الطريق
جريدة الطريق

عواجيز الفرح

د. السيد محمد راشد
-

هناك نظرية تُفسر الواقع السكاني في العالم، وتذكر أن السكان مروا بأربعة مراحل، فالمرحلة الأولى معدل النمو السكاني بها مرتفع، ومعدل الوفيات مرتفع أيضًا وناتج المحصلة صفر.. حيث إن سبب ارتفاع معدل الوفيات في الدول النامية انتشار الأمراض والأوبئة المختلفة، ونمط الحياة الذي ينتشر فيه التدخين، والتلوث المنتشر في الهواء، وفي الأطعمة الذي يتسبب في الإصابة بالعديد من الميكروبات والڤيروسات، إضافة إلى حدوث المجاعة الناجمة عن ظروف سياسية متطرفة مثل الحروب، الأمر الذي من شأنه أدى إلى زهق أرواح ملايين البشر في مختلف أنحاء العالم بالمقارنة مع زيادة عدد السكان، وأيضًا الأمراض الوبائية مثل: الكوليرا، والكورونا، بيد أن الاستجابات من قِبل الجهات الأمنية لمكافحة الجائحة هي الأفضل بالنسبة للدول النامية، إضافة إلى البقاء في المنازل سيساعد على الأرجح على إبطاء انتشار الڤيروس الأمر الذي من شأنه قد يقضي عليه تمامًا.
المرحله الثانية من النظرية وفيها انخفاض معدل الوفيات مع ثبات معدل المواليد على زيادته؛ بسبب تقدم الطب الوقائي وقدرته على الاكتشاف المبكر للأمراض ومكافحتها في مهدها، وذلك بفضل وجود مراكز الأبحاث التي ينفق عليها مليارات الجنيهات، ويعمل فيها الأكفاء من البشر تمامًا كما هو الحال في الدول المتقدمة.

برامج تنظيم الأسرة تحتاج إلى رعاية طبية حيث إنها غير موجودة بكفاءة في الدول النامية، فأدت إلى زيادة السكان؛ بسبب الآثار السلبية الناجمة عن انعدام تنظيم الأسرة، وضمها لعدد كبير من الأطفال والرضع، وما ينجم عنه من آثار سلبية على البيئة وجهود التنمية، كما أنها تقي من المخاطر الصحية التي تتعرض لها النساء جرّاء الحمل، وعلى النظير في الدول المتقدمة حيث نجحت برامج تنظيم الأسرة نجاحًا باهرًا؛ لتضمنها للأساليب الحديثة لتنظيمها، وتحديد النسل.

بسبب تزايد عدد المسنين في الدول المتقدمة أصبح اللاعبون لألعاب القوى وكرة القدم في أوروبا وأمريكا من أفريقيا.. حيث إنهم يلعبون باسم الدول الأوربية؛ لأنه لا يوجد شباب كافٍ في أوروبا لسد هذه الفجوة، غير أنهم يشعرون بالخوف الدائم بسبب تناقص أعداد الملتحقين بالجيش، فالجيش الأمريكي يضم شباب كُثُر من مختلف دول العالم بسبب قلة الشباب، غير أن الشاب في أوروبا يعول عدد كبير من المسنين، بخلاف الشاب في الدول النامية، فإنه يعول عددًا بسيطًا جدًا من المسنين.
والدول النامية يسهل عليها تكوين جيش قوي، وشباب أقوياء يمدون المصانع بقوة العمل، ومد الفرق الرياضية بالشباب القوي.

من الشيوخ مَن يستمتع ويمارس الأنشطة التي حُرم منها، وهناك من يصيبه المرض بعد التقاعد وينفق دخله على العلاج ومكافحة الأمراض.

المجتمعات تفضل الشباب على الشيوخ؛ لأن الشباب يتسمون بالقوة، والأمل، والابتكار، ومخاطره غير موجودة في مجتمع الشيوخ التي تتسم بالوقار، والاتزان، وعدم المخاطرة، والركون إلى الراحة.

شيوخ ولا مسوخ؟
يقول عليهم الشباب مسوخ محنطة أو تماثيل من فرط الركون، وقد شاهدت عبر التلفاز سباق بين شيخ ياباني تجاوز التسعين، وشاب سعودي ثلاثيني حول مضمار 3 كم، وفاز فيها الشيخ الياباني، ولم يستطع الشاب السعودي إكمال السباق.
مع الوعي والطعام والشراب الجيد يحصل ارتفاع في متوسط العمر؛ لذلك الدول المتقدمة يرتفع فيها متوسط عمر الإنسان إلى التسعين، وفي الدول النامية التي تعاني من مشاكل عديدة مثل: تلوث المياه، والطعام غير الصحي يكون متوسط العمر أقل من 60 سنة.
وللنبي، صلى الله عليه وسلم، حديث قال فيه: «أعمار أمتى ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك»؛ فاللّه، عز وجل، يضاعف الأجر على عمل الخير بسبب عمر الإنسان القصير في الدنيا، فالإنسان المسلم الحريص على الصلاة في المسجد يزداد قوة وصلابة، قد تُلاحظها في رواد المساجد بالمقارنة مع رواد المقاهي.

الشباب أمل الأمة في البناء والتنمية، وقد اهتم النبي، عليه الصلاة والسلام، بالشباب وولاهم في سن مبكرة، كـ: أسامه بن زيد الذي كان قائدًا لجيش المسلمين وتحت قيادته أبي بكر وعمر.
فمن الأحرى للشباب أن يتعلموا ويتثقفوا؛ لأن العلم هو سلاح المستقبل، والجهل هادم الحضارات ومفرق الجماعات، وأول لبنة في حائط الهزيمة.

بقلم أ.د/ السيد محمد راشد أستاذ جامعي سابق.