الطريق
جريدة الطريق

رحاب غزالة تكتب: مصر بين إيران وإسرائيل.. موازنة القوة والحكمة في منطقة تغلي

-

وسط تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، تبرز مصر كلاعب إقليمي محوري يمتلك من عناصر القوة والتأثير ما يجعله ركيزة للاستقرار في منطقة تتأرجح على حافة الانفجار. فبينما تتسارع وتيرة التصعيد العسكري والتصريحات النارية بين الطرفين، تقف القاهرة على مسافة استراتيجية متزنة، تدير بها مصالحها وتحفظ بها توازنات الإقليم.

أولًا: القوة المصرية في الإقليم

مصر تمتلك مزيجًا نادرًا من عناصر القوة الصلبة والناعمة، يجعلها ذات تأثير كبير في أي صراع أو تهدئة إقليمية:

• قوة عسكرية رادعة: الجيش المصري يُعد من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، ويمتلك قدرات متنوعة برًا وبحرًا وجوًا، بالإضافة إلى خبرات كبيرة في التعامل مع الأزمات.

• موقع جغرافي استراتيجي: تتحكم مصر في شريان الملاحة العالمي (قناة السويس)، وتجاور غزة وإسرائيل من جهة، وتملك نفوذًا في البحر الأحمر وسيناء.

• دبلوماسية متزنة: تتبنى مصر منذ سنوات سياسة خارجية تقوم على التوازن والحوار، وتحرص على عدم الانجرار وراء سياسات المحاور، مما يعزز من مصداقيتها أمام القوى الكبرى والإقليمية.

ثانيًا: الدور المصري في ظل التوتر الإيراني-الإسرائيلي

• الوساطة والتهدئة: تعتبر القاهرة محطة رئيسية للوساطات في الأزمات، خاصة المتعلقة بقطاع غزة أو بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، كما تملك قنوات اتصال فاعلة مع كل من طهران وتل أبيب.

• ضبط حدود غزة: بفضل التنسيق الأمني مع الفصائل الفلسطينية، تلعب مصر دورًا كبيرًا في احتواء أي تداعيات أمنية يمكن أن تنفجر من غزة في حال نشوب حرب واسعة بين إيران وإسرائيل.

• حماية الأمن القومي المصري: القاهرة تتابع عن كثب كل التطورات، وتعمل على منع انزلاق الوضع الإقليمي إلى ما يمكن أن يؤثر على أمنها الداخلي، خصوصًا في ظل وجود قوى تسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة.

ثالثًا: مواقف مصر الثابتة

• مصر تُعارض تمامًا أي تدخلات أجنبية تزعزع استقرار دول المنطقة.

• ترفض مصر استخدام أراضيها أو حدودها كمنصات لأي صراع إقليمي.

• تدعم مصر حل الدولتين كمدخل لحل الصراع العربي-الإسرائيلي، وترفض سياسة فرض الأمر الواقع.

• تؤمن مصر بأن أمن الخليج هو جزء من أمنها القومي، وبالتالي فهي تتابع بدقة أي تهديدات إيرانية موجهة لدول الخليج.

رابعًا: تحديات وفرص

• التحدي الأكبر لمصر هو منع توسع رقعة الحرب لتشمل مناطق قريبة منها مثل غزة أو البحر الأحمر.

• الفرصة الأهم هي تعزيز دور مصر كوسيط إقليمي لا غنى عنه، مما يعيد لها ثقلها التاريخي ويجذب دعمًا دوليًا لدورها في تحقيق الاستقرار.

الخلاصة:

مصر لا تقف موقف المتفرج من الصراع بين إيران وإسرائيل، بل تمارس دورًا دبلوماسيًا وعسكريًا محسوبًا بدقة، يضمن مصالحها ويحفظ أمن المنطقة. وبينما تنشغل بعض القوى بالاستقطاب والتحالفات، تُثبت مصر مرة أخرى أنها “عقل المنطقة” وصمام أمانها في وقت الأزمات.