الطريق
جريدة الطريق

عبد العزيز مخيون: فن التمثيل يمر بأسوأ فتراته.. وفكرت في العمل بالخارج (حوار)

عبد العزيز مخيون
حوار -منى عبد السلام -

*أرفض كثير من الأعمال لأن ما يُعرض عليّ أقل من طاقتي وإمكانياتي الفنية

*اعتذرت عن المشاركة في 7 أعمال في رمضان لأن ما عُرض عليّ لا يستحق التضحية

*رمضان شهر صوم وعبادة ومصطلح السباق الرمضاني خاطئ

*لم أقصد محمد رمضان من منشور هجومي على حال التمثيل والممثلين

*عوامل نجاح الفنان في مصر تحكمها الأمور الشخصية والمسائل التحتية

*أصحاب المواهب المحدودة يحصلون على أدوار بطولة

*المهرجانات الفنية تديرها الأمور الشخصية

*لهذا السبب شعرت بالحزن من عدم ترشيحي للمشاركة في "ما وراء الطبيعة"

*لم أفكر نهائيًا في اعتزال التمثيل.. والعمل خارج مصر فكرة تراودني

يعد الفنان عبد العزيز مخيون واحدًا من عمالقة التمثيل، يمتلك كاريزما وموهبة استثنائية وأداء مميز، ويلعب في منطقة مختلفة لا ينافسه فيها أحد، لا يهتم بالكم ولكنه يختار أدواره بعناية شديدة، تألق في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، بالكثير من الأدوار والأعمال الهامة التي كتبت اسمه في سجل المبدعين ووضعته في مصاف النجوم الكبار.

وفي حوار خاص لـ"الطريق" يكشف عبد العزيز مخيون عن رأيه في حال فن التمثيل في مصر، وما وصل إليه، وما يقصده من المنشور الذي كتبه مؤخرًا وهاجم فيه بعض الممثلين الذين لم يذكر أسمائهم واصفًا أنهم ينشرون قذوراتهم على قمة المجتمع، وسبب رفضه كثير من الأعمال التي تُعرض عليه، وغيرها من الأمور وإلى نص الحوار:

*بداية، لماذا لم تشارك في السباق الرمضاني هذا العام؟

في البداية أعترض على مصطلح "السباق الرمضاني" لأن رمضان شهر صوم وعبادة وأذان، وإن كان يُذاع فيه بعض المسلسلات من أجل الترفيه فهذا حق مشروع ولا مانع في ذلك، لكن لا ينبغي أن يُطلق على المسلسلات الدرامية في رمضان مصطلح السباق الرمضاني.

ولم أشارك في موسم رمضان على الرغم من أنه عُرض عليّ نحو سبعة أعمال، بسبب محاولات "ترخيص" الفنان، وعدم تقديره كقيمة وتاريخ، بالإضافة إلى أن ما عُرض عليّ متوسط من ناحية الكتابة وذلك رأيي مع الإنصاف، فلا يستحق أي تضحية مني كفنان، لذلك فضّلت الاعتذار، كما أنني شعرت بالاستياء من طريقة الاتفاق للمشاركة في العمل، فقد عُرضت الأعمال عليّ بإرسال أحد موظفي مدير الإنتاج، وهذه الطريقة لا تتناسب نهائيًا مع قيمة فنان كبير.

*مؤخرًا، كتبتَ منشورًا هاجمت فيه بعض الممثلين، هل ترى أن بعضهم أساء للمهنة؟ وهل قصدت محمد رمضان؟

لم أقصد أحدًا بعينه، ولكنني تحدثت عن حال فن التمثيل في مصر، وما وصل إليه، لأنه أصبح ذا تأثير قوي في سلوك الناس وأخلاقهم وآرائهم والقيم التي يؤمنون بها، كما أن له تأثيرًا اجتماعيًا قويًا، والممثل المعروف له ظل خارج الشاشة من ناحية آرائه وسلوكياته، وحالة التمثيل في مصر وصلت إلى مستوى من التدني في السلوك والأقوال، ولم يكن فن التمثيل له كل هذا التأثير السلبي المستفز للمجتمع في أي عصر من العصور.

*في رأيك، كيف اختلف الوسط الفني في جيلك عن الجيل الحاليّ؟

نحن نمر بأسوأ فترة مر بها فن التمثيل والدراما التليفزيونية والسينما بشكل عام، إذ نرى ممثلين أصحاب مواهب محدودة ومع ذلك تُفرد لهم مساحات وأدوار بطولة وأجور عالية لا يستحقونها، وهذا راجع للحالة الاقتصادية والاجتماعية التي يمرّ بها المجتمع المصري الآن.

وبالحديث عن ذلك نحتاج إلى أن نُمعن النظر في زمن آخر تسمونه "الزمن الجميل" على سبيل المثال لا الحصر، كان فيه يوسف وهبي وسليمان نجيب واللذان كانا يحملان رتبة "البكويّة"، إضافة إلى شكري سرحان وكمال الشناوي وزكي رستم وحسين رياض وعبد الوارث عسر، وغيرهم. مستوى آخر، مستوى رفيع جدًا.

*مع استيائك من بعض الممثلين بحسب منشورك، هل فكرت في الاعتزال؟

في البداية، دعيني أن أوضّح لك أن استيائي ليس من الممثلين، لكن من الحالة الإنتاجية والفوضى فيها، والاحتكار وسوء التقدير، لأن هناك دخلاء على العملية الفنية، وبالتأكيد سوف يسيئون للنجوم الكبار، إضافة إلى هبوط مستوى الكتابة وتواضعها بشكل كبير، أما في ما يخصّ تفكيري في الاعتزال، فأنا لم أفكر نهائيًا في ذلك، لكنني فكرت في العمل خارج مصر.

*لماذا تفكر في العمل خارج مصر؟

نهاية العام الماضي، كُرِّمت من أقدم وأعرق مهرجانات السينما في العالم العربي، مهرجان "أيام قرطاج السينمائية"، ولمست التقدير الكبير والحب الذي أحظى به في العالم العربي، وأرى أن الدراما التليفزيونية تقدَّمت جدًا في العالم العربي وتجاوزت مصر بريادتها، حتى في السينما، هناك أعمال في السينما المغربية والتونسية والسورية تتفوق على كثير من أعمالنا.

*هل تشعر بالاستياء من عدم تكريمك في مصر؟

لا أشعر بالاستياء من عدم تكريمي في مصر، لأنني أُكرَّم يوميًا من الجمهور ولا أنتظر أي تكريم من أي جهة، وهذا لا يحزنني على الإطلاق، فتكريمي أناله كل يوم وكل لحظة من الجمهور داخل أو خارج مصر، وقد كُرّمت هذا العام، كما ذكرت، من مهرجان "أيام قرطاج السينمائية"، وسأُكرَّم في المركز الكاثوليكي شهر يونيو المُقبل.

ما رأيك في المهرجانات الفنية في مصر؟

بالنسبة للمهرجانات الفنية فبكل أسف تديرها الأمور الشخصية، وتتميز بسوء التنظيم، كما أن هناك بعض المهرجانات السياحية والترفيهية تكون أشبه بعروض الأزياء، وتغلب عليها "الشخصنة" وهو داء قاتل حتى في العمل الفني نفسه، ويؤدي إلى قتل الإبداع والتقدم والتطوّر وكل شيء، إلا بعض المهرجانات التي يقيمها محبو الفن السينمائي، مثل مهرجان السينما الإفريقية في الأقصر وبعض المهرجانات الصغيرة، لأن المنظمين لهم نواياهم طيبة.

*هل شعرت بالغضب من عدم ترشيحك للمشاركة في مسلسل ما وراء الطبيعة؟ وما رأيك في أداء أحمد أمين؟

شعرت بالاستياء لأنه كان هناك اتصال بيني وبين الراحل أحمد خالد توفيق، كما أن له تصريحات متكررة عن ترشيحي للدور، والجمهور أيضًا رشَّحني لأداء الشخصية، لدرجة أن بعضهم صمَّم صورة لي وأنا أحمل فانوسًا في الظلام، تصورًا لشخصيتي في المسلسل، وللأسف لم أشاهد العمل، ولم أعرف الفنان أحمد أمين، وليست لديّ فكرة عن أدائه التمثيلي.

والسبب الرئيسي لحزني تقديري الشديد لكتابات وشخص أحمد خالد توفيق، وكنت أتمنى أن تكون لي تجربة أو مشاركة في عمل من أعماله، وإن شاء الله يتم هذا مستقبلًا، لأنني أقدر هذا الرجل بشكل كبير وأحبه بشدة.

*بعض النجوم الكبار صرحوا أنهم يعانوا من تجاهل المخرجين والمنتجين لهم، هل تعاني من ذلك أيضًا؟

الحمد لله لا أعاني من ذلك، حيث وردت عليّ أعمال كثيرة، لكن المشكلة أن ما يُعرض عليّ أقل من طاقتي وإمكانياتي الفنية، وليست على مستوى موهبتي أو تاريخي أو إبداعي الفني، والفنان يعمل حتى يطور من نفسه ويُبدع ويُظهر الجديد لديه ويفاجيء الجمهور بإمكانياته، مثلما حدث معي في مسلسل "الكبريت الأحمر" إذ أن الجمهور رأى مني إمكانيات ومساحات من الإبداع لم يكن يعرفها عني، وهذا بفضل الدكتور عصام الشماع وخيري بشارة، وهي إحدى الميزات التي من المفترض أن يتحلى بها المخرجين والمؤلفين، وهي ميزة الاستكشاف من خلال اكتشاف إمكانيات الممثل وإخراج طاقاته الفنية.

*هل ترى أن أرائك السياسية أضرت بعملك الفني، ولو عاد بك الزمن ماذا كنت ستغير؟

نعم، ربما قد تكون أضرت لأننا في مجمتع لا يتحمل الرأي الآخر ولا يحب المختلف، ومجمتع بهذه الصورة لا يرحب بالاختلاف فمن الطبيعي أن يحدث خسائر، لكن قناعاتي لا تتغير بل على العكس إيماني بها يزداد يومًا بعد يوم، لكنني وجدت أنه من الأفضل أن أركز على عملي الفني، وأن لا يكون لي مشاركات سياسية من أي نوع.

*قلت أنك كنت مخطئًا عندما راهنت على الموهبة فقط.. برأيك ماذا يحتاج الفنان حتى ينجح؟

هذا السؤال يحمل شقين مختلفين، فعوامل النجاح في مصر تختلف عن عوامل النجاح بشكل مطلق، ففي مصر هناك عوامل تحكم المجتمع ولا تتغير وهي، العامل الشخصي والشخصنة وهي عوامل حاسمة ومهمة، بالإضافة إلى فن العلاقات العامة والاتصالات والمسائل التحتية والسرية فإن هذه المسائل هي التي تنجح، أما في المطلق، فإن الجدية والدراسة والمعرفة باللغات الأوربية والموهبة في الأساس وصقلها والتدريب والتفكير والاطلاع والإلمام والتأمل كلها شروط أساسية لنجاح الفنان، وكل هذا ربما يصبح بلا جدوى ولا قيمة إذا كان الأمر في مصر، وفي النهاية هذا النجاح غير الحقيقي لا يعيش لكن يبقى فقاعة اجتماعية لفترة ويُنسى سريعًا بمرور الوقت.

*هل ترى أنك قدمت ما تمنيته؟ أم لديك مزيدًا من الأحلام والأعمال التي تود تقديمها؟

دائمًا لا يكتفي الفنان ولا يرضى تمامًا عن ما قدمه، وأنا قدمت أعمالًا نجحت وحققت انتشارًا وهذه الأعمال معروفة، وآخر ما أعتز به مسلسلي "الجماعة" و"الكبريت الأحمر" بجزئيه الأول والثاني، ودومًا يحلم الفنان بتقديم شخصيات وأعمال ولكن الظروف الإنتاجية لا تساعد ولا تقدم ما يُرضي هذه الأحلام.

مثلًا هناك شخصيات كنت أحلم بتقديمها ويمر الزمن دون أن يتحقق هذا الحلم، مثل شخصية الشهيد عبد القادر الحسيني في فلسطين، والدكتور جمال حمدان، وشخصية الموسيقار محمد عبد الوهاب التي قدمتها في أكثر من عمل لكن كنت أحلم أن أقدمها في مسلسل مخصص لها، وهناك أعمالًا في الأدب الروائي المصري والعربي أتمنى أن أقدمها، فهناك كثيرًا من الأعمال الروائية التي تنال إعجابي الشديد، مثل أعمال الأديب الراحل محمد عبد الحليم عبد الله لما له من أعمال رائعة، وأعمال خيري شلبي وأعمال إبراهيم عبد المجيد وغيرهم من الأدباء المعاصرين، وبشكل عام الأدب الروائي المصري كنز للدراما التلفزيونية ولكن لا أحد ينظر إليه.

*كيف تختار أدوارك، وما الأدوار التي ترفض أن تقدمها؟

كنت حريصًا بشكل دائم على اختيار أدواري والتدقيق فيما يعرض علي، واستطيع أن أقول أنني أحسنت الاختيار، وهو ما يلمسه جمهوري في كل مكان، ولهذا لم أجد ما أندم على تقديمه.

*انسحبت من بعض الأدوار مثل مشاركتك في فيلم "الكرنك".. ما أكثر عمل ندمت على رفضه؟

لم انسحب من فيلم "الكرنك"، لكن كانت هناك ظروفًا قاسية وصعبة لم استطع التعامل معها كانت السبب في أنني لم أكمل دوري في العمل، لأنني كنت مرتبطًا بتصوير مسلسل "ليالي الحصاد" في دبي وسافرت لتصويره وامتد التصوير لفترة وحينما حان وقت استئناف العمل لم أكن موجودًا في القاهرة، لذا اضطر القائمين على العمل إجراء تعديلات، فتوقفت ولم تكتمل الشخصية وظهرت في مشهد واحد كنت قد صورته، وهذا الموقف أشعر بالأسف تجاه، ولن انساه ما حييت.

اقرأ أيضًا: سميحة أيوب: ”الطاووس” عمل نظيف.. وهناك أعمالًا يُندي لها الجبين (حوار)

وهناك عمل آخر لم أتمكن من المشاركة فيه وهو مسلسل إنجليزي بريطاني من إنتاج bbc، اسمه "أقدار الحرب" كنت أقف أمام الممثلة العالمية الحاصلة على الأوسكار إيما تومسون، وكان فريق العمل في القاهرة وأجريت معهم بروفات، وتعرفت على المخرج والممثلة العالمية، وفي ذلك الوقت كنت أصور فيلم "بئر الخيانة" ومنتج العمل لم يلتزم معي بالمواعيد، والزمني بالحضور بين روما ولندن كي انتهي من تصوير دوري، وتعارضت مواعيد تصوير الفيلم مع المسلسل البريطاني في القاهرة، وما زلت آسفًا وحزينًا على ضياع تلك الفرصة عني.