الطريق
جريدة الطريق

أيمن رفعت المحجوب يكتب: دروس فى الإقتصاد للوزراء الجدد... مقاييس الدخل القومى فى مصر

-

رأينا في مقالات سابقة أن الأدوات المالية المستخدمة في مصر من قبل الحكومات السابقة تسعى على استحياء،
الى اعادة توزيع الدخل القومي ( في محاولة لتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية ).........!!!!!!!!

ونضيف هنا اليوم أن تلك الأدوات ، قد يؤدي استخدامها الى تغيرات توزيعات " كلية " لا تظل ثابتة بل تتغير من وقت الى وقت أخر ، ومن ظرف اقتصادي الى ظرف اقتصادي أخر
(أي حين يعاني الاقتصاد من تضخم الأسعار تارة ، أو من انتشار البطالة والركود تارة أخرى).
وعليه تؤدي هذه الأدوات بالتالي الى ما يعرف بالتغيرات "الحدية" في التوزيع النهائى للدخول.

وامام هذا الوضع يمكن أن نواجه إذن نوعين من قياس إعادة توزيع الدخل القومي فى مصر ، حتى نتأكد إن كانت تلك الأدوات فعالة في تحقيق العدالة الاجتماعية المرجوة منها.
أولهما ؛
قياس الأثار التوزيعية الكلية للأدوات المالية ، ونقصد هنا ، ما يؤدي إليه تطبيق هذه الأدوات من إعادة توزيع الدخل القومي وفي صالح من ( الفقراء أم الأغنياء ).

وثانيهما ؛
قياس الأثار التوزيعية الحدية للأدوات المالية ، ونقصد هنا ، أيضاً ما انتهت اليه هذه الأدوات في تطبيقها من اعادة توزيع الدخل القومي وفي صالح من
(الفقراء أم الأغنياء مرة أخرى).

ولذلك وجب علينا أن نسجل بعض الملاحظات على هذين النوعين من القياس وهي ؛
أن قياس الأثار التوزيعية " الكلية " نتيجة تطبيق أي أدوات مالية يستلزم مقارنة التوزيع النهائي
" بالوضع المالي المحايد" .
أي بالوضع المالي الذي لا تمارس فيه الأدوات المالية دور في إعادة التوزيع على الاطلاق ، وهو المعنى الذي ينصرف الى تساوي منافع النفقات العامة التي يحصل عليها الفرد مع ما يدفعه من أعباء عامة ( ضرائب ورسوم) وهو مالا يؤثر على التوزيع الأوليّ للدخل القومي
( حيث يظل الغني غنيا والفقير فقيراً).

بينما ينصرف قياس الأثار التوزيعية " الحدية" لاستخدام الأدوات مالية ذاتها الى مقارنة الوضع المالي الجديد
(أي بعد التوزيع النهائي) ، وهو مقارنة الوضع المالي بعد تطبيق الأدوات المالية ، بالوضع المالي السابق على التطبيق ، وهو الوضع المالي التي تمارس فيه الأدوات المالية هو الآخر أثرها الواضح في إعادة التوزيع.

ومعنى ذلك أن قياس الأثار التوزيعية الحدية ينصرف الى المقارنة بين وضعين ماليين تمارس فيهما الأدوات المالية تأثيرها في اعادة توزيع الدخل القومي ، أي ينتهي الى مقارنة اعادة التوزيع بعد حدوث التغيرات في الأدوات المالية بمدة معينة ، بإعادة التوزيع قبل حدوث هذا التغيير.

ومن هنا يتضح لنا أن المقصود بالتوزيع الأوليّ يختلف
تبعاً لمّا إذا كنا بصدد قياس الاثار التوزيعية الكلية أم بصدد قياس الاثار التوزيعية الحدية.
إلا أن هذين النوعين من القياس يواجهان موضوعين مختلفين ولكنهما مكملين ، بحيث لا يمكن لأحدهما أن يغني عن الأخر ، وذلك لأن ؛
أولهما يواجه ؛
وعلى ما قدمنا ، قياس الاثار التوزيعية الكلية ، أي قياس إعادة التوزيع في مجموعهما ، وأنه يعطي بذلك صورة حقيقية للوضع المالي لكل فرد ( أو لكل فئة اجتماعية ) ،
وأن ثانيهما ؛
يواجه قياس الأثار التوزيعية الحدية ، أي قياس الأثار المترتبة على تغير معين في النطام المالي ذاته ، ويقاس بعد فترة زمنية معينة من تطبيق الأدوات المالية في ظل نظام السياسة المالية الجديدة .
وعليه يمكن أن ننتهي الى أن قياس أي أثر توزيعي لاستخدام أدوات مالية كسياسة جديدة فى مصر ، لحل مشكلة عجز الموازنة ، أو دفع عجلة التنمية ، أو محاربة البطالة ، أو تقلص معدلات التضخم ، أو حتى تصحيح منظومة الدعم وإعادة توزيع الدخل القومي في صالح الفقراء ، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية ، أمر لا تظهر أثاره أو سياسة تؤتي ثماره على الفور ، بل تحتاج الى زمن معين لكي يتضح لنا ما اذا كانت مجدية أم سوف تفضي الى لا شيء.

لذلك أنصح الحكومة الجديدة بتوخي الحذر في اعلان أي نتائج لسياساتها المالية أو حتى النقدية ، الا بعد عام على الأقل من تطبيقها حتى يتسنى لنا قياس الأثار التوزيعية "الكلية" و "الجزئية" لها.

وانصح المحللين المتخصصين و الاعلام عدم التسرع فى الحكم على اداء الحكومة و استباق النتائج لان الامر اكثر تقعيدا من ان نصدر حكمنا علية فى فترة وجيزة.
والا بذلك نكون لنظلم اى حكومة ليس فى مصر وحدها بل فى العالم اجمع..........