الطريق
جريدة الطريق

محمد عبد الجليل يكتب: يا محافظ القليوبية متى تسمع كلام الرئيس؟

محمد عبد الجليل
-

أسئلة كثيرة دارت في ذهني وأنا أتابع كلمة الرئيس السيسي في أثناء افتتاحه مشروع "بشائر الخير" وعدد من المشروعات التنموية الأخرى، بمحافظة الأسكندرية، بخاصة عندما تطرق سيادته إلى دور المحافظين في التصدي لظاهرة الأبنية المخالفة والتعدي على أراضي الدولة، ومطالبتهم بمباشرة اختصاصاتهم بحزم، كل في نطاقه.

وباعتبار كل محافظ "رئيس دولة صغير في محافظته" بحسب تعبير الرئيس السيسي، الذي جاءت كلمته حازمة، عندما قال بمنتهى الوضوح إن الوضع الذي كان سائدا قبل 2011، والذي يقضي بالتصالح مع مخالفي بناء الأبراج السكنية والمعتدين على أراضي الدولة بعد دفعهم غرامات مالية، لم يعد مقبولا، وأن وجود آلاف المخالفات، يقتضي وجود آلاف الأشخاص المذنبين في الحبس هم وكل من عاونهم على جرائمهم بالرشوة والسكوت.

من بين هذه الأسئلة التي طرحتها على نفسي، لماذا يضطر رئيس الجمهورية بنفسه أن يتطرق إلى هذه البديهيات التي تعد من صميم عمل كل محافظ؟ ولماذا يحمل الرئيس همَّ توجيه المحافظين إلى أمور من أساسيات واجباتهم؟ وماذا ينتظر هولاء بعد غضبة الرئيس حتى يغادروا مكاتبهم المكيفة وينزلوا إلى الشوارع ويتفقدوا الأحياء ليروا الكوارث التي تهدد حياة آلاف الأشخاص؟

هجوم الرئيس السيسي على فوضى العشوائيات ومافيا رجال الأعمال من أصحاب الأبراج، ومحترفي التلاعب بالأوراق والتراخيص من أجل بناء الأدوار المخالفة، بل وبناء الأبراج السكنية المخالفة دون مراعاة قدرات البنية التحتية على التحمل، ذكرني بمحافظة القليوبية التي أعرف أنها تحولت إلى بؤرة عشوائية، وخاصة منطقة شبرا الخيمة، فلا يكاد أحد من أبناء المحافظة يرى سيادة محافظ القليوبية "اللي سايب الدنيا تضرب تقلب"، وأوكل مهامه إلى حفنة من رؤساء الأحياء ومقاولي الإشغالات، ما يفتح الباب لـ"الطرمخة" على مخالفات وجرائم التعدي على أراضي الدولة و"ضرب" تراخيص تعلية الأدوار و"شغل الشمال".

سيادة المحافظ اكتفى بشرب القهوة في مكتبه الفسيح والتنعم بهواء التكييف البارد، وأكثر ما يمكن أن يبذله من مجهود هو توقيع بعض الأوراق الروتينية، من أجل "خزي العين"، بينما ترك الرجل سماسرة الأحياء ورجال مافيا المقاولات يفرضون الرشاوى ويمنحون "صكوك" التراخيص لأصحاب العقارات، في تعدٍ لا يمكن حتى وصفه بالمخالفة، بل هو جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

ومن بين هذه الجرائم، التي لا أعلم كيف لم يرها سيادة المحافظ إلى الآن، أن يكلف نفسه ويتوجه إلى ترعة الإسماعيلية ويشاهد مهزلة قيام صاحب أحد الأراضي بإلغاء رصيف الشارع وضمه إلى أرضه على مسمع ومرأى من الجميع وفي تحدٍ صارخ!

متى ستتحرك يا معالي محافظ القليوبية؟ ماذا تريد بعد أن قال لك الرئيس "أنت رئيس دولة محافظتك"؟ ماذا تنتظر بعد أن منحكم ضوءا أخضر بوجوب مكافحة الفساد والتصدي له؟ ماذا ترغب بعد أن صار وقف التراخيص وإعادة الانضباط مرهونا بقرار منك يكون بداية تنقية الهواء من الفساد المعشش في الأحياء؟

كم من مرة استغثنا بك، وطلبنا منك أن تغادر مكتبك وتنزل إلى الشارع وتدخل عش الدبابير وتتخد قرارات بالإزالة الفورية لكل برج مخالف؟

لكن يبدو أن سيادة محافظ القليوبية يخشى على يده من "عش الدبابير"، ويؤثر السلامة على مواجهة هذه المافيا، وهنا لم يعد أمامك سوى قرار واحد أرجو أن تتمتع بالشجاعة الكافية لاتخاذه، وهو تقديم استقالتك فورا.