الطريق
جريدة الطريق

في الذكرى الخمسين لحريق المسجد الأقصى.. كيف ضاع الحق العربي وانتصر الإرهاب الصهيوني؟

حريق الأقصى والإرهابي مايكل روهان
عواطف الوصيف -

"عندما حرق الأقصى لم أنم تلك الليلة، واعتقدت أن إسرائيل ستسحق، لكن عندما حل الصباح، أدركت أن العرب في سبات عميق".

بتلك الكلمات أعربت رئيسة وزراء الإحتلال الصهيوني جولدا مائير عن موقفها من الحريق الذي نشب في المسجد الأقصى، وهو ما مثل صفعة على وجه كل عربي، لكن ما قاله السياسي الصهيوني يوسي بيلين يختلف تماما عن رؤيتها.

فقد نشر "بيلين" مقالا في صحيفة "إسرائيل اليوم"، مثل إنتقادا مباشرا للسياسة التي تتبعها قوات الإحتلال في القدس، وفي نفس الوقت منوها عن ما حدث في الماضي، حينما حُرق المسجد الأقصى، حيث قال إن سياسة إسرائيل في القدس جنونية، وهي تذهب باتجاه إشعال الحرم القدسي، وكأننا في سيناريو يستعيد إحراق المسجد الأقصى في مثل هذه الأيام قبل خمسين عاما، ذلك الرأي الذي يمكن أن نصفه بأنه تذكرة لكل عربي بأن إسرائيل عملت على إحراق وهدم جميع المباني الإسلامية في الحرم القدسي، من أجل التسريع ببناء هيكل سليمان الثالث".

وفي الذكرى الخمسين لحرق المسجد الأقصى، تلك الواقعة التي تعد طعنة في قلب كل عربي، يرصد "الطريق" تفاصيل هذه الكارثة وكيف حدثت.

نشب حريق المسجد الأقصى في 21 أغسطس عام 1969، وحينها زعم الإحتلال أن هذا الحريق كان نتيجة ماس كهربائي، لكن وبعد أن أثبت المهندسون العرب، أن الحريق بفعل فاعل، لم تجد سلطات الاحتلال سوى الإعتراف بالحقيقة. 

وبحسب الرواية التي أعلنت عنها إسرائيل فإن إرهابيا استراليا يدعى "دينيس مايكل روهان" هو المسؤول عن نشوب هذا الحريق، مدعية أنها ستعمل على تقديمه للمحاكمة، وخلال السطور المقبلة سنوضح من هو مايكل روهان.

ولد روهان عام 1941، وهو مسيحي صهيوني، وينتمي لإحدى الكنائس الأنجيلية، التي تعرف باسم "كنيسة الرب العالمية" وهو من أصحاب النزعات، وكان يؤمن بشدة أن المسيح سيعود، لكن الأزمة في أنه يؤمن في أن عودة المسيح لن تحدث إلا بعودة بني إسرائيل إلى أرض فلسطين، والأهم هو بناء "الهيكل الثالث". 

كان روهان يؤمن أنه "مبعوث الرب" اذي يتوجب عليه هدم الأقصى، مع التفكير في سبل بناء "الهيكل الثالث"، وذلك كله لكي يعود المسيح مرة أخرى، وبدأ روهان في تنفيذ هذه الخرافات بعد أن وصل إلى فلسطين عام 1969.

بعد أن وصل روهان للأرض المحتلة عام 1969 انضم لأحد "الكيبوتسات" الزراعية، التي تقع بالقرب من مستوطنة "نتانيا"، وكان دائما ما يؤكد للأخرين أنه اليهودي المكلف من الإله بمهمة عظيم، وفي شهر يوليو من نفس العام أنتقل روهان إلى القدس ،واستأجر غرفة في فندق "ريفولي"، وقضى معظم وقته في القدس متجولا ومتفقدا للمسجد الأقصى وساحاته. 

بدأت محاولات روهان التخريبية من خلال إشعال الحريق في المصلى القبلي، وذلك عن طريق أحد مداخله التي تع في الجهة الجنوبية الشرقية، بالقرب من محراب زكريا، وبحسب اعترافاته لدى شرطة الاحتلال، تسلق روهان إحدى أشجار المسجد الأقصى، وبعد انقضاء صلاة العشاء وخروج الناس، وفي حوالي الساعة 11 ليلا، بدأ بإشعال الحريق، ومن ثم خرج من المكان متسلقا سور القدس جهة باب الأسباط، لأن أبواب المسجد كانت مغلقة في ذلك الوقت المتأخر من الليل، لكن في اليوم التالي، ذهب روهان لكي يتفقد أثار جريمته، فلم يجد إلا بقايا الفتيل الذي حاول إشعاله وبضعة بقع من البترول الذي لم يشتعل. 

وفي 21 أغسطس من عام 1969، توجه الإرهابي الصهيوني إلى باب الأسباط، وانتقل بعد ذلك إلى باب الغوانمة، وتوجه إلى المصلى القبلي، وأخرج من حقيبته وشاحا أغرقه بالبترول، وفرشه على عتبات درجات منبر صلاح الدين، وصب فوقه المزيد من البترول والبنزين، وأشعل فيه النار بالكبريت. 

وسرعان ما ضاع الحق وتيسرت الأسباب لمساعدة المجرم، فقد تم تقديم فحوصات لعدد من الأطباء يمثلون الادعاء والدفاع، لتقرر المحكمة أن روهان غير مؤهل للمحاكمة بسبب ما يعانيه من مشاكل صحية ونفسية، ليقال إنه وعند تنفيذ هذه الجريمة كان تحت تأثير أوهام وتخيلات .

في عام 1974، وبعد ضغوطات من العائلة، وبسبب ما قيل عن وضعه النفسي، عاد روهان إلى أستراليا، وتوفي هناك عام 1995.