الطريق
جريدة الطريق

عيسى والصيدلي.. مجرد إثارة للجدل والاشتباك

سعيد محمد أحمد -

مرة أخرى يطل علينا "إبراهيم عيسى" في ما سعى ويسعى إليه من إثارة البلبلة والجدل باختلاق قضية لا معنى لها سوى الاشتباك، لمجرد لفت انتباه عديد ممن لا يتابعون برنامجه، وما يتناوله من سرد حكايات وقصص لا تشكل اهتماما لدى الرأى العام إلا بربطها بمقاصد الشريعة الإسلامية، لاستثارتهم للفت الأنظار إليه، وأخذ اللقطة التي أرادها هو، وهي أن يكون هو محور الاهتمام، وليس ما أثاره من اختراع قضية فارغة المضمون والمحتوى، لا تشكل أدنى اهتمام لدى أكثرية الرأى العام بخصوص أولوية الاهتمام بما يقوم به أي مواطن في أداء عمله، مهما كان ومهما يعتقده من سلوك وقيم إنسانية ودينية معا.

المدهش في الموضوع أن عيسى يدرك تماما أنه لا ضرر ولا ضرار في أن يقرأ الصيدلي القرآن أو الإنجيل خلال أداء عمله، بوصفه الوحيد الذي يملك تقدير موقف عمله في أن ينظم وقته متى يعمل ومتى يصلي ومتى يقرأ القرآن، وكأن عيسى أصبح مكلفا بمتابعة تصرفات البشر على مدى الساعة، متى أفاق من نومه وكيف ذهب إلى عمله، وهكذا، حتى ضُبط متلبسا بقراءة القرآن، وكأنه القابض والمتصرف والمنظِّر لشؤون البشر، و"المرشد" لطريقة تفكيرهم الصحيحة، وفق ما يراه عيسى، وما يجب على الجميع اتباعه في تطرف التفكير غير المسبوق بملاحقتهم، وكأنهم كان يجب عليهم متابعة برنامجه حتى يفروا من شطحات لسانه وعقله!

عيسى الذى يصر على القيام بدور بطل من "ورق"، لا يعنيه تصرف الصيدلي إلا بما يبقيه على الساحة الإعلامية مثيرا للجدل باقتراحاته التي لم تلق قبولا مجتمعيا على جميع المستويات، سوى مجرد صورة عدمية لم تُفد أحدا، وبأنه رجل إصلاحي على خلاف الحقيقة سوى في التنظير بتكالبه على جمع الأموال، وهو ما نجح فيه بامتياز، على الرغم من أن تصرف الصيدلي أو أي مواطن يقوم بعمل يخدم محيطه حرية شخصية كاملة، طالما لا يتعدى على حرية الآخرين، ولا يؤذي أحدا، ويقوم بعمله وفق ما يراه هو، وليس ما يراه عيسى المُشكك في نوايا وتصرفات الصيدلي.

المثير في الموضوع بعض "رجال الدين ونقابة الصيادلة"، وبعض متابعي شبكات التواصل الاجتماعي الذين تباينت ردود فعلهم بخصوص ما أثاره عيسى، وإن اجتمعوا على رفض طرحه، وأن ما أثاره من مجرد بلبلة للأفكار، ومن ثم وجهوا انتقادات لاذعة للرد عليه، سواء بتفسير وتوضيح وشرح ما قاله عيسى في قضية لا معنى لها سوى أنها شغلت كثيرا من رواد التواصل الاجتماعي، ومن أبرزها أن "عيسى مزعل نفسه ومعصبها عشان صيدلي يقرأ القرآن وهو موضوع لا يستحق هذه الدوشة بإطلاق كلام غريب، ويختتمها بالقول وانت مالك".

هذا هو ما أراده عيسى، أن يكون محور الاهتمام للخروج من الفراغ الذي يسعى لملئه بأطروحاته عوضا عن التركيز على قضايا استعادة الوعي الحقيقي ولفت الانتباه إلى أهمية استعادة القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية النبيلة، وليس من خلال تشيير فقرات مما يقوله، وكأن فريقا تابعا له يقوم بعملية التشيير، ربما بسبب نقص نسب المشاهدة أو تجاهل كثيرين لبرنامجه ليحدث جدلا في مكان وزمان آخر.