الطريق
جريدة الطريق

عطر خالد صالح

طارق سعد
-

قليلون في هذه الحياة من يرحلون ويتركون أثراً طيباً في النفوس، وتظل سيرتهم كتاباً مفتوحاً مع كل مرة تتصفحه تكتشف صفحات جديدة لم تلحظها من قبل.. هؤلاء يملكون مكانة خاصة في القلوب تزداد مع طول الفراق والزمن.

المبدع "خالد صالح" أحد أهم هؤلاء الندرة، فرغم مسيرته الفنية التى لا تُعتبر طويلة إلا أنك تشعر وأنه قدم للفن سنوات مضاعفة من العمر، مازالت أعماله تلمع بنفس بريقها وأحياناً أكثر .. ما زال يقفز إلى الأذهان بكل تفاصيله بمجرد أن يتردد اسمه في أي مكان وأي توقيت، ما زال "خالد صالح" حياً في قلوب الجماهير وكأنه موجوداً بينهم بالفعل للدرجة التي قد تدفعك للسؤال عنه والتشوق لعمل جديد يحمل اسمه.

قد يحتار البعض في شفرة هذا المبدع الذي لا تغيب شمسه، ففي الوسط الفني غالباً ما تنتشر سحب الدخان حول الفنانين وتلتقط كلمات من هنا وأحداث من هناك وتلميحات وغمز ولمز، وأحياناً ما يسيء للسمعة وقد يصيب الفنان إما حقيقة أو افتراءات، ولكن "الشوشرة" حاضرة باستمرار، أما "خالد صالح" في مسيرته الصغيرة عمراً فنياً الطويلة إبداعاً لم يصبه هذا ولا ذاك، وهو من الفنانين القلائل الذين أجمع الجمهور بكل فئاته وانتماءاته على حبه، وهي أكبر نعمة منحها له ربه لتظل دعواتهم المستمرة تحيطه وتحصنه عند خالقه.

خالد صالح

الحقيقة التي لا يعلمها الكثير أن "خالد صالح" بجانب طيبة قلبه ورقي أخلاقه بشهادة كل من عرفه وتعامل معه هو محب للخير بشدة وكان يقوم به بشكل مستمر، فمن أمثلة ذلك ذهابه للقرى النائية والفقيرة ليسأل عن المحتاجين والنواقص لدى أهل القرية، ويقوم بدوره الذي صنعه لنفسه في سرية تامة دون أن يعرف أحد، وأيضاً مساعدة كل المحتاجين ممن يحيطون به.. كل ذلك بينه وبين الله، ولا تعرف يسراه ما تقدمه يمناه.

ما زرعه "خالد صالح" عند الله طرح له رضاه وإرضاء عباده عليه وإلقاء محبته في قلوبهم، فرغم مرور سنوات على رحيله إلا أن في ذكراه كل عام يتجدد الحديث عنه بشغف كبير، وتُفتح صفحات جديدة من كتاب حياته عن جوانب لم يفصح عنها، ويتهافت عليه محبوه، فهو من النجوم النادرة التي ليس لها جمهور خاص بها، ولكنه معشوق الجماهير كاملة، فتحدث حالة من الفوران في ذكراه بكل ما هو حسن ومبهج، وتُغرق صوره وجُمله من أعماله مواقع التواصل الاجتماعي، وتُفتح خزينة الذكريات مع أحبابه لتشعر من حرارة الاحتفاء وكأن الرحيل كان من أيام بل من ساعات.

درس عظيم أستاذه نجم مبدع عاش محباً وقلبه العليل لسنوات طويلة كان بكامل لياقته مع الجميع بكل ود وبشاشة وإقدام على المساعدة وفعل الخير، فترك اسمه وسيرته عطراً مُركزاً فواحاً لا ينفد، ليظل بطول رحيله "خالد" بعمل "صالح".... ويبقى اسم "خالد صالح" هو "عطر خالد صالح".