الطريق
جريدة الطريق

كورونا والليمونة المجنونة

سعيد محمود
-

قديما كنا نقول عندما يغضب أحدنا أو يمر بموقف صعب "هاتوا له ليمون يروق دمه".

والحقيقة أن تلك المقولة أصبحت من المأثورات المصرية، بعد وصول سعر الليمون هذه الأيام لـ 25 جنيها للكيلو، و30 جنيها في بعض المناطق، وما زال الارتفاع مستمرا.

صدق أو لا تصدق عزيزي المواطن، تلك الحبة الصفراء الحمضية أصبحت تنافس التفاح الأمريكاني في سعره، بعد أن وصل إلينا السيد كورونا المستجد بطلته غير البهية.

اقرأ أيضا: كورونا ولعنة "بيقول لك"

فما إن شاع في أوساط السوشيال ميديا والواتس اب، أن الـ"غرغة بالماء والخل والليمون" تقي من هجوم الفيروس ثقيل الظل- وهو ما ليس له أي سند علمي- إلا وانطلقت جموع المصريين الحاشدة، لاقتناص كل ما تقع أيديهم عليه من الثمار المسكينة.

وبين ليلة وضحاها، ارتفع سعر كيلو الليمون من ثمانية جنيهات، إلى 12، حتى وصل إلى 30 جنيها، وهو بالطبع ما حدث مع كل ما تصور الناس أنه من أسلحة مواجهة المحتل الفيروسي.

ناهيك عن شراهة الشراء التي فاقت ما يتمتع به "دراكيولا" نفسه، لخوفهم من تطبيق الحكومة للحظر الكلي، وتخيلهم أنهم سيعانون من نقص الطعام والشراب، لدرجة أن أحد التجار أقسم لي أن سيدة بسيطة اشترت 12 قفصا من الطماطم، متسائلا في دهشة "أين ستخزن تلك الكمية؟".

اقرأ أيضا: لعنة "الترافيك"

وفي ظل تلك الظروف الفيروسية، قادني حظي الحسن لشراء ربع كيلو ليمون، وقتها رأيت صبي الخضري ينهر الأطفال الصغار الذين يعبثون بـ"مشنة الليمون"، الـ"مشنة" نفسها التي كان الأطفال ينتهكونها هي وليمونها منذ أشهر، ولم يكن صبي الخضري ولا معلمه نفسه يحركان ساكنا، لكنه اليوم أصبح كنزا، ولن نبالغ حينما نقول أنه "ليمون يبيض ذهبا".

وأنت اليوم عزيزي المواطن، بدلا من أن تعصر ليمونة واحدة على طبق الفول في إفطارك، ستكتفي بنقطة أو اثنتين على أقصى تقدير.

اقرأ أيضا: معجزة الشيخ عامر

أكتب إليكم هذه الكلمات وأنا أشرب كوبا صغيرا من الليمون في دورة المياة، لا تتعجبون، ألم يكن أحدكم يشرب سيجارة في الخفاء بالحمام خشية أن يراه والده؟

هذا ما فعله أخوكم الفقير إلى الله، عندما "هفته نفسه" على كوب ليمون، وخشى أن تراه زوجته.