الطريق
جريدة الطريق

ما وراء تجربة عمرو سلامة

سارة فوزي
-

تقييمي بدون حرق لمسلسل (ما وراء الطبيعة)، أول إنتاج مصري على شبكة نيتفليكس.

(عشان المسلسل يستحق كتبت له review اللي يستحقه).

أولا فيه قواعد لقراءة هذا التقييم وهى:

قراءة الفاتحة لد/ أحمد خالد توفيق رحمه الله على كتابته لسلسلة توازي الروايات العالمية بمجال الرعب والفانتازيا.

قراءة التقييم ده على الموبايل عادي، وما تصغرش الشاشة عشان ما تحسش إنه طويل، واوعى تعمل scroll down بسرعة عشان ما تحسش إنه طويل برضه، وهات بيج ماك وبيبسي وافتح النور وشيره ووريه لكل عيلتك وخليهم يشيروه (عايزة ملايين كده).

أيا كان رأيي وتقييمي للمسلسل، أكيد المسلسل فيه بعض الحاجات اللي أتمنى مراعاتها أو تطويرها بالموسم الثاني، ولا تنتقص من العمل أو صناعه إطلاقا، بل العكس لازم كلنا نشوف المسلسل ونؤكد لNetflix إننا وراء إنتاجنا المصري بقوة، عشان تجدده لعدة مواسم وتنتج دراما مصرية أكتر.

وكمان عشان خاطر د/ أحمد خالد توفيق اللي تمنى تحويله أعماله لأفلام ومسلسلات ذات جماهيرية.

مسلسل ما وراء الطبيعة مسلسل جيد جدا، محاولة راقية لتقديم منتج درامي بصبغة عالمية مسلسل متكامل عناصره إلى حد كبير.

رفعت اسماعيل

مسلسلنا بتدور أحداثه حول د/ رفعت إسماعيل، طبيب أمراض الدم اللي بيتعرض لمجموعة من الأمور الخارقة للطبيعة خلال حقبة الستينات بمصر.. دكتور رفعت شخصية عقلانية انطوائية ساخرة ناقمة وغاضبة ومتشائمة بيرفض يصدق في البداية ما يحدث وراء الطبيعة وفي النهاية هتشوفوا هيحصل إيه..

في مجموعة من ست حلقات منفصلة متصلة، وفي مجموعة تيمات درامية عالمية، بيتحرك المسلسل في حبكة تصاعدية محكمة عشان يقدم لك حواديت من الأساطير أو الخرافات الشعبية المصرية المنفذة بتقنيات عالمية، أو متأثرة في الحقيقة بمسلسلات اتعرضت على نفس المنصة وتحديدا Haunting of Hill House و Haunting of Bly manor و Locke and Key وفيلمي Doctor Sleep و The Shining

في الواقع أنا مش متضايقة من التأثر ده لأنه صناع العمل استوحوا منه على المستوى الإخراجي والبصري بما يرفع قيمة العمل، لكنهم لم ينقلوه نقل حرفي أو ينحتوه أو يسرقوه، بالعكس إدوا ليه طعم مصري رائع حسسني إنه إحنا كمان عندنا إنتاج قوي زي الغرب، بينما لم أقبل نفس الأمر من مسلسل رمضاني خيال علمي نقل كل شئ حرفيا دون إضافة أو دون تغيير وكان بدون حبكة أصلا.

وفي البداية أحب أشيد بطاقم الإخراج ومدير التصوير اللي قدموا لنا حقيقي تجربة بصرية ممتعة على مستوى الإضاءة والتكوين بكل frame / لقطة، والأعظم بقى هى الألوان وتدرجاتها وكل العناصر البصرية والفنية غاية في العظمة، خاصة الديكور والملابس والإكسسوارات ونقل تفاصيل حقبة الستينات بجانب من الدقة، وأنا باحترم ذكاء القائمين على العمل إنهم خلوا المسلسل نسبيا داخلي عشان يخرج شوية من تفاصيل العالم الخارجي وما (يعكش) فيها حرفيا بمغالطات تاريخية واضحة.

الموسيقى التصويرية بطل بطل بطل بجد لكل الحلقات، هى اللي عملت لي المود والقلق والتوتر أكتر من تمثيل الممثلين، وأكتر من الحوار الدرامي نفسه، وفضلت المزيكا والله في ودني حرفيا طول الحلقات وبعد المسلسل.. المؤثرات الصوتية والمكساج من أعظم الحاجات أنا سمعته فعلا على سماعات (مش عشان خاطرعمرو سلامة) بس مبذول فيها جهد وفي أماكنها الصحيحة.

كنت بصراحة أتمنى إن VFX و CGI (المؤثرات البصرية والتحريك والحاجات اللي بالكمبيوتر) تكون أفضل من كده، أنا مقدرة إنه فريق مصري بالكامل وإنهم تعبوا وعلى عيني وعلى راسي والله بس، بجد كان ضعيف جدا خاصة في الحلقتين الثانية والثالثة، لدرجة إنها أثرت على المونتاج اللي حاول يعالجها، وكمان تصميم الوحوش على مدار المسلسل الحقيقة كان محتاج إعادة نظر.

بالنسبة للتمثيل، أحمد أمين ياخد Emmy award يا جماعة لو المسلسل ده كان في أمريكا، ومش ببالغ بجد، ملامحه، انفعالاته، تقلباته، لغة جسده، تغيير طبقات صوته، نظراته، حاجة مايسترو.. حاجة عالمية كأني قدام (واكين فينيكس)، أحمد أمين اختيار عكس التوقعات بس رفع سقف التوقعات، حقيقي شايل المسلسل، لولاه مكنتش كملت الحلقات، حتى طريقته في المونولوجات وأسلوبه كراوي للأحداث عبقري وجاذب للسمع كمان.

احمد امين

باقي فريق التمثيل في الشخصيات المساعدة مش أحسن اختيار، خاصة شخصية (هويدا)، الممثلة بصراحة مش بتمثل حلو ومونوتون طول الوقت، في المقابل إبداع حقيقي في شخصية (رئيفة) والممثلة اللي بتجسدها.

كمان الشخصيات اللي طلعت كضيوف شرف هما أحسن اختيار فعلا.

الأطفال كلهم تمثيلهم رائع، وكنت أفضل إعطائهم مساحة أكبر على الشاشة، لأن أي حاجة بيبقى داخل فيها أطفال بتزود جرعة التوتر والرعب عموما.

نيجي لأضعف حاجة بالمسلسل وهى الكتابة، وإلى حد ما كنا متوقعين إن الكتابة نسبيا تكون ضعيفة، لكن للأمانة هى مش سيئة تماما لكن ضعيفة في بعض الحلقات!

أنا احترمت الحبكة وطريقة السرد بflashbacks والقطع المتوازي parallel editing بين الماضي والحاضر، وبين قصة شيراز مع قصص الماورائيات اللي ماشية طول الحلقات، وبارفع القبعة لفريق الكتابة في الحلقات الأولى والخامسة والأخيرة، اللي كانوا استثنائيين لكن حقيقي التانية والتالتة والرابعة ضعاف جدا.

أقوى حاجة في الكتابة هى مونولوجات د/ رفعت إسماعيل (لما بيكلم نفسه)، لأنها مأخوذة بالنص من سلسلة الروايات، وأضعف حاجة في الكتابة هى حوارات د/ رفعت مع أغلب الشخصيات المساعدة.

لكن يُحسب لفريق الكتابة برضه موازنة الدراما بالتوتر والرعب والفانتازيا.. الخطوط الدرامية الخاصة بأسرته وبعلاقته الرومانسية سواء مع هويدا أو ماجي كانت مكتوبة حلوة، بس في نفس الوقت مش متمهد لها حلو، يعني مثلا علاقته بأخوه رضا كان لازم يكون فيها دراما أكتر، لكن القفزات الدرامية غير المبررة دي بدعوى إن عايز اعمل إيقاع سريع مش حلوة بصراحة، وما خلتنيش أتأثر في جوانب درامية المفروض فعلا أتأثر فيها.

كنت محتاجة فلاشباك شوية لعلاقته بماجي قديما.. مناوشات كده بين ماجي وهويدا مفيش الكلام ده!

مشكلتي مع الكتابة هى تركيزها على رفعت إسماعيل تماما لدرجة إنه لازم هو يتحرك عشان الباقي يتحرك ولازم هو يتكلم عشان الباقي يرد.

مشكلة المسلسل كمان إنه مفيهوش شخصية بيسموها في أمريكا كده sidekick (الشخصية المساعدة المساندة)، اللي مع رفعت بتحرك معاه برضه الأحداث وبتسنده وبتناكف معاه وبترمي وتعلي معاه في القفشات والإيفهات، مع إنهم كانوا ممكن ياخدوها من الراوية وهى شخصية (عزت).

وما حبتش بصراحة لزقة (ماجي) والصدف المفتعلة إنها دايما موجودة مع رفعت وقت ما بتحصل الكارثة، اللي هو اسمي ماجي.. ومعاك يا رفعت هاجي!

وأكتر حاجة ضايقتني هو دمج كلمات فصحى جدا بعامية جدا بنفس الجملة الحوارية، ما هو يا تمشي عامية يا تمشي فصحى عشان ما يبانش إنه كلام متسمع أو مُلقَن أو بيقرأ من الرواية!

لكن كل ده لا يمنع أبدا إن المسلسل نقلة كبيرة في دراما الرعب المصري وفي دراما تقدر تتطور لمنافسة إنتاج عالمي.

لا يمنع إن نيتفليكس تجدده لمواسم تانية كتيرة وتكون مثلا 10 حلقات كده لكل موسم.

لا يمنع إن عمرو سلامة يستعين بخبرات مخرج مخضرم جدا زي مروان حامد.

لا يمنع أهمية تطوير السيناريو والمؤثرات البصرية.

لا يمنع وجود موسم ثاني في منتهى القوة والإبهار مع دخول شخصية رئيسية قوية اتمهد لها في الحلقة الأخيرة بالموسم الأول.

ولا يمنع إن نشوف معالجة تليفزيونية لسلسلة رجل المستحيل لد/ نبيل فاروق وباقي روايات د/ أحمد خالد توفيق بتتحول لأعمال درامية رائعة على نيتفليكس أو غيرها.

مسلسل بسطني وأنا باتفرج عليه وبسطني وأنا باكتب عنه بفخر.

شكرا لد/ أحمد خالد توفيق وطيب الله ثراه.

شكرا نيتفليكس وشكرا لكل صناع العمل خلف وأمام الكاميرات.