الطريق
جريدة الطريق

حكاية «الطفلة نيجار».. حملت من والدها سفاحا والمحكمة تعاقبه بالمؤبد

ارشيفية
رجب يونس -

ليس فيلمًا سينمائيًا أو مسلسلًا دراميا، إنما واقعة تبكي لها الفضيلة، وتأباها الشهامة، وتنعاها المروءة، وتقشعر لها الأبدان حينما تجرد أب من كل مشاعر الرحمة والحنان وبدلا من أن يكون سند أسرته وظهرها أصبح "ذئبا بشريا" ينهش في جسد طفلته الصغيرة، ويعاشرها معاشرة الأزواج، بعد وضع المنوم لها وأشقائها في الطعام، ليواجه مصيره خلف القضبان.

قبل خمسة أشهر من الجريمة مرضت الأم مرضا شديدا بسبب إهمال زوجها الذي تركها تعاني طوال سنوات مضت من الألم، رغم أنها هي من تتحمل المسئولية، تعمل ليلا ونهارا من أجل توفير لقمة العيش لأطفالها الثلاثة "عبدالله ومحمود ونيجار"، دون تحرك من الأب أو شعور بالخجل وهو يجلس في المنزل دون عمل، وزوجته هي من تكافح من أجلهم.

مرض الأم الشديد جعلها طريحة الفراش لا تقوى على العمل في المنازل مثلما كانت قبل ذلك، حتى نقلت إلى المستشفى، أخبرها الأطباء أنها لابد أن تخضع لعملية جراحية واستئصال جزء من أمعائها، حتى يتم شفائها، وبعد إتمام العملية بنجاح مكثت الأم داخل المستشفى قرابة شهرين متواصلين دون سؤال الزوج عليها، أو مشاهدة أبنائها الصغار التي تركتهم لا حول لهم ولا قوة.

فضلت الزوجة عدم الرجوع إلى منزل الزوجية مرة أخرى، لعدم اهتمام الزوج بها والسؤال عليها في محنتها والوقوف بجوارها، لتقرر استكمال باقي فترة العلاج بجوار والدتها المسنة في منزلهم بقرية أبو حماد في محافظة الشرقية، وبعد إتمام الخمسة أشهر خارج منزل الزوجية، طلبت الأم من زوجها رؤية أبنائها ولكن الأب كان يرفض في كل مرة حتى طلبت من أبناء عمومته الضغط عليه لإرسال أبنائها لها، وبالفعل استجاب الأب في تلك المرة.

وجه بشوش وسعادة لا توصف أظهرتها ملامح الأم عقب سماعها، قدوم أبنائها إليها لرؤيتهم بعد حرمان دام لأشهر، وحين وصل الأبناء إلى منزل جدتهم، تقابلت معهم بـ"أحضان وقبلات"، حينما شاهد الأطفال والدتهم، دقائق معدودة جلستها الطفلة "نيجار" مع ولدتها فأخبرتها بمرضها" بالتبول اللاإرادي" وهي في سن 12 عاما، طلبت الأم من ابنها "عبدالله" صاحب 11 عاما: "أنت ليه مخلتش أبوك يروح يكشف لأختك.. روح هات منه فلوس وتعالى علشان أروح أكشفلها".

"مش معايا فلوس..استني آخر الشهر لما أقبض".. تلك الكلمات التي أخبر بها الطفل والدته على لسان والده، فتعجبت من كلامه لعلمها أن زوجها ليس لديه وظيفة أو دخل ثابت، فقررت الأم الذهاب بابنتها إلى طبيب المسالك البولية، بـ100 جنيه التي أرسلها لها إحدى الجيران لمساعدتها لعلمه بعدم قدرتها على العمل، وأنها ترعى والدتها المسنة، حرمت الأم نفسها من شراء طعام بذلك المبلغ البسيط وقررت الذهب للكشف على "نيجار".

استقلت الأم مركبة "توك توك" ولحظات قليلة حتى وصلت إلى الطبيب، الذي طلب من الطفلة الصعود إلى سرير الكشف الأم تقف خلف ابنتها، ملامح الطبيب بدأت في التغير نظراته تجاه الطفلة لم تكن طبيعية، حتى أنهى الكشف، وطلب من الطفلة الانتظار في الخارج للحظات، ظنت الأم في البداية أن ابنتها لديها مرض خطير: "هو في حاجه يا دكتور..بنتي فيها حاجة" كلمات جعلت الطيب يتوقف قليلاً ومن ثم طلب معرفة صلة قرابتها بالطفلة: "أنا أمها يا دكتور".. ليرد الطبيب: "بنتك حامل يا مدام".

انهيار وبكاء هستيري بعدما أخبرها الطبيب بالكارثة، حاول الطبيب تهدئة الأم وطلب منها الذهاب إلى أحد الأطباء المتخصصين في أمراض النساء للتأكد، ووصف لها طبيب متخصص وبالفعل ذهبت الأم برفقة ابنتها الضحية، إلى الطبيب والذي أكد صحة الواقعة.

بخطوات مثقلة وعقل شارد تركت الأم عيادة الطبيب في حالة يرثى لها، تفكر كثيرا تنظر إلى طفلتها الصغيرة وتتساءل: "مين عمل فيكي كده يا بنتي؟"..ولكن الإجابة حضرت سريعا من الطفلة: "بابا يا ماما" كادت الأم السقوط أرضا، ودموعها لم تفارق عينيها، منذ سماعها الخبر الصادم، فذهبت إلى نجل عمها وأخبرته بالكارثة، لم يتردد في الذهاب إلى قسم شرطة أبو حماد بمحافظة الشرقية للبلاغ عن الأب.

اقرأ أيضًا: النيابة العامة: حبس قائد السيارة المتسببة في حادث سير وزير التنمية المحلية

خرجت قوة أمنية نحو منزل المتهم وحين تم استجوابه من بداية اللحظة الأولى اعترف بالجريمة: "أيوة أنا اللي عملت كده في بنتي"، وعلى الفور أخطرت النيابة العامة بالواقعة لمباشرة التحقيقات، وأمرت بحبس الأب 4 أيام على ذمة التحقيقات، وعقب الانتهاء من التحقيق أحالة النيابة العامة المتهم إلى محكمة الجنايات والتي أصدرت قرارها بمعاقبة الأب بالسجن المؤبد.