الطريق
جريدة الطريق

منهج ديزني الجديد.. حرية أم أدلجة؟

محمد هلوان
-

القصة بدأت عندما عادت ديزني من جديد للساحة العربية عن طريق طرح منصتها للمشاهد العربي، ديزني التي لم يخلو منزل من أحد أعمالها التي تستهدف الأطفال، وحالياً الكبار أيضا، عن طريق إعادة النظر في الأعمال وعدم الاقتصار على القصص الرسومية القديمة والتجديد فيها، بل وأيضا إعادة تصوريها بالتكنولوجيا الجديدة عن طريق الرسومات ثلاثية الأبعاد وأيضا تجسيدها في أعمال فنية لفنانين عالميين.

استطاعت ديزني أن تستقطب في الفترة الأخيرة مشاهدين كثيرين في الوطن العربي، نتيجة اعتمادهم على التكنولوجيا والخيال والأداء الاحترافي والتنفيذ عالي المستوى، ولكن ما أثار حفيظة البعض هو تمثيل وتجسيد شخصيات مثلية في أعمالهم الجديدة، بل وإعادة انتاج أعمال قديمة عن طريق إضافة شخصية مثلية في أحداث الفيلم، وربما تغيير ميول شخصيات في القصة لتتناسب مع رؤى ديزني الجديدة.

الأمر الذي خلق حالة من الغضب والرفض اقتصرت على هجوم إعلامي في الآونة الاخيرة وبعض الصحف العامة والخاصة، بل وإمتلأت المداونات والصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي بأراء لا تخلوا من هجوم وتحذير من حاله الأدلجة وخلق جيل جديد عربي مشوه فكرياً وفي حالة توافق على مثل تلك الحالات الشاذة، والتي يتم الإصرار على ترسيخها في أفكار الصغار قبل الكبار.

في الحقيقة أن الموضوع أبسط من ذلك على الرغم من كونه شديد التعقيد، ففكره المنع بقرارات سلطوية لن تؤدي إلا إلى ارتفاع المشاهدات المقرصنة والاهتمام بمشاهدة هذه الأعمال، ولسنا هنا بصدد الهجوم على منعها، ولكن باستخدام النموذج الإماراتي في المرحلة الأخيرة يمكن تحقيق المطلوب، من حيث السماح بالعرض على أن يكون المحتوى للكبار فقط، فهم الأقدر على الفهم وعدم الخضوع لمثل تلك الأفكار، وأيضا للتوضيح بأن حرية التعبير مكفولة حتى وإن كانت تتعارض مع قيم وأعراف الشعوب العربية.

تلك المشكلة أثارت فكرة أساسية لم يتم تداولها من فترة، ألا وهي وجود أعمال مصرية أو عربية على قدر من الكفاءة والإبداع لمنافسة المحتوى الأجنبي، وعدم وجود مؤسسات فعلية للاهتمام بها وإنتاجها بالشكل المناسب، ولنا في مواضيع القصص والروايات شأن عظيم، يظهر في اعمال نبيل فاروق وخالد الصفتي وغيرهم الكثير، ولكن عدم الاهتمام بترجمة تلك الإبداعات في محتوى بصري ينطوي على غموض!

كان يجب تعريف المشكلة باتجاهاتها التي تم تداول أغلبها على الرغم من عدم الاهتمام بالنقطة الأساسية والتي هي محور كلامنا هنا، ألا وهي الفن الديني، أين الفن الديني من مخاطبة العامة والخاصة من خلال أعمال تتميز بالاستقلالية والإبداع ونشر الوعي الحقيقي في المجتمع المصري والعربي، المسلسلات الدينية والتاريخية والخاصة بالأطفال، للأسف معظم إن لم تكن كل الأعمال السابقة يتم إنتاجها ونشرها بواسطة مؤسسات حكومية أو خاصة فقط بإشراف من المؤسسة الدينية، وهو الأمر الذي يفضل أن يكون منبعه المؤسسة الدينية نفسها، وليس مجرد الرقابة، فنتمنى في الفترة الحالية حراك أكبر على الاهتمام بهذه النقطة وأيضا الظهور بنتائج حقيقية على أرض الواقع وليس مجرد مناقشات لن تفضي للأمر شئ.