الطريق
جريدة الطريق

مقال… الرواية بين مُتنفَّس الصحافة ووهج السينما

الكاتب خليل الزيني
خليل الزيني -

في ذاكرتنا عديد من الأفلام، وبداية من البوسطجي وثلاثية نجيب محفوظ، مرورًا بشجرة اللبلاب، ستجد تواصلًا بين السينما والإبداع والروائي، وصولًا إلى الصحافة التي هي حلقة الوصل والمَعبر الذي مضى عليه المبدعين للوصول إلى الجمهور من جانب، ومن جانب آخر رفع مستوى ثقافة المتلقي أو الحفاظ على مستوى الإدراك على الأقل.

إنك عندما تراجع تاريخ نشر عديد من الروايات، ستجدها نُشرت مسلسلة في جريدة ما، وما إن يُتم الكاتب النص حتى تتهافت دور النشر عليه، وما إن تصدر في كتاب حتى تجد الجمهور يرحب ويحتفى بها.

بل إن النشر الصحفي للرواية قدم جيلًا من الكُتاب الجدد غير المهتم بالفكر الربحي، وأوصلت فكره وقلمه إلى دائرة الضوء، وقدمته إلى الوسط الثقافي دون أي تأثر باتجاه الكاتب وقناعاته، لا يقودها في ذلك إلا جماليات النص وتميزه وتماشيه مع الغالبية العظمى من الشعب.

ومن جلال هذا النشر كانت السينما إحدى دوائر الضوء المهمة التي يدخلها المبدع بعد النشر الصحفي، إذ تتخذ من بعض النصوص منطلقًا للإبداع السينمائي عبر إنتاج هادف متذوق للأدب، يرى الكلمة المطبوعة متحركة نابضة.

والسينما أيضًا كانت داعمة للأدب المكتوب، فقدمت نصوصًا تحوَّل أصحابها إلى مبدعين كبار أصحاب أقلام في ما بعد، حتى أفلامهم التي قدمتهم تحولت إلى نصوص ورقية، سعى الناس إليها أيضًا.

أما الآن فنرى إنتاجًا ورقيًا غزيرًا فلا تسعى السينما إلا إلى النزر اليسير -ربما يكون أحد الأسباب أن كتّاب الروايات يصرّون على كتابة السيناريو والحوار لنصوصهم- وعلى الناحية الأخرى نرى أصحاب القدرة على كتابة السيناريو يصرون على دخول الساحة كمبدعين وكُتاب روايات، ويلحقوا بتورتة النشر المنفوخة على فراغ!

وإلى أن يعود الصحفي المبدع الملهم خبير الاقتصاد إلى الساحة، ستظل الفنون الإبداعية عبئًا على المجلات والصحف، لكنها ترى في نشر الإعلانات داعمًا ماليًا يستر نفقات المنشأة الإعلامية.

إنها معادلة صعبة جدًا، وليس لها من حل إلا أن تعود الصحافة لتتعاون وتتكامل مع كل الجهات من أجل إبداع يسمو بالذوق العام وفن راق ممتع للجميع.

للتواصل مع الكاتب