الطريق
جريدة الطريق

المعارضة بين المشاركة والمسؤولية

الدكتور نور الدين بكر
-

حقيقة لا خلاف عليها في النظم الديمقراطية، وبحثا عن مشاركة الجموع في إطار المسئولية الوطنية للحكم، ووعيا بحقيقة هامة، هي أن القرار والكلمة للأغلبية وتنصاع له الأقلية إيمانا بأني على استعداد لدفع حياتي ثمنا لتقول رأيك منزها عن الهوى والعناد والاصرار، بل القناعة بأن الفكر يقرع بالفكر والحجة تواجه بالحجة وصولا لقناعات مشتركة تحقق صالح الوطن والمواطن والمصالح العليا للبلاد.

وهنا يهمني أن أضع على بساط الحوار مجموعة من الحقائق الموضوعية التالية..

أولا: أن مفهوم المعارضة للمعارضة والاصرار على الرأي واستعراض القوى من منطق فرض الرأي والمخالفة هو تعبير عن ديكتاتورية الأقلية ومصالح شخصية ضيقة.

ثانيا: المعارضة في حقيقتها هو خلاف في الرأي والرؤيا، ومن خلال قناعات التفاعل المشترك للعقول لغة، وعلى أن تاخذ الأغلبية بوجهة نظر الأقلية في حال تقديم اقتراحات وسياسة بديلة وحلول لما يتم مناقشته من قضايا، وعلى الأقلية بعد إبداء التصور والرأي ومن خلا الحوار أن تقبل وتتبني ما تستقر عليه الأغلبية وتدافع عنه، وعيا بمفهوم المشاركة وليس المغالبة ومحاولات فرض الرأي.

ثالثا: شهدت مصر في أوائل السبعينيات وفي أعقاب انتخابات تعد الأنزه في التاريخ الحديث أجرتها حكومة ممدوح سالم، لحد أن فاز المرشح المستقل بالإسكندرية على مرشح الحكومة وزميل رئيس الوزراء في نفس الدائرة.

رابعا: أفرزت هذه الانتخابات كوكبة من المعارضة الوطنية، بمفهوم انها جزء من النظام الوطني، وشاركت مشاركة فعالة في طرح الأفكار والبدائل والحلول، ونذكر منهم: د. محمود القاضي؛ كمال احمد؛ أبو العز الحريري من الإسكندرية، والمستشار ممتاز نصار من البداري وعلوي حافظ؛ قباري عبدالله؛ محمود زينهم؛ خالد محي الدين؛ حسن عماد؛ أحمد طه؛ مصطفي كامل مراد؛ ياسين سراج الدين؛ من القاهره و البدري فرغلي ؛ محمد عثمان من بورسعيد وغيرهم مارست دورها دون استقواء وحجة بحجة ونجحت في تفعيل وتبديل كثير من السياسات والتشريعات، وكذا كان لها رأي معلن وموقف في كثير من مواقف النظام السياسية الداخلية والخارجية دون تطاول أو تأليب أو تحريض، وكانت تكريسا لسياسة ومفهوم معارضة الحكماء.

خامسا: إن وجود المعارضة الوطنية الرشيدة ضرورة لضمان وأد ديكتاتورية الرأي الواحد، وتفعيلا لمفهوم المشاركة الفعالة وإجادة، وليست معارضة مستأنسة تصنعها الأغلبية، وكأنك يا أبوزيد ما غزيت.

ختاما هي دعوة لتمكين كل الاتجاهات من المشاركة في ظل ضوابط أخلاقية وسياسية والتزام وطني، وإعمالا لمفهوم أن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ولا توجد ديقراطية القطب الواحد الذي يكلم نفسه.