الطريق
جريدة الطريق

محمد عبد الجليل يكتب: لماذا غضب حبيب العادلي من الصحفيين ووصفهم بالشياطين؟ ونصيحته لأصحاب الأقلام

الكاتب الصحفي محمد عبد الجليل
-

دق هاتف المحمول، كان على طرف الآخر اللواء شريف جلال مساعد أول اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية للإعلام، وقتها، وقال بصوته المميز الجهوري: «أيوا يا محمد، السيد الوزير يرغب غدا في الاجتماع بالسادة الصحفيين في الوزارة لأمر هام».

على منضدة طويلة تتوسط مكتب اللواء العادلي، كان اللقاء عاصفًا والوزير غاضبًا، وكان سر غضبه هجوم بعض الموضوعات الصحفية على وزارة الداخلية، كانت من وجهة نظره خاطئة وعلى غير الحقيقة، وأعطى الوزير مثلا في تجاوزات بعض الضباط، وأكد أنه بالتحقيق في ملابساتها لم يكن الحدث على قدر الهجمات الصحفية، وهناك جوانب تغفلها الصحافة في تناول بعض التجاوزات، وفقًا لكلام الوزير، الذي عاد وضرب مثلا قائلا إن أخبار المرور والحوادث العادية تحولها بعض الصحف إلى كارثة قومية.

ما فاجأنا به اللواء العادلي، هو إلمامه ومعرفته بدورة الخبر الصحفي، قائلا: «الخبر بيبعته المحرر، ويروح الديسك يتحول لكارثة ومصيبة، أنا عارف إن صحفيين الديسك هما اللي بيحطو الشطة على الأخبار».

عاد الهدوء للوزير العادلي، قائلا: "لماذا وزارة الداخلية تتعرض باستمرار للهجوم والنقد لدرجة التجريح، لمجرد وقوع أي خطأ ولو بسيط أو تجاوز فيتم «شيطنة» الوزارة والضباط، في نفس الوقت الذي تقع فيه كوارث في مؤسسات أخرى قد تسبب الموت والوفاة للمواطنين....... دون أن تهتم الصحافة بتسليط الضوء عليها، مؤكدا أن وزارة الداخلية وزارة حيوية وهامة وعليها ضغوط ومسؤولة عن تأمين البلاد والعباد من حلايب إلى مطروح.

وساق الوزير مثلا آخر على ازداوجية الحكم على الأشياء عند بعض الصحفيين قائلا: «هناك بعض الصحفيين يفتعلون مشكلات ويقفون فترات طويلة في حال سحب رخص سياراتهم أو رخصهم الخاصة بسبب ارتكاب المخالفات، ويصر على استعادة الرخصة، دون الاحتكام للقانون»، وكان تعبير العادلي "سيبها له وانت هتعرف تجيبها ماتعطلش الدنيا".

ما سقته لكم اليوم وأعاد إلى ذاكرتي تفاصيل جلسة الوزير كان سببه حينما استوقفني كمين مرور منذ أيام وطلب رؤية رخصة السيارة ورخصتي فأعطيتهما له، وعندما تأكد من سلامتهما وعدم وجود مخالفات طلب مني البطاقة الشخصية ودون تردد أعطيتها له، ثم قال لي: «اركن على جنب الطريق»، وبقيت داخل السيارة لمدة تجاوزت نصف الساعة، وكل مرة أهم بالنزول لأحادث الضابط أتذكر نصيحة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وبعد ذلك استفسرت من الضابط عن سبب احتفاظه بالبطاقة لتلك الفترة فرد في هدوء: «معلش إحنا بنكشف على القضايا والأحكام» وأعطاني البطاقة قائلا: «تفضل البطاقة ومتأسفين على التأخير».

وعقب مغادرتي الكمين فكرت في السيناريو الآخر الذي كان من الممكن أن يحدث في حالة أخذتني «العزة بالمهنة»، وانتقدت تلك الإجراءات وأجريت اتصالات بكل رجال الداخلية هنا وهناك، وبالتالي يتلقى الضابط بدوره سيلا من المكالمات، وفي النهاية ربما أحصل على الرخصة والاعتذار، لكن سأكون قد قللت من قدر نفسي ومهنتي، وكذلك سيشعر الضابط أنه قصر في تطبيق القانون أمام نفسه وتعرض لضغوط.

ما أود قوله هو أن الأمور يمكن أن تحل بالرضا والهدوء والإلمام بالحقوق وقبلها الواجبات.

ملحوظة: أود تعريف ببقية الزملاء والحضور في الصورة والاجتماع، وهم عمالقة الصحافة ومن جيل الأساتذة، وكذلك قيادات الوزارة الذين كانوا رجالا بحق وكل منهم يصلح لإدارة وزارة بمفرده..
وهم: اللواء شريف جلال، واللواء عماد الدين أبو الفتوح، واللواء محمود الفيشاوي، متعهم الله بالصحة والعافية.

ومن الزملاء الصحفيين الكبار أساتذتي الذين كان لهم وزن وقيمة ورؤية وما زالوا: سعيد محمد أحمد، وكالة أنباء الشرق الأوسط، ومحمد صلاح الزهار، الأخبار وسكاي نيوز، ومصطفى عبد العزيز، الوفد، ومحمد نوار، رئيس الإذاعة حاليا، وخالد أمين، مدير تحرير الجمهورية.