الطريق
جريدة الطريق

أسباب طعن صحفيين على حبسهما بتهمة نشر أخبار كاذبة

محكمة أمن الدولة
-

تقدم المحامي طارق العوضي وكيلا عن الزميلين "سلام سعيد أحمد إبراهيم، ومؤمن محمد سمير عبد الرؤوف، (متهمان)"، بتظلم من الحكم الصادر من محكمة جنح أمن الدولة طوارئ مدينة نصر ثاني في القضية رقم 2 لسنة 2021، وذلك طعنا علي الحكم بحبس كل متهم سنة وكفالة 5000 جنيه لإيقاف التنفيذ والمصروفات.

وكانت النيابة العامة قد أحالت الطاعنين إلى المحاكمة الجنائية بتهمه نشر وإشاعة أخبار كاذبة طبقا لنص المادة 102 مكرر عقوبات، وبجلسة 10/6/2021 حكمت المحكمة حضوريا بتوكيل بحبس كل متهم سنة وكفالة 5000 جنيه لإيقاف التنفيذ والمصروفات.

وقال العوضي في تظلمه: “قد أهدرت المحكمة المتظلم في حكمها حقوق المتظلمين وخالفت القانون وأغفلت الثابت بالأوراق وأخلت بحقوق المتظلمين وأهدرت كافة النصوص الإجرائية والقانونية، المنظمة لتسبيب الأحكام وضوابطها، فجاء حكمها يصرخ بمخالفة القانون، وعدم إلمام المحكمة بالدعوى وظروفها”.

وتابع: “ولذلك فان الطاعنين يطعنون لأنه لم تشرع القوانين لتستخدم كمقصلة لرقاب العباد، وإنما لتحمي حياة الناس وتكون لهم الملاذ اللآمن من بطش الظالمين علي هذه الأرض , فاذا كان القانون قد أوجب عقاب مرتكب الفعل الآثم، إلا أنه قد كفل له أيضا ضرورة اليقين الكامل، من ارتكابه لهذا الفعل المؤثم وأوجب في سبيل ذلك القواعد الأصولية التي تحميه، بداية من أن الشك يفسر لصالح المتهم ولو كان ضعيفا، ومرورا بأن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، ونهاية بأن براءة ألف مذنب خير للعدالة من إدانة بريئ واحد”.

وأضاف: “وحقيقة الواقعة كما نطقت بها الأوراق أن شابين في مقتبل عمرهما، أحدهما استيقظ يوما ما علي كارثه وهي إصابة والدته غاليه قلبه، بفيروس كورونا، فتوجهوا لمستشفى صدر العباسية، وهي محل الواقعة حيث تم حجزها بالمستشفى، وبعدها بأيام راح يطمئن عليها ويزورها هو وصديقه زميل مهنته، (المتهم الثاني)، فوجد أن هناك إهمال إجرامي متعمد، وأن والدته في حاله إعياء شديد جدا، فراح يتسائل كيف ولماذا وصلت الي هذه الحالة، وجاءت الردود باردة مستفزه، لا تعبأ ولا تكترث أن هناك روح إنسانه تتألم، فما كان منه الا أن يقوم بتصوير الإهمال الواضح في كل جنبات وأروقه المستشفى، كي يبعث بها لوزارة الصحة”.

وأردف: “وهنا استشاط غضب الموظفين والطاقم الإداري بالمستشفى، أن هذا القادم الغريب أراد أن يكشف إهمالهم المتعمد، فأرادوا أن يلقنوه هو وزميله درسا قاسيا، كي يكون عبرة لمن أراد أن يكشف هذه الكوارث الإنسانية, وبالفعل نجحوا أن يلبسوا الحق باطل، وأن يضللوا العدالة، وعلى الفور احتجزوا المتهمين واستولوا على هاتفهم الشخصي بدون وجه حق، وبدون صفة ضبطية تخول لمدير أمن المستشفى أن يفعل ذلك”.

وأكمل: “راح الشابان الصحفيان مهندمي الفكر والعقل والمظهر، يركبان سيارة الشرطة، وتم احتجازهم في قسم الشرطة يومين أصيب خلالها المتظلم الأول بفيروس كورونا أيضاً، وكان المتظلم الثاني مخالطا له، وبعدها خرجوا ليعلم المتهم الأول أن والدته قد توفيت بالفعل بالمستشفى، نعم لقد توفت السيدة والدته بعد الواقعة بستة أيام، جاء القدر ليؤكد للجميع أن المتهم كان يرى والدته تلفظ أنفاسها الأخيرة أمام عينه بلا حول منه ولا قوة”.

واستطرد: “للأسف بدلا من أن يشعر الطاقم الطبي والإداري بالمشفى بالخجل من الإهمال والتقصير الذي راحت ضحيته والدة المتهم الأول، راحوا ينسجون من التهم لباس ليستر عوراتهم، وتحالفت كل العناصر لأحكام المقصلة القانونية حول رقاب المتهمين، اللذان في مقتبل العمر وليس لهم أي صحيفة جنائية، وأنهم من أسر متوسطة ومعتدلة اجتماعيا وانسانيا”.

وأضاف: “كيف لشابين معتدلين الفكر والنفس، ويعملان بوظيفة إنسانية راقية، حيث أنهما صحفيان بموقع القاهرة 24، والمعلوم عن هذا الموقع أنه موقع معتدل الفكر والتوجه، بل يعد منبر لنشر كل ماهو متوافق مع مبادئ الدولة المصرية، وتأصيل مصلحة المجتمع المصري بنشر كل ماهو ايجابي”.

وتابع: "ولهذا فإننا نعتصم بما أبديناه من دفاع مؤكد لعدم حدوث الفعل المؤثم، والذي التفتت عنه المحكمة بغير حق، لذا نرفع لعدلكم هذا التظلم استنادا للاتي:

أولا: أخطأت المحكمة في تطبيق القانون حال قضائها بكفالة".

حيث أنه من المعلوم أن الكفالة وسيلة لوقف تنفيذ العقوبة، وهذا مجافي لقانون حالة الطوارئ، حيث أن الأحكام الصادرة من جميع درجات المحاكم على الجرائم المؤثمة وقت هذا القانون، لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها، ومفاد ذلك أن أمر وقف تنفيذها يدور في فلك التصديق، ولا حاجه للقضاء بكفالة لوقف تنفيذه.

وهديا بما تقدم يتضح لنا أن حكم المحكمة قد جاء معيباً، بشكل يتضح معه أن الهيئة الموقرة لم تتناول القضية بعين التمحيص والتروي، حيث حكمت بكفالة خمسه آلاف جنيه، في قضية لا يحكم فيها بكفالة، وهذا وإن دل فيدل على أن الهيئة الموقرة لم تلم بالدعوى وظروفها، ولا حتى بتكيفها القانون بوصفها قضية أمن دولة طوارئ وليست جنح عادية.

ولم تلتفت لأي دفاع قانوني أو واقعي أو إنساني داخل القضية، التي تعد قضية إنسانية في المقام الأول، وأن القضاء هو ملاذ الضعفاء والأقوياء معا، كي يحتموا من بطش أي ظالم، وعدم قراءه أوراق القضية بتروي، يجعل حياة الناس غير آمنه فالقضاء حصن أخير لشابين في مقتبل عمرهما وحياتهما، ينتظران كلمة الحق والعدل التي ستحدد مصير مستقبلهم.

ثانياً: عدم انطباق النموذج التجريمى الوارد بالمادة 102 مكرر عقوبات علي الواقعة محل المحاكمة وذلك للأسباب الآتية:

1_انتفاء الركن المادي للجريمة الواردة بنص المادة 102 مكرر، وذلك لتخلف تحديد الاخبار أو الاشاعات المسندة للمتهم، وأيضا ما إذا كان قد تم نشرها بالفعل ومكان النشر المزعوم، فطبقا لنص المادة 102 مكرر، يعاقب بالحبس وبغرامه لاتقل عن خمسين جنيه ولا تجاوز مائتي جنيه، كل من أذاع عمدا بيانات أو إشاعات كاذبة، إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام، أو إلقاء الرعب بين الناس، أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، وتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن مائه جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه، إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب، ويعاقب العقوبات المنصوص عليها في الفقرة الأولى كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن شيئا مما نص عليه في الفقرة المذكورة، إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها، وكل من حاز أو أحرز أيه وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية مخصصة، ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر.

وتسائل: "أين البيانات التي أذيعت؟، وأين تم نشر تلك الأخبار او البيانات؟، وأين الإشاعات الكاذبة ‘ذا كانت السيدة والدة المتهم الأول قد توفت بالفعل بعد أيام قليلة من تلك الواقعة؟.

2- انتفاء القصد الجنائي:

إن القصد الجنائي هو الركن الأهم في هذه القضية بعد ركن العلانية، فلا يكفي في هذه الجريمة ثبوت نية النشر وحدها، بل يجب بالإضافة إلى تعمد النشر أو الإذاعة توافر نية ارتكاب الجريمة، أي أن المشرع قد اشترط توافر القصد الجنائي الخاصن وهو أراده نشر الاخبار الكاذبة.

فلابد أن يكون نشر الأخبار أو البيانات أو الأوراق الكاذبة والغير صحيحة والمصطنعة، مع علم المحرر بأنها كاذبة أو مزورة أو مصطنعة، أو علمه بأنها منسوبة كذباً إلى الغير، وقت أن تم النشر، وإن تتحقق إرادة النشر لدى المحرر ليس بمجرد النشر يتوافر القصد الجنائي لدى الناشر، لكن لا بد من توافر إرادة النشر.

كما أن النتيجة لحدوث الفعل تحدد القصد الجنائي في الجريمة، فما نتيجة واقعتنا هذه؟، لا يوجد علم لدي المتهمين، ولا إرادة اتجهت بتعمد ناحية فعل الجريمة، ولا نتيجة مفهومة أو معلومة حدثت جراء الفعل، إذن فأين الجريمة، وأين عناصر توافرها في حق المتظلمين.

وهنا ينتفي القصد الجنائي، حيث أن المتهم كان في غفلة من الزمن، بسبب والدته التي تصارع المرض والإهمال الطبي معا، وهو ينظر إليها بلا حول منه ولاقوه في انقاذها، فأي قصد جنائي يتوافر في قلب ووجدان إنسان في هذه الحالة؟، ويجب أن لا تجري العقوبة على الإنسان فتميت فيه كل شعور إنساني بدلا من أن تحييه، وتهدمه بدلا من أن تبنيه، لان العقوبة في ذاتها شر لمعالجه شر أعظم، الغرض منها النفع للمجتمع والمتهم أيضا حتى لا تجني عليه كما جني هو علي نفسه، (إن كان أصلا قد اقترف هذا الفعل).

3- انتفاء أدلة الثبوت:

حيث انه طبقا لما جاء بتحريات المباحث حول الواقعة، أن المتهمين لا ينتمون لأي جماعة وليس لديهم أي نشاط مشبوه، فكيف يصبح المرء بين ليلة وضحاها من شخص ذات صفحة بيضاء، إلي مجرم يروع الأمن والسلم العام؟، لا يستقيم هذا وذاك.

وتابع: "وهدياً على ما تقدم فإنه لن يعترينا ثمة قلق في أنكم ستعيدون الأمر إلى نصابه القويم، وتبرئة المتظلمين مما أسند إليهم.

وبناء عليه يلتمس المتظلمان الاتى: أولا بقبول التظلم شكلاً، وثانيا بإلغاء الحكم المتظلم فيه والقضاء مجددا ببراءة المتظلمين مما نسب إليهم، واحتياطيا بإلغاء الحكم المتظلم فيه وإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى.