الطريق
جريدة الطريق

محمد دياب يكتب: أين المسئولون من جحيم الناموس في الخطاره؟

محمد دياب
-


أن تعود إلى قريتك بعد غياب، حاملاً الحنين والشوق، ثم تُفاجأ بأن الراحة مستحيلة، وأن النوم حلم بعيد، فهذا أمر يفوق الاحتمال هذا ما شعرت به فور وصولي إلى قريتي الخطارة الصغرى لقضاء إجازة قصيرة، حيث وجدت أن الناموس صار سيد المكان، يهاجم الجميع بلا هوادة، يحول الليالي إلى جحيم، ويترك أجساد الأطفال والكبار مثخنة بلدغاته المؤلمة إن كنت أنا لم أستطع تحمل الأمر لأيام معدودة، فكيف بمن يعيشون هنا طوال العام؟ كيف يقضي الأهالي لياليهم وسط هذا العذاب المتكرر؟

الأمر لم يعد مجرد إزعاجٍ عابرٍ أو شكوى موسمية، بل أصبح كابوساً يومياً يحاصر الجميع، يُفسد لحظات السكون، ويسرق راحة الليل، ويترك أثره على الأجساد المنهكة من العمل والحياة. من المؤسف أن تتحول البيوت إلى سجون مغلقة، والنوافذ إلى دروع واقية، فيما تظل المعركة مستمرة بين الإنسان وهذه الحشرات التي فرضت سيطرتها بلا مقاومة

الناموس لم يعد مجرد إزعاج، بل تحول إلى أزمة صحية تهدد الصغار قبل الكبار، تُضعف الأجساد، تنقل الأمراض، وتزرع السهر في عيون الجميع لم ينجُ منه بيت، لم يسلم منه طفل، لم يرتح منه شيخ ولا امرأة أين الحل؟ لماذا هذا الصمت المطبق أمام معاناة الناس؟ هل يُعقل أن تترك قرية بأكملها تعيش وسط هذه الكارثة وكأن الأمر لا يعني أحداً؟

السيد المهندس محمد الاباصيري رئيس مجلس مدينة فاقوس نناشدكم بصوتٍ يعلوه الألم والتحذير هذا الوضع لم يعد يُحتمل الحلول ليست مستحيلة ولا معقدة لكنها تحتاج إلى إرادة وإلى تحرك سريع نطالب بتطهير البرك والمستنقعات التي تحولت إلى مصانع لإنتاج هذه الحشرات نطالب بحملات رش دورية داخل القرية ومحيطها باستخدام المبيدات الآمنة نطالب بتوعية السكان بطرق الوقاية والمكافحة

أما آن الأوان لإنهاء هذا المشهد العبثي؟ إلى متى يظل المواطنون أسرى لسعات الحشرات بينما المسؤولون في مكاتبهم المكيفة لا يشعرون بمعاناتهم؟ إن هذه المشكلة ليست رفاهية أو مطلباً ثانوياً، بل هي ضرورة حتمية لحماية صحة الناس وكرامتهم

أنا ما زلت في إجازتي هنا وأتمنى أن أرى تحركاً سريعاً لحل هذه الأزمة قبل أن تنتهي إجازتي حتى أعود إلى عملي وأنا مطمئن أن أهلي وأحبتي لن يظلوا أسرى لهذا العذاب اليومي فهل نرى استجابة حقيقية أم سيبقى الوضع على ما هو عليه؟


أنقذوا الخطارة الصغرى… قبل أن يُلدغ آخر أمل فيها!
فالعذاب لم يعد يُحتمل، والصمت لم يعد مقبولاً، والتهاون في هذا الملف صار جريمة مكتملة الأركان.
هل ننتظر انتشار مرض؟ وفاة طفل؟ كارثة بيئية؟ حتى تتحرك الجهات المعنية؟!
يا سادة… نحن لا نطلب معجزة، بل حياة، ولا نطالب بترف، بل أبسط حقوق الإنسان.

فإما أن يتحرك الضمير الآن… وإما أن يسجل التاريخ أنكم تركتم قرية بأكملها تنهشها الحشرات، وتئن تحت وطأة الإهمال!