الطريق
جريدة الطريق

أدباء: متى تخرج فكرة الوكيل الأدبي للنور وتطبق في مصر؟

إيهاب مسعد -

تساءل أدباء وكُتاب، متى تخرج فكرة الوكيل الأدبي المطبقة في أوروبا للنور وتُطبق في مصر، مؤكدين أن الوكيل الأدبي يقوم بكل ما يخص الكاتب في ما يتعلق بكتابته.

وأضافوا في تصريحات لـ «الطريق»، أن الوكيل الأدبي يبدأ من الترويج ووضع خطط التسويق والتوزيع ومتابعة الأخبار والدفع بالعمل إلى الجوائز والترجمات والتواصل مع صناعة السينما والتلفزيون، كل ذلك في مقابل نسبة من توزيع العمل.

في البداية، قال الكاتب الروائي خليل الجيزاوي، في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: طرحت كصاحب خبرة كبيرة في مجال النشر منذ عدة سنوات فكرة الوكيل الأدبي للأفراد والمؤسسات لتسويق المؤلف والكتاب الأدبي في ظل تطور منظومة صناعة الكتاب، حتى يتم الترويج والتسويق الجيد والمدروس للمؤلف وكتابه ضمن خطة إعلامية احترافية مدفوعة الأجر.

خليل الجيزاوي

وأضاف، سعدت جدا عندما سمعت على قناة العربية الروائي السعودي محمد حسن علوان رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية بإخراج فكرة الوكيل الأدبي للنور وبدأ طرح الوكيل الأدبي كمهنة والترخيص لها من وزارة الثقافة السعودية.

وتساءل الجيزاوي، متى تتبنى وزارات الثقافة في كل البلاد العربية فكرة الوكيل الأدبي حتى ينتشر الكتاب الأدبي ويصل إلى قطاع كبير من القراء عبر الترويج والحملات الإعلانية والإعلامية؟؟؟.

من جانبه، يقول الشاعر والروائي صبحى موسى، نعم يحتاج الكاتب إلى وكيل أدبي، فهو طيلة الوقت منشغل بقراءاته وما يكتبه وما يفكر فيه للكتابة، فضلا عن أن الكاتب الحقيقي لا يجيد تسويق نفسه، فدائما لديه من الخجل ما يمنعه من الحديث عن أعماله وقيمته ومنجزه، ومن ثم فهذا الدور المهم الذي يقوم به الوكيل الأدبي، حيث أنه معني بترويج الكاتب وأعماله لدى دور النشر والمؤسسات الإعلامية والمترجمين، يبرز لهم أهمية الكاتب وأعماله ويحصل له على أفضل العروض والاتفاقات، ويسعى لأن يكون للكاتب دخل من أعماله لأن هذه الدخول هو ما سيحصل على نسبته منه.

صبحي موسى

وأشار إلى أن الوكيل الأدبي ضرورة، لكن في ظل أزمة الوفرة التي نعيشها - لدينا مئات الكتاب يحلمون بأن يجنون ارباحا من عوائد كتبهم - في ظل هذه الوفرة، وقلة العائد المادي وربما الاعلامي أيضا من الكتب فإن مستقبل الوكيل الأدبي سيقصر على كتاب البيست سيلر، وربما يتحول إلى سكرتير أدبي بأجر لدى الكاتب الذي يدفع له راتبا شهريا.

وأضاف، أن هناك الكثير من الصحفيين مؤهلين للقيام بدور الوكيل الأدبي، ولو أن كلا منهم حصل على حق خمسة أو ست كتاب جيدين وعمل على الترويج لهم مقابل نسبة من المبيعات او حتى الجوائز التي يحصل عليها الكاتب فإن هذه المهنة ستنشأ بشكل جيد، وسوف تحقق انتشارا للكتاب ولأصحابها، وربما تسهم في حل أزمات التوزيع التي فشل اتحاد الناشرين في حلها. ومازلنا نعاني من ان غالبية التوزيع في القاهرة فقط.

وأكد أن الوكيل الأدبي مهنة وليس جريمة، ومعمول بها في الخارج وفي العديد من المهن، من بينها المغنيين ولاعبي الكرة، وهي دلالة احتراف وليس تراجع لدور الكاتب، وهي تحقق نوعا من العدل وتكسر احتكار دور النشر للكاتب، فكل العقود توحي بأن دار النشر تمتلك الكاتب لمدة سنوات، لكنها لا تفعل بامتلاكه شيئا لا في الترجمة ولا الجوائز ولا تحويل العمل الى وسائط اخرى كالسينما والتليفزيون والمسرح... فيجب عليها الآن لصابحها ولصالح اكاتب والحركة الثقافية ككل أن تترك هذا الدور لمتخصص يقوم به.

بينما أكد الكاتب والقاص السيد نجم، أن جوهر فكرة الوكيل الأدبي هي أهمية وجود ذلك الذي يرعى المبدع.. سواء كان ذلك الراعي فردا أو مؤسسة، مع ذلك المبدع الأدبي أو الفني التشكيلي أو حتى الفرق المسرحية ومجموعات السينمائيين.

السيد نجم

وأضاف، هي فكرة قديمة وﺇن لم تكن على هذا الحد من التحديد اللفظي والوظيفي.. تاريخيا كانت الملوك والأباطرة يتولون مسئولية تلك الرعاية من خلال تجربة ذاتية قدرية.. أن يرى أو يتعرف الملك على الفنان المبدع.. ثم مع العصور الوسطى نشطت الطبقة الاقطاعية في هذا المجال وﺇن ﺇرتطبت تلك الرعاية بالمصالح الشخصية مثل تجميل ورسم القصور وتوفير المنحوتات.

وأشار إلى أنه مع رواج فكرة الدولة حديثا تولت الحكومات تلك المهمة بالدرجة الأولى وبدرجات متفاوتة، منها وضع الدولة على عقل وذهنية المبدع بالكامل كما في الاتحاد السوفيتي القديم أو بدرجة متوسطة حيث ترعى الحكومات من يرعاها أو يرعى أفكارها فقط.. ثم هناك وبدرجة بسيطة تتدخل المنظمات الأهلية على أنها خاصة وهي في الحقيقة تتبع الحكومة هنا أو هناك.

أما الآن ومنذ عقود قليلة ظهر الوكيل الأدبي والفنى والرياضي كمهنة جديدة في سوق الإنتاج الفكري والإبداعي والرياضي.. ذلك الوكيل المحنك والعالم بتفاصيل حرفته، وﺇن كان وكيلا أدبيا فهو حتما ممن يقرأون وعلى درجة عالية ﺇلى حد ما من الثقافة، ولكنه يملك درجات أعلى في العلاقات العامة ودراسة الاذواق العامة والأسواق.. أهم مهامه توصيل العمل الإبداعي ﺇلى مواقع النشر والاعلام والتعريف بالعمل الأدبي والأديب معا.. وأنا أرى ضرورة توافر مثل هذه الحرفة لافتقار البعض وأنا منهم في التسويق لأعماله الأدبية ومنجزه عموما!.

من جانبه، يقول الروائي محمد صالح رجب، ينشغل الكاتب بتسويق منتجه الأدبي حتى قبل أن يبدأ بالشروع في كتابته، ويظل تسويق منتجه هاجسا يصاحبه أثناء الكتابة وبعد الانتهاء منها، هذا الانشغال مبرر إذ أن الإنتاج في حد ذاته لا قيمة له من دون نشر وتوزيع، وإلا ظل المنتج مكدسا حبيس الأدراج.

محمد صالح رجب

وأشار إلى أن وجود وكيل لتسويق المنتج الأدبي والاعتناء به وتمثيل المؤلف أمام دور النشر ومتابعة وإعادة تقييم خطط البيع والتوزيع، والحفاظ على حقوق المؤلف بصفة عامة، والاهتمام بفتح آفاق جديدة للعمل كالترجمة واستغلال العمل فنيا مؤكد يرفع عن كاهل الكاتب التفكير في هذه الأمور ويجعله متفرغا فقط للعملية الإبداعية، غير أن هذا الأمر في عالمنا العربي ليس سهلا كما يتصور البعض ولكنه أمر مرهق أن يكون لك وكيلا أدبيا يضيف أعباء مالية على كاهل الأديب وربما الناشر مما يزيد من تكلفة النشر، الأمر الذي دفع البعض إلى تسويق عمله بنفسه من خلال علاقاته الشخصية لكنه يظل جهدا عشوائيا بعيدا عن الاحترافية ويتوقف على قدرة الكاتب المالية وما يملكه من علاقات.

وإذا كان الكاتب يتجاهل تلك المهنة خشية من تحمله لأعباء مالية إضافية فإن مهنة " الوكيل الأدبي" نفسها مهنة غير جاذبة في عالمنا العربي لأنها غير مجزية في ظل في ظل ضعف عوائد مبيعات الكتب لأسباب مختلفة منها ضعف الإقبال على القراءة.

وفي النهاية، يقول الكاتب والقاص محمد خليل، إن الوكيل الأدبي غير موجود في مصر والعالم العربي، وإذا كان موجودا فهو جهد شخصي قائم على علاقة غير منظمة.

وأضاف، ونحن في مسيس الحاجة إليه فعلا لتوفير والوقت للكاتب أو المبدع، والقيام بكل ما من شأنه تحقيق مصالح الأطراف الثلاثة المؤلف أو الكاتب والناشر والوكيل لتحقيق مصالح الجميع، وعلى فكرة لو تم تقنين هذا العمل فسيخلق فرص عمل جديدة لبعض الشباب أو المتعطلين عن العمل أو حتى بعض المكاتب التي ترغب في إضافة هذا العمل إلى أنشطتها.

وتابع: حتى يتم تنفيذ ذلك النظام لابد من ضبط هذه العلاقة بصورة جادة من خلال شكل أو صيغة قانونية أو لائحية .. مثلا : يتم تعديل قانون النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر بإضافة بعض المواد التي تنظم هذه العلاقة بين الكاتب والوكيل وبين الناشرين أيضا، وكذلك النص على أن يتم تسجيل من يرغب في هذا العمل في سجل خاص يختار الكاتب منه من الأسماء المدرجة من يمثله أو يتعامل معه.