســبت، فهــل فكرتــم يومــا وأنتــم تتهمــون هــذا وتحكمــون علــى ذاك، أن تقــرأوا وتتدبــروا قــول اللــه تعالــى فــي الآيــة رقــم 12 مــن ســورة الحجــرات:

بسم الله الرحمن الرحيم

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ"

صدق الله العظيم