الطريق
جريدة الطريق

إرث حضاري كبير.. ماذا يحدث في قلب القاهرة التاريخي؟

مشروع تطوير القاهرة التاريخية
محمد حامد -

إرث حضاري كبير يرجع تاريخه إلى ألف عام كان مسرحا دارت فيه أحداث بعض حكايات «ألف ليلة وليلة» تسعى مصر لإحيائه من جديد بعد أن ظهرت عليه أعراض التداعي السريع، من خلال تنفيذ المشروع القومي لترميم وتطوير القاهرة التاريخية يغطي مساحة كبيرة تعد موقعا أثريا عالميا.

وتهدف الخطة لإحياء القاهرة التي يقطنها نحو 10 ملايين مواطن الترويج لها كمزار سياحي من خلال إنقاذ المباني القديمة، لاستعادة رونقها الذي أُهمل لسنواتٍ عديدة.

ويتركز جانب كبير من العمل على تطوير الأحياء حول ثلاثة بوابات عريقة بناها الفاطميون الذين حكموا مصر قرنين من الزمان بعد فتح القاهرة في سنة 969 ميلادية.

كان باب زويلة أحد هذه البوابات وشارع سكة الحبانية إلى الجنوب منه مسرحا دارت فيه أحداث بعض حكايات «ألف ليلة وليلة».

وتعج القاهرة التاريخية بالورش والأسواق والبيوت القديمة والحرف التي استقرت في بعض شوارعها منذ مئات السنين.

وقال جيف آلن، من الصندوق العالمي للآثار، الذي يعمل على ترميم مجمع ديني للمتصوفين، يرجع تاريخه إلى القرن السادس عشر، ويقع جنوبي باب زويلة: «مدن قليلة في العالم بها كل هذه الطبقات من التاريخ وتمتد لفترات بعيدة كهذه».

وصُنّف مشروع تطوير القاهرة على أنه «مشروع ممتد» نظرًا لكبر حجم المخططات الخاصة به، حيث يزيد عدد المباني اللازم إعادة تأهيلها عن 500 مبنى تراثي.

خطة تنفيذ المشروع

وبحسب بيانات صندوق التنمية الحضرية، تشمل خطة تطوير القاهرة التاريخية، مناطق: الدرب الأحمر والجمالية والحسين ومناطق بحي الخليفة، والتي تضم عددا كبيرا من الآثار الإسلامية والمباني التراثية، وذلك ضمن خطة إعادة الرونق الحضاري للعاصمة وتعظيم الاستفادة من هذه المناطق.

وقُسمت الخطة التطويرية إلى ثلاثة مراحل مختلفة يتم العمل عليها بالتوازي، بالإضافة إلى بعض المشاريع المتفرقة التي ضمت لهذا المشروع.

ويتواجد بها أبرز المعالم الأثرية الجاذبة للسياح والمواطنين على حدٍ سواء: مشروع إعادة هيكلة منطقة الفسطاط، مشروع تطوير منطقة مجرى العيون، مشروع تجديد واجهات المباني السكنية بالقاهرة التاريخية.

وتواصل الحكومة وأجهزة محافظة القاهرة أعمال التطوير في عدد من المناطق المستهدفة ضمن خطة إحياء القاهرة التاريخية واستعادة مكانتها ورونقها التراثي والثقافي والسياحي.

ميزانية المشروع

يشار إلى أنه تم الإعلان عن التكلفة المبدئية لتطوير القاهرة التاريخية التي قدرت بـ 30 مليار جنيه، ومن المتوقع أن تصل إلى ما يقرب من 70 أو 80 مليار جنيه مصري.

وبهدف سرعة الانتهاء من مشروع تطوير القاهرة التاريخية، يسعى صندوق التنمية الحضرية للحصول على قرض بقيمة 53 مليار جنيه من عدد من البنوك الحكومية.

وكشفت مصادر مسؤولة لموقع «الطريق»، أن القرض الذي بصدد حصول صندوق التنمية الحضرية عليه من البنوك بضمانة وزارة المالية وبفترة سماح سنتين، بعدها سيتم سداد القرض على 5 سنوات بسعر فائدة يعادل سعر الكوريدور.

ووفق صندوق التنمية الحضرية تشمل خطة تطوير القاهرة التاريخية مشروعات خدمية في عدد كبير من المناطق منها منطقة سور مجرى العيون.

ويتضمن مشروع القاهرة، إعادة تشكيل المنطقة التاريخية، بما يتناسب مع تاريخها وقيمتها الكبرى، والمردود الاقتصادي والاستثماري.

وجزء أساسي من مشروع تطوير القاهرة التاريخية، عمل قائمة أنشطة تجارية تتناسب مع طبيعة المنطقة، مثل البازارات، والأسواق، والمحال التراثية.

ترميم المباني

وقال المهندس محمد الخطيب، استشاري مشروع تطوير القاهرة التاريخية، إن مباني سكنية منخفضة الارتفاع ستقام في الأراضي الفضاء بالمنطقة التاريخية التي سيتم نقل السكان والورش منها ويعاد بناء وترميم المباني المتداعية.

وأضاف الخطيب في تصريحات لموقع «الطريق»، أن الميزانية لم تعد تمثل مشكلة -لكنه لم يذكر تقديرا للتكلفة، والعمال يواصلون العمل في تحسين واجهات المباني القديمة حتى المباني التي ليست مسجلة باعتبارها تاريخية وذلك لمطابقتها بما كانت عليه في القرون السابقة.

فنادق صغيرة

وتابع أن الخطة تقضي أيضا بتحويل بعض الوكالات، أو ما كان يطلق عليه الخان حيث كان يقيم المسافرون وقوافل التجار، إلى فنادق صغيرة وهي فكرة حققت نجاحا في مواقع أخرى في الشرق الأوسط، وبدأنا فعلا في العمل على قطع الأراضي، انتهت المفاوضات مع السكان وبدأنا.

وأوضح أن الحكومة تعتزم ترميم حوالي عشرة في المئة من المنطقة في مرحلة أولى تستمر عامين، وأنها تدرس مقترحات لإنشاء كيان واحد للقاهرة التاريخية التي تبلغ مساحتها تقريبا 30 كيلومترا مربعا.

وبشأن مخاوف تحول المباني التاريخية إلى ما يشبه المباني التي تقيمها ديزني تقليدا لآثار عريقة، أكد استشاري مشروع تطوير القاهرة التاريخية، أنه يتم الحفاظ على طابع المنطقة.

نهاية المشروع

وبدوره، أكد علاء الحبشي، المعماري والمرمم المتخصص في العمارة الإسلامية، والمساهم في وضع خطة تطوير القاهرة التاريخية، أن الحكومة تأخذ في اعتبارها السكان والحرف والنسيج التاريخي والبنية التحتية دون التركيز على الآثار وحدها.

وأضاف الحبشي في تصريحات لموقع «الطريق»، أن التغيير كبير وأنه كان مطلوبا منذ مدة طويلة، وفي نهاية المشروع سيتحول قطاع كبير من القاهرة التاريخية إلى مناطق للمشاة.

وأشار إلى أن الخطة تشمل التعامل مع المباني التاريخية وليس المقيدة في قوائم المباني التاريخية الرسمية فقط، وسيتم توثيق جميع المباني وترميمها وإعادة استخدامها.

وتهدف خطة تطوير القاهرة التاريخية إلى إعادة تشكيل المنطقة بما يناسب تاريخها، وتوفير شكل جمالي داخلي وخارجي للسكان.

اقرأ أيضا: السيسي يوجه بترميم أضرحة آل البيت وفق الطابع التاريخي