الطريق
جريدة الطريق

”معرفش”.. ضريح لسلطان هارب بصحراء المماليك

ضريح معرفش
خلود عبد المطلب -

مبنى بعماره تاريخية هندسته ترجع لمئات السنين يقف فى وسط صحراء المماليك، قبته مرتفعة وبمجرد دخولك شارع القرافه الشرقية، تخطف نظرك لها من بعيد وكأنها إحدى قبب مآذن المساجد ولكن حينما تقترب أكثر ترى لافتة مكتوبة على المبنى بإسم "ضريح معرفش" وتلقى السلام على الجثمان المدفون بداخله، ولكن تتفاجأ بأنه ضريح بلا جثمان.

"قبة معرفش" أو "قبة الغفير" هى أسماء لقب بها تلك الأثر المجهول من عصر المماليك، تُبرز جمال عمارة المماليك بالزخرفة الإسلامية المعروف بطراز مميز بمبانيها الشامخة، وبناها السلطان "قانصوة أبو سعيد" بعد توليه الحكم وسط الصحراء وبالقرب من القلعة حتى يراها كل من يمر من الزوايا الأربعة للطريق فيجد أمامة القبة، ويتساءل عن اسمها ويشتهر اسم السلطان.

سبب تسمية الضريح بـ"معرفش"..وما هى قصته المجهوله؟

ويرجع تاريخ تلك القبة الضريحية لعصر المماليك أثناء حكمهم لمصر، وهذا الضريح للسلطان قانصوة التى كانت تربطه صلة قرابة بالسلطان الشهير قايتباى الذى كانت فترة حكمه لمصر والشام بمثابة نهضة وترك أثارًا وقصصًا تاريخية عظيمة ومشرقة لفترة حكمه، وبعد وفاة "قايتباى" تولى ابنه "الناصر محمد" الحكم من بعده ولكنه كان شابًا متهورًا وشخصيته ضعيفة، ولذلك لم يصبر عليه المماليك وخططوا له بمكيدة مع "قانصوة أبو سعيد" تحت راية المماليك والقانون الشهير (الحكم لمن غلب) وتولى حكم العرش والسلطنة قانصوة.

سبب تسميته "بضريح معرفش" والسلطان الهارب

وبعد تولى قانصوة أبو السعيد الحكم لم يستطيع فرض سيطرته على المماليك وظل مقيد تحت قبضة أيديهم، ووصل به الأمر بالخوف من قول أى أمر أو تنفيذه فعند سؤاله دائمًا كان يرد بـ"معرفش" وفى كل مره كان يرد بهذا الرد إلا أن تجاهل الجميع اسمه الحقيقى ولقبوه بإسم "السلطان معرفش" من شدة خوفه ورضوخه تحت سيطرة المماليك.

اقرأ أيضا: «السر فى جمالها».. أشهر سيدة حكمت مصر وسبب تسميتها بـ «شجرة الدر»

وأثناء حكمه للمماليك أمر ببناء ضريح له يدفن به بعد مماته وألزمهم ببناءه فى منتصف صحراء المماليك بالقرب من القلعة وعلى الطراز الإسلامى ويكون له قبة مرتفعة تجذب أعين الزائرين ويشتهر اسمه، وهذا كان موقع سئ ونقده المؤرخين بعد ذلك لأن مكان الضريح جعل الشارع ضيق على زوار المقابر، ولم يفرح كثيرًا قانصوة ومات طفله الصغير بعمر 4 أشهر وأمر بدفنه فى الضريح، وبعد ذلك زادت الخلافات بين السلطان والمماليك وخاف أن يتخلصوا منه ففر هاربًا قبل أن يقتلوه مثل ابن قايتباى ومنذ ذلك الوقت والإنقلاب هرب فى عام 906هـ ولم يعد واختفى تمامًا ولم يظهر.

وظل الضريح بموقعه حتى الآن واشتهر بإسم "معرفش" واهتمت به وزارة الآثار المصرية وطرحته من ضمن آثار المماليك التى تمتلك عراقة الطراز الإسلامى الأصيل وروعة التفاصيل، كما قامت بتجديد الضريح وترميمه.