الطريق
جريدة الطريق

الداخلية والعاشقات وتربية العيال في البيت!

محمد عبدالجليل
-

كل مصيبة تحصل في البلد، تصبح الشرطة مسؤولة عنها، فتاة تعشق شابا وتهرب معه، فيجري أهلها على أقرب قسم شرطة ويقولون "بنتنا اتخطفت ولازم ترجعوها"، عيل يهرب من المدرسة ويذهب ليلعب "بلاي استيشن"، تطلب وزارة التربية والتعليم من الشرطة إحضاره وانتظامه في دراسته، لم يبق لرجال الداخلية إلا أن يتركوا عملهم ويتفرغوا لتربية الأطفال في المنازل بدلا من أهلهم، في مشهد إن دل فإنما يدل على جهل شديد بوظيفة ومهام هذا الجهاز الأمني الخطير.

 

ولعل ما يفسر ذلك، الفوضى العارمة التي ضربت الشارع المصري في سنوات ما بعد 25 يناير، وكان جهاز الشرطة ضمن الأجهزة الحيوية التي أصابها ارتباك شديد، ما كان له أثر بالغ السوء على جموع الشعب المصري التي وضعت يدها على قلبها بعد أن رأت وزارة الداخلية تكاد تنهار، لكن جهازا عريقا كجهاز الشرطة المصرية له صولات وجولات ورسوخ قدم في الأزمات والاضطرابات السياسية، استطاع أن يتجاوز أزمته سريعا، ونجحت الإرادة الأمنية مجددا في فرض سيطرتها من جديد والتفرغ لملاحقة الخارجين على القانون والتصدي لفلول الإرهاب الجبان.

 

المواطن الذي يلجأ إلى جهاز الشرطة في كل صغيرة وكبيرة له حق وعذر مبرر ومفهوم، لأنه يعلم جيدا بأن النسر الأمني بجناحيه الجيش والشرطة هما درع هذا الوطن وحفظته، كما يعلم المواطن بأن بلدا بلا أمن هي خراب ودمار في الآجل والعاجل، ما يفسر لنا اليوم لجوء المواطنين للشرطة والاحتماء بوزارة الداخلية، وكل هذا مفهوم وله ألف وجه ووجه من الأسباب، ومن حق المواطن أن يستعين بشرطته ورجال أمنه إذ هم العزوة والسند له، لكن إن يصل الأمر لتحميل الشرطة فاتورة العشق الممنوع بين فتاة هربت مع شاب واختفت فاتهم أهلها رجال الأمن بالتقصير في البحث عنها بينما هي غارقة في العسل مع حبيب القلب، أو أسرة أهملت في تربية ابنها، فترك مدرسته وذهب ليلهو، أو جار "رش شوية مية" أمام شقة جاره فقامت معركة طارت فيها الرقاب، كل هذا تدفع الشرطة ثمنه وليس لها فيه ناقة ولا جمل.

 

إن "عشم" المواطن في رجال الداخلية سيظل في محله، وشعوره بأنهم عزوته وسنده وقت الشدة لن يزعزعه شيء، لكن يبدو أن البعض لا يلتفت إلى أن هذه البلاغات الكاذبة أو الإخطارات العارية عن الصحة، تشتت انتباه رجال الأمن ويحيد بهم عن مهمتهم الأولى وهي حفظ أمنك أيها المواطن، وترهق أجهزة الداخلية في مشكلات وصغائر عائلية ليس لها يد فيها، ويعطي الفرصة للمتربصين بأن يروجوا بالباطل أن مصر تعاني انفلاتا أمنيا، مع أن العكس هو الصحيح، ولن أسترسل في إثبات وقائع تدل على يقظة جهاز الشرطة وإخلاص رجاله في حفظ الأمن، ويكفيك حادث فتاة المعادي التي سحلها مجموعة من المجرمين بغرض سرقتها ما أدى إلى وفاتها، وكيف ألقت الشرطة القبض عليهم قبل مرور 24 ساعة على الحادث، وهي واقعة واحدة من آلاف الوقائع التي إن دلت فإنما تدل على تفاني أجهزة الداخلية في التصدي لكل أشكال الجريمة.

 

ممكن البعض يقولي معنى كدة إن مفيش تقصير أو تجاوزات لدى رجال الشرطة ، اقول له بلا تردد نعم هناك تجاوزات زى اى جهة أو مؤسسة في البلد، العبرة هي: هل وزارة الداخلية تحاسب ضباطها، الإجابة بكل ثقة نعم، ولذلك مقال آخر .