الطريق
جريدة الطريق

في ذكرى رحيله.. 10 محطات في حياة الشيخ محمد الفحام.. الإمام الأكبر شهد له علماء فرنسا

الدكتور محمد الفحام
محمد علي -

يحل السبت 31 أغسطس، ذكرى رحيل شيخ الأزهر الدكتور محمد الفحام، الذي رحل عن عالمنا في عام 1980م، وذلك بعد مسيرة دعوية حافلة أفاضت علما ومعرفة، انطلقت من المعهد الديني بالإسكندرية، ويرصد «الطريق» أبرز المحطات في حياة الإمام الراحل:

 

ولد محمد محمد الفحام بمدينة الإسكندرية، في 18 من سبتمبر 1894م ونشأ في أسرة مسلمة غنية، أرسلته ليحفّظ القرآن ويجوّده على يد كبار العلماء، فلما أتمه ألحقوه بالمعهد الديني بالإسكندرية الذي كان يتبع نظام التعليم به نظام التدريس في الجامع الأزهر الشريف.

 

منذ صغره، تمرس «الفحام» فى العلوم الدينية الإسلامية المختلفة وتقدم على أقرانه فلفت الأنظار إليه وعندما سمع شيخ الأزهر في ذاك الوقت، «سليم البشري» عنه فأختبره فوجده مُلمًّا بالنحو فاهما لدقائقه فأثنى عليه، ولما وجد أساتذته في المعهد حبه وسعيه لتحصيل العلوم فكانوا يهدونه مؤلفاتهم.

 

ونبغ محمد الفحام في العلوم العربية والشرعية ولع بالمنطق والجغرافيا، وتفوق المنطق ونبغ فيه حتى أنه ألّف كتابا في المنطق بعنوان «الموجهات» وهو لا يزال طالبا في الصف الثاني الثانوي، وأصبح الكتاب مرجعاً لزملاؤه في المعه، ثم أنهى دراسته وأصبح يدرس بالقسم العالي، ونال الشهادة التى كانت تسمى فى ذلك الوقت «العالمية النظامية» بتفوق بعد امتحان أداه بالجامع الأزهر عام 1922م .

 

بعد انتهاء محمد الفحام من الدراسة، عمل فترة بالتجارة، وبعدها تقدم لمسابقة أجراها الأزهر لاختيار مدرسين للرياضيات وفاز في المسابقة، ووصله خطاب التعيين في سنة 1926م للعمل مدرسا في المعهد الديني بالإسكندرية وهو نفس المعهد الذى تلقى فيه تعليمه، وقام بتدريس الرياضيات إلى جانب علوم أخرى أجادها لمهوبته الفائقة فى تدريس الحديث والنحو والصرف والبلاغة.

 

وفي 1935م نُقل إلى كلية الشريعة لتدريس مادتين أخريتين هما علم المنطق وعلم المعاني، وبعد سنة تم اختياره للسفر إلى بعثة تعليمية للدراسة في فرنسا، فسافر إلى هناك هو وأسرته، ولم يستطع الرجوع لقيام الحرب العالمية الثانية ونال الدكتوراه من جامعة السربون عام 1946م عن بحث فريد من قبل وكان بعنوان «إعداد معجم عربي فرنسي للمصطلحات العربية في علمي النحو والصرف»، ونالت رسالته إعجاب الأساتذة المستشرقين الفرنسيين وتقديرهم لغزارة علمه؛ حتى قال له بعضهم: «ما أظن أنه وطئت أرض فرنسا قدم رجل أعلم منك بالعربية ».

 

وعندما عاد من بعثته فى فرنسا عين للعمل مدرسا بكلية الشريعة، ثم كلف لتدريس الأدب المقارن والنحو والصرف فى كلية اللغة العربية، وفي سنة  1959م عين عميدا لكلية اللغة العربية، وظل يمارس وظيفة منصبه حتى أحيل إلى المعاش سنة 1960م وقد أرسله الأزهر لدراسة أحوال المسلمين فى بعض الدول التى يرسل إليها الأزهر بعثاته فذهب إلى نيجيريا في سنة 1951م وظل مقيما هناك خمسة أشهر، وفي 17 من سبتمبر 1969م صدر قرار جمهوري بتعيين محمد محمد الفحام شيخًا للأزهر خلفا للشيخ حسن المأمون؛ وكان تعيينه فى ظروف حرب الستة أيام المعروفة فى التاريخ بالنكسة 1967م.

 

لم تطُل مشيخة «الفحام» للأزهر، فطلب من المسئولين اعفائه من المنصب لرغبته الملحة في الراحة بعد أن كبر سنه، والمشيخة تحتاج إلى دأب ونشاط رأى أنه ليس في استطاعته أن يقوم بتبعات المسئولية الكبيرة على الوجه الذي يرضيه، فوافق رئيس الجمهورية على طلبه، وصدر قرار بتعيين الدكتور عبد الحليم محمود شيخًا للأزهر، وقضى الشيخ وقته في القراءة وكتابة البحوث واكتفى بنشاطه في المجمع اللغوي حتى وفاته في 19 من شوال 1400هـ، الموافق 31 من أغسطس 1980م.