الطريق
جريدة الطريق

باحث في الشأن الإسرائيلي: شعور الاغتراب والتهديد المستمر يعمّق الأزمات النفسية في إسرائيل

باحث
عماد خلاف -


قال محمد الليثي باحث في الشأن الإسرائيلي، إنّ الأرقام التي أعلنتها وزارة الصحة الإسرائيلية، والتي تشير إلى وجود نحو 5 آلاف حالة تعاني من أزمات نفسية نتيجة التصعيد العسكري الأخير مع إيران، تعكس حجم الرعب الذي يعيشه الشارع الإسرائيلي في الوقت الراهن، مؤكدًا، أن هذه الأرقام تعبر عن وضع غير مسبوق في المجتمع الإسرائيلي، حيث أصبحت مظاهر التوتر والقلق جزءاً من الحياة اليومية بعد سلسلة الانفجارات التي طالت مناطق حيوية في تل أبيب ومدن أخرى.


وأضاف الليثي، في تصريحات مع الإعلامية دعاء جاد الحق، عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن مشاهد الدمار والأنقاض التي أصبحت تغطي الشوارع والمباني المهدّمة باتت مألوفة للإسرائيليين، وهي مشاهد كانوا يربطونها سابقاً بقطاع غزة، لكنها أصبحت اليوم واقعية داخل مدنهم.


وأشار إلى أن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، التي كان يُعَوَّل عليها كثيرًا، أظهرت فشلاً واضحًا، ما فاقم من الشعور بالخوف وانعدام الأمان لدى السكان.


وتابع، أن تزايد طلبات الدعم النفسي داخل إسرائيل لم يكن مفاجئاً، موضحاً أن الوضع النفسي في إسرائيل يعاني من الهشاشة حتى في الأوقات العادية التي تخلو من التصعيد العسكري، لافتًا، إلى أن هناك عوامل متجذرة تعمق هذه الحالة، أولها شعور الاغتراب الذي يرافق الشخصية الإسرائيلية منذ نشأة الدولة، وهو أمر موثق في الأدب العبري من خلال الروايات والقصائد التي تعكس صراع الهوية والانتماء.


وأوضح أن المواطن الإسرائيلي غالباً ما يشعر بأنه يعيش في مكان ليس له، وهو ما يولد اضطراباً داخلياً متواصلاً، متابعًا، أنّ هذا الشعور يتعزز بإحساس دائم بالتهديد من قبل المحيط الجغرافي، حيث تتواجد تهديدات مستمرة على الحدود من جهات متعددة كقطاع غزة، وحزب الله في لبنان، والجماعات المسلحة في سوريا، إضافة إلى المقاومة في الضفة الغربية.


وأكد الليثي أن فزاعة النووي الإيراني تُستغل داخلياً في إسرائيل لتعزيز الشعور بالخطر الوجودي، مما يؤدي إلى تأجيج التوترات النفسية بين السكان، موضحًا، أن هذا التهديد يُستخدم سياسياً ضمن سياق أوسع من الخطابات الإعلامية والسياسية التي تكرس الإحساس بأن إسرائيل محاطة بالأعداء من جميع الاتجاهات.


وذكر، أن هذا الإطار النفسي، القائم على تهويل الأخطار الخارجية، يُعمق الإحساس بعدم الاستقرار ويجعل من كل تصعيد عسكري أو أمني سبباً مباشراً في ظهور اضطرابات نفسية جماعية، موضحا أن الوضع الحالي يُعدّ أحد أشد الأوقات اضطراباً في الذاكرة الإسرائيلية الحديثة، حيث اجتمعت مشاعر الرعب، وفقدان السيطرة، والخذلان من منظومات الحماية، في آن واحد.