الطريق
جريدة الطريق

قضبان لا تشرب الدم.. 5 حوادث في أقل من شهر والنزيف لا يتوقف في السكة الحديد

قطار بنها
عبدالرحمن قناوي -

هل توقف الإطاحة بأشرف رسلان من رئاسة الهيئة كوارث القطارات؟

القضبان مخصبة بالدماء والقطارات تواصل العصيان

خبراء يحددون الأسباب ويضعون روشتة الحل: العنصر البشري سبب الكوارث واعتمدوا على التكنولوجيا

نزيف مستمر لا يتوقف لحوادث القطارات في مصر، ففي الوقت الذي تحاول فيه الدولة الانطلاق للأمام والسير نحو التنمية الشاملة، تأبى قضبان السكك الحديدية وعربات القطارات والمزلقانات والتحويلات إلا أن تكون عائقًا، فالقضبان لا تتحمل القطارات، والعربات لا تطيق أن تسير في طريقها متحدة متصلة، فتنفصل عن بعضها وتخرج عن إطارها المرسوم وتنقلب مخلفةً ضحايا ومصابين لا تتوقف دماؤهم عن السريان فوق خطوط السكك الحديدية، ولا سبيل لإيقاف تلك الحوادث أو صمة طريقة تبدو في الأفق للحل.

الفترة الأخيرة ومنذ نهاية شهر مارس الماضي، خلال فترة أقل من الشهر، كانت خطوط السكك الحديدة لا تتوقف عن استقبال حوادث القطارات، فبمجرد أن يسود هدوء قليل ويقل الحديث عن حادث قطارإلا وفاجأ قطارٌ آخر الجميع بالحيد عن مساره أو صدم قطارٍ آخر، وكان آخرها ما شهدته مدينة بنها من انقلاب قطار "القاهرة-المنصورة".

26 مارس.. حادث قطاري سوهاج

في صباح يوم الجمعة 26 مارس من العام الجاري، شهدت مصر حادثا مفجعا، باصطدام قطارين في محطة سكة حديد قرية الصوامعة غرب مركز طهطا بمحافظة سوهاج، مما أدى لوقوع 199 إصابة و20 حالة وفاة، في واقعة مأساوية، عرفت إعلاميًا بواقعة «قطاري سوهاج».

وأعلنت النيابة العامة مؤخرًا نتائج التحقيقات في الواقعة، كاشفة عن توقف «القطار المميز» قبل مزلقان «السنوسي» ما بين محطتي سكة حديد «المراغة»، و«طهطا» لعدة دقائق، ثم تحرك متجاوزا المزلقان، وتوقف مرة أخرى حتى قدوم «القطار الإسباني» من محطة سكة حديد «سوهاج»، واصطدامه بالقطار المتوقف، فوقع الحادث الذي أسفر، عن وفاة 20 شخصًا، وإصابة 199، ونتج عنه تلفيات بالقطارين بلغت قيمتها 25 مليونا و890 ألفًا و583 جنيه.

2 أبريل.. قطار القاهرة- أسوان

لم يكد الحديث عن «قطاري سوهاج» يفت قليلا، حتى حدثت واقعة انفصال 6 عربات من قطار النوم رقم 82- المتجه من القاهرة إلى محافظة أسوان، فجر يوم الجمعة 2 أبريل الجاري، عند قرية «منقباد» بمحافظة أسيوط، ولم يسفر عن أية إصابات- نتيجة حدوث كسر بالقاطرة التي تقطر العربات ببعضها خلال رحلة القطار.

15 أبريل.. خروج عربتين عن القضبان عند منيا القمح

ومر نحو أسبوعين بلا حوادث قطارات، حتى جاء يوم 15 إبريل، حين وقع حادث القطار رقم 939 المتوجه من القاهرة إلى الدقهلية، بنطاق مركز منيا القمح، وأشارت تحقيقات النيابة وقوع الحادث بخروج العربتين الخامسة والسادسة من القطار عن قضبان السكة الحديدية لمسافة نحو ثمانين مترًا، قُبيل وصوله إلى محطة سكة حديد منيا القمح؛ وذلك لتجاوز القطار السرعة المقررة -وهي ثمانية كيلومترات في الساعة- بمنطقة أعمال الإصلاحات والتطوير الجارية في المساحة ما بين محطتي بنها ومنيا القمح، ما أسفر عن إصابة أربعة عشر شخصًا من مستقلي القطار، وأحد العاملين في الإصلاحات، حسب البيانات الرسمية لوزارة الصحة والسكان.

وتوصلت التحقيقات إلى أن الأخطاء أسفرت عن مرور القطار بمنطقة الإصلاحات والتطوير المشار إليها بسرعة تجاوز السرعة المقررة مما أدى إلى خروج العربتين من القطار عن قضبان السكة الحديدية ووقع الحادث، وجارٍ استكمال التحقيقات.

17 أبريل.. انفصال عربتَي قطار الإسكندرية الأقصر

وبعد يومين فقط، في 17 أبريل الجاري، أنقذت العناية الإلهية ركاب القطار القادم من الإسكندرية إلى الأقصر من كارثة محققة، عقب انفصال عربتين من القطار بالقرب من محطة قطارات بني سويف، وتلقت مديرية أمن بني سويف إخطارًا من شرطة النقل والمواصلات، بانفصال عربتين من القطار رقم 158 ركاب، القادم من الإسكندرية إلى الأقصر، بمدخل محطة قطارات المحافظة.

18 أبريل.. حادث قطار بنها

وفي اليوم التالي، في 18 أبريل، شهدت منطقة سندنهور، التابعة لمحافظة القليوبية، اليوم الأحد، حادث خروج عجلات قطار 949 القاهرة – المنصورة عن القضبان، مما أدى لانفصال عربتين عن القطار وأسفر عن وقوع ضحايا حدوث وفيات ومصابين.

وأعلنت الهيئة القومية لسكك حديد مصر أنه أثناء مرور قطار 949/ 3209 سياحى المتجه من القاهرة الي المنصوره وفي تمام الساعة 13:54 سقطت عدد 4 عربات من القطار بمدخل محطة سندنهور، وهو الحادث الذي أسفر عن وفاة 11 وإصابة 98 آخرين، وفق إحصاء وزارة الصحة والسكان.

أسباب الحوادث

حسن المهدي، أستاذ النقل والطرق، قال إن الحكومة بدأت خطة متكاملة لتطوير السكك الحديدة ورفع كفاءة العاملين بها على مدار السنوات الماضية، ومن المفترض أن يتم الانتهاء من الخطة خلال شهر ديسمبر من العام الجاري.

وأضاف خلال حديثه لـ«الطريق» أن منظومة النقل في مصر عانت بسبب إهمال أعمال الصيانة على مدار أكثر من 40 عاما، وهو ما تسبب في حدوث مشكلات وأزمات يجري العمل على حلها خلال الوقت الجاري بتطوير السكك الحديدية والقطارات، والدفع بمنظومة العمل الإلكتروني وتقليل الاعتماد على العنصر البشري، خاصة في المزلقانات، مع وضع برامج تأهيل وتدريب للعاملين بالهيئة بالتعاون مع شركات عالمية من فرنسا والمجر وألمانيا، وهى الشركات التي أبرمت تعاقدات مع مصر مؤخرا في مجال القطارات والسكك الحديدية.

اقرأ أيضا: كامل الوزير: تأهيل العنصر البشري في مقدمة أولويات وزارة النقل

وتابع أن خطوط السكة الحديد في مصر ثاني أقدم الخطوط على مستوى العالم بعد البريطانية، حيث جرى تدشينها عام 1854، لكنها شهدت العديد من الأزمات على مدار السنين بسبب غياب الصيانة والتحديث، وهو ما تعمل الحكومة الحالية على تغييره، مشددا على أن التطوير ليس سهلا، ولابد من سياق الزمن من أجل الانتهاء منه في الموعد المحدد.

طريقة الحل

وفي الإطار نفسه، حدد استشاري الطرق والنقل الدولي عماد نبيل، طرق حل الأزمة وتجنب حوادث القطارات، داعيا إلى ضرورة ألا تصيب هذه الأحداث القائمين على ملف التطوير بالإحباط، مشيرا إلى أن أسباب الحوادث تعود لمشكلات متراكمة على مدى سنوات، وأن استراتيجية التطوير تعتمد على محورين أساسيين، الأول تفعيل منظومة النقل الجديدة التي تعمل بشكل إلكتروني وتقلل الاعتماد على العنصر البشري بشكل كبير.

وأضاف في حديثه مع «الطريق» أن المحور الثاني للتطوير قائم على تأهيل ودعم كفاءة العاملين بهيئة السكك الحديدية للتعامل مع تلك المنظومة، والمهم تأهيلهم للتعامل مع الأزمات وتفادي حدوث مشكلات أو حوادث، مشيرا إلى أن الوزارة بدأت عملية التدريب، كما أعلنت عن حاجتها لتوظيف طواقم جديدة من حاملي شهادات الهندسة ونظم المعلومات والتكنولوجيا، كما أن رفع كفاءة العنصر البشري من أهم محاور التطوير.

رأس رسلان

دون مقدمات أعلن الفريق المهندس كامل الوزير، وزير النقل، عن استقالة المهندس أشرف رسلان، رئيس هيئة السكة الحديد، من منصبه لظروف صحية، مشيرا إلى أنّ العمل بالهيئة يسير بصورة منتظمة، ولا يوجد أي معوقات أو أزمات.

وقال الوزير إنّ الوزارة ستعمل خلال الفترة المقبلة على تطوير وتحديث منظومة السكة الحديد، لتقليل حوادث القطارات، وتقديم خدمات مميزة لجمهور الركاب المسافرين، موضحا أنّ حركة مسير القطارات منتظمة، تزامنا مع ثامن أيام شهر رمضان المبارك.

ويتفق الجميع أن استقالة رسلان جاءت ضمن محاولات السيطرة على الغضب الشعبي نتيجة تكرار حوادث السكة الحديد الدامية.