الطريق
جريدة الطريق

المدارس الجاذبة بين الامتاع والانتفاع

د. علي عبد المنعم حسين
-

فضول يستثار لدى أولياء الأمور والأبناء قبلهم ويتكرر عاما بعد عام مع بداية العام الدراسي الجديد، فالبدايات والاستعدادات نفسها على الرغم من اختلاف عنصر الزمن الذي ينبثق منه مفهوم الاسترجاع حتى وإن تغيرت السياسات الحاكمة أو ظلت كما هي إلا أن الهاجس الداخلي نفسه الذي يؤرق الجميع؛ ألا وهو هل سنجد مرادنا فيما تزعم مجتمعاتنا بتسميته المدارس الجاذبة لأبنائها؟ وهل نستطيع أن نترك أبناءنا ونذهب لأعمالنا آمنين مطمئنين للفعل ورد الفعل الذي سيحدث في هذا المكان؟، وغيرها من الأسئلة التي قد تتفق كثير من الأسر حولها، ومع ذلك كله نتشوق لأول تقرير عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو التلفاز عن سير اليوم الأول من العام الدراسي توصيفا وتشخيصا.

إنني أؤكد وبإلحاح على أن المدرسة إن عملت على تقديم قطبي الفائدة؛ قطب الإمتاع وقطب الانتفاع ستجد الأبناء يقبلون على الدراسة والانتظام بإرادتهم دون توجيه أو إلزام من آبائهم.

إننا أمام التزام حقيقي من قبل جميع الأطراف المعنية بالأمر أصحاب المغارم لا المغانم.. إن لحمة التضامن بين إدارة المدرسة ومعلميها وطلابها وعمالها وأولياء أمور هؤلاء الأبناء هي السبيل الحقيقي لجعل المدرسة مكانا لزراعة الفكر البشري وإعداد المواطن الصالح الذي يبغيه المجتمع، المواطن القادر على فهم ما يدور حوله من أحداث وقضايا وعلاقته بها ومن ثم فإن إشراك هذا المواطن في كل تفاصيل وممارسات وعمليات التدريس ضرورة لا يمكن تجاهلها كي يشعر المتعلم بقيمة ما يتعلمه بحيث يتعلم ليعيش ويتكيف وينمو.

وهنا علينا أن نصيح بصوت عال بضرورة الإيمان بقدرات المعلمين ورغبتهم في تهذيب سلوك المتعلمين وقدرتهم على انتقاء واختيار أفضل الممارسات، التي تتفق وضمائرهم المهنية ونشجعهم على ذلك في جو يسوده الود والاحترام بينهم وبين أولياء أمور الأبناء والإدارة المدرسية التي يعملون تحت ظلها.. إنها دعوة إلى تسليط الأضواء على النماذج الناجحة من المعلمين المتميزين أصحاب الرسالات من يرى الأبناء فيهم قدوة صالحة في العمل واحترام مهنة التدريس وتقاليدها.

ومن هنا تتغير المفاهيم المجتمعية التي سادت ولفترة طويلة بشكل غير مباشر وغير مقصود كي تحقق المدرسة أدوارها، وتصبح مكانا جيدا محفزا على التعليم وداعما له في بيئة تربوية محددة المعالم والأبعاد.

والواقع أنني لا أزعم خلو المدارس من كثير من المشكلات والصعوبات ولكن قناعتي إن الأكثر تأثيرا هو خلوها من معلمين يتخذون التدريس رسالة نبيلة لا مجرد مهنة أو وظيفة روتينية يمارسونها بلا هدف واضح، إن مهنة التدريس ستظل من أنبل وأجل المهن التي نبتغي بها مرضاة وجه الله لأننا سنسأل أمام الله على ما فرطنا في حقوق من وكلنا لرعايتهم وتعليمهم وتهذيب سلوكهم. أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اقرأ أيضًا: محمد عبد الجليل يكتب: ”زفة ابني الليلة”