الطريق
جريدة الطريق

وليد محمد يكتب: برهان ربه

-

في معرض السرد القرآني لقصة نبي الله يوسف -عليه السلام- وردت الآية الكريمة "ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " ،وقد يلتبس الأمر على معظمنا في فهم هذه الآية ، فمن المعلوم أن امرأة العزيز همت بيوسف عليه السلام لتوقعه في الفاحشة فاستعصم ولاذ بالفرار فقدت قميصه من دبر .. إلي نهاية القصة .

وقد يلتبس الأمر علي المتلقي في فهم "وهم بها " بعد "همت به "، فنبي الله يوسف لم يقع في فخ الفاحشة الذي نصب له أبدا ، فما معنى ذلك؟.. سنتناول الآية من الزاوية اللغوية والنحوية فقط ، ونحاول فهمها .

"ولقد همت به " إلي هنا جملة خبرية تامة تفيد بأن امرأة العزيز همت بفعل الفاحشة بيوسف عليه السلام .أما نصف الآية الآخر "وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " فمنعاها -بمقياس النحو- أنه لم يهم أبدا ، فكيف ذلك؟.. "لولا" هى حرف امتناع لوجود ، أي امتناع حدوث أمر لوجود أمر آخر يمنع حدوثه ، وما بعد لولا يعرب مبتدأ، وخبره محذوف تقديره "موجود ".
مثال :
-لولا أخوه كنت ضربته .
ومعني الجملة لولا أخوه موجود كنت ضربته ، فالذي منعه من الضرب هو وجود أخيه ، ففي حقيقة الأمر أن الضرب لم يتم ، ويجوز التقديم والتأخير في الجملة فنقول : كنت ضربته لولا أخوه .
- لولا الدين هلكت الأمة .
فلولا وجود الدين هلكت الأمة ،فالذي منع هلاكها هو وجود الدين ، ولو قدمنا وأخرنا تصبح الجملة " هلكت الأمة لولا الدين " وهو نفس المعنى.
- "قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ " أي لولا دعاؤكم موجود .
لذلك في قوله تعالي :"وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " لولا : حرف امتناع لوجود، أي بسبب وجود برهان ربه امتنع عن الهم بالفاحشة ، أي لولا برهان ربه موجود لهم بها لكنه لم يفعل، ويتضح المعنى أكثر لو قرأنا الآية بالتقديم والتأخير، ولعلمنا طبقا لقاعدة "لولا" أنه -عليه السلام- لم يهم بها من الأساس .