الطريق
جريدة الطريق

كيف بدأ الخلق؟!

-

الأسئلة اللى بيسألها ولادنا كتير بتكون من نوعية «كيف بدأ الخلق». تعالوا نشوف حكاية ممكن نحكيها لهم لما يسألوا النوعية دى من الأسئلة، وأهو كمان نرتب دماغنا ونتأمل البشرية تطورت إزاى فى علاقتها بالعالم الطبيعى.

 

بدأت الحضارة مع الثورة الزراعية، من حوالى 10 آلاف سنة: اكتشف البشر كيفية إدارة والاستفادة من طاقة الشمس وتحويلها لسعرات حرارية علشان يقدروا يعيشوا، عن طريق الزراعة، ياكلوا ويشربوا. الزراعة هى إن المُزارع يتولى عملية إدارة ورعاية نباتات قابلة للأكل ولها منافع أخرى. النباتات بتستقبل الضوء من الشمس، ومن خلال عملية التمثيل الضوئى بتحول طاقة الشمس لنسيج نباتى، إما مُغذيًا للبشر أو الحيوانات أو له فوائد زى إنه بيُستخدم فى اللبس، زى القطن والكتان. قامت حضارات عظيمة على كتف الثورة الزراعية: الحضارة الفرعونية على ضفاف النيل، وحضارة بين النهرين، وحضارة شمال الهند وحضارة عظيمة فى الصين وغيره كتير.

 

دخل القرن التاسع عشر، وبدأت الثورة الصناعية، اللى انطلقت من إنجلترا وتحديدًا على يد وبتحريض من تُجار وصُنّاع الغزل والنسيج. الثورة الصناعية استفادت من كميات مهولة من مناجم الفحم اللى كانت فى إنجلترا. الإنجليز، ولأسباب كتير هنحكى عنها مرة تانية، طوروا المحرك البخارى اللى بيشتغل بالفحم، وكفاءته فى الإنتاج كانت أعلى بكتير من الطاقة البشرية والطبيعية «زى طاقة المياه مثلًا» اللى كانت بتنتج الغزل والنسيج فى القرن الثامن عشر وقبله. وبعدين ابتكروا السكك الحديدية والقطارات علشان ينقلوا الفحم من المناجم للموانئ، فاستخدموا الفحم لتصنيع الحديد الصلب، ثم استخدموا الحديد فى تصنيع سفن بخارية حربية أعطت الإنجليز تفوقًا هائلًا فى الحروب اللى قامت بالأساس عشان يهيمنوا على التجارة وبيع المنتجات اللى أنتجوها لما استخدموا الفحم فى المحرك البخارى للإنتاج، وأصبحت الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس. ماهو الشىء لزوم الشىء، وسبحان العاطى الوهاب.

 

المهم إن الفحم برضه عبارة عن طاقة شمسية مُخزنة، زى النباتات بالظبط. إزاى؟ الفحم بمعنى ما هو حفريات من مواد عضوية، حيوانات وشجر ونباتات ماتت، ومتخزنة فى باطن الأرض من زمان جدًا، والطاقة الشمسية اللى فيه مكثفة لدرجة رهيبة مقارنة بالطاقة الشمسية المخزنة أو المنقولة للبشر عن طريق المزروعات والنباتات. لا يوجد مصدر للطاقة فى الدنيا إلا ومصدره الأول هو الشمس.

 

وكأن العالم من ساعة ما بدأت الثورة الصناعية وبدأت بطاقة الفحم والمحرك البخارى، ثم البترول ومشتقاته من بنزين وخلافه، بدأ يتعاطى منشطات. الطاقة المُخزنة فى باطن الأرض من ملايين السنين خرجت على السطح، لدرجة إن باحثين معنيين بالطاقة شبّهوا الوقود الأحفورى ده «اللى هو الفحم والبترول وخلافه» بكائنات زومبى، غير طبيعية، لو قارناها بالطاقة المتجددة زى طاقة الرياح والمياه والسعرات الحرارية المتخزنة فى النباتات واللى كانت أصلًا طاقة شمسية. الاتنين مخازن للطاقة الشمسية: الفحم والبترول على جانب، والمزروعات على الجانب الآخر. لكن الصنف الثانى مخزّن الطاقة الشمسية بعملية التمثيل الضوئى اللى بتوصلنا للمحصول فى ظرف شهور فى أقصى تقدير، والصنف الأول مخزن طاقة شمسية، بكثافة رهيبة، من ملايين السنين. فيه شىء مش طبيعى فى الحكاية دى؟ فيه شىء يخوف؟ إننا عايشين على طاقة متخزنة من ملايين السنين؟ يعنى البنزين فى عربياتنا قديم من أيام الديناصورات. إن شىء ربنا سايبه فى قلب الأرض من زمان جداً فتحنا إحنا غطاه وطلعناه وأطلقنا عوادمه فى الجو؟ آه، متهيألى.

 

دى الثورة الزراعية وأختها الثورة الصناعية والشمس المتخزنة طاقتها فى القمح والفحم والبترول. الموضوع كبير والكلام فيه كتير. نكمل المرة الجايّة بكلمتين بالتفصيل شوية عن حاجة اسمها «الأنثروبوسين» أو «الحقبة الجيولوجية البشرية» حصلت بسبب الثورة الصناعية دى، وهنفضل رايحين جايين فى التاريخ والحاضر والمستقبل نتأمل فى خلق الله وصنع البشر، عشان لما عيالنا يسألوا كيف بدأ الخلق يمكن نلاقى فكرة ولا اتنين نحكى فيها معاهم.