الطريق
جريدة الطريق

مدحت بركات يكتب: وفاء الرئيس لدماء الشهداء.. وذاكرة السمك

المهندس مدحت بركات
-

يدرك الرئيس عبد الفتاح السيسي جيدًا، ما لخصة الأديب العالمي نجيب محفوظ "إن آفة حارتنا النسيان"، فلا يطأ موضعًا و لايخطئ مناسبة، إلا ويحيي فيها ذكرى هؤلاء الشهداء الأبرار، الذين جادوا بدمائهم فداءًا للوطن، شهداء القوات المسلحة الباسلة والشرطة المصرية الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، تصدوا بصدور عارية لنيران الإرهاب الأسود، التي أشعلتها الجماعة عقابًا للمصريين الذين خرجوا عليهم فى 30 يونيو.

وإن كان النسيان نعمة من الله منحنا إياها، لكى يتعايش الإنسان مع واقعه، ويتعدى بها همومه وأحزانه، وينسى تلك الجراح، فالنسيان في هذا المقام إهدار لحق الشهداء، وخيانة لدمائهم التي روت أرضه، وجحود لا يجب أن يقترن بالوطن.

هذا ما أكده رئيس الجمهورية في دعوته اليوم، أبناء وأسر الشهداء لصلاة العيد والإفطار معًا، فهم الأحوج والأحق بهذا العرفان، الذي لن يعوضهم غياب الأب، وإنما يشبع مرارة الشوق والحنين، الذى يسكن بالفخر والعرفان بجميل آبائهم الأبطال.

في حضرة الرئيس، شاهدنا جميعًا على وجوههم فرحة العيد، وفي أحضانه نبتت ابتسامات زهور صادقة، شيَّعوا جثامين آبائهم المتشحة بعلم مصر، في جنازات مهيبة، إلى مثواها الأخير قبل أن تدرك عقولهم الصغيرة معاني الفقد الإرهاب والخيانة والخسة والدم.

كل الأجواء الاحتفالية التي رسمت مشهد العرفان تبعث على الفخر، ولا أصدق من أغنية "ابن الشهيد"، التي تعبر عن حجم وحدتهم، ومصابهم الجلل وتزلزل مشاعرنا، كلما تكررت فى مناسبات وطنية، حين تقول كلماتها "أحب أعرف الجميع وأديكوا نبذه عن حياته، ليا الشرف والدي الشهيد اللى أفتخر بإنجازاته، فى عز ليله كان بينزل للدفاع عن كل شبر في الوطن وباستماتة، عرض حياته ألف مرة للضياع مايستاهلش كره أبدًا أو شماته، وأحب أفكركم جميعا لو نسيتوا، للى اتحرم دلوقتى منه أهل بيته...".

نعترف جميعًا أننا شغلتنا الحياة، فلم تعد تتردد على أسماعنا أخبارهم، ولم نعد نحكي قصصهم وبطولاتهم، بل منا من سأل، لماذا توجه القيادة السياسية بصناعة الدراما الوطنية؟ و ما الذي يدفعنا لنعيش وقائع مسلسل الاختيار التي تجاوزناها في 2013؟.

والحق أقول، ذاكرتنا الضعيفة لم ترتكب فقط خطيئة النسيان، فى حق الشهداء فحسب، بل منا من تأثر بادعاءات الجماعة الإرهابية التي تتغطى بالمظلومية وتعرف جيدًا كيف تربح مشاعر الناس بالعيش فى دور الضحية.

وها نحن أمام جرعة منشطة لذاكرة السمك، وصدمة حقيقية للمشاعر الزائفة التي كونها كذبهم، بالتسريبات التي كشفت عن وجههم القبيح ونواياهم الدنيئة، في حرق الأخضر واليابس، ما لم يتربعوا على عرش مصر، و يطمسوا هويتها ويسلبوا مُقدّراتها، بغير إرادة أهلها.

فشكرًا لله على كشف زيفهم وشكرًا لأبطال الاختيار وشكرًا لمشاعر الرئيس الإنسان التي تحتضن حزن أبناء الشهداء وأسرهم في كل عيد.