الطريق
الأحد 19 مايو 2024 04:42 مـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

خاص| تسريبات المالكي تثير التوتر السياسي في العراق.. ما أسرارها؟

رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر
رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر

أثارت التسريبات الصوتية المنسوبة لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، والتي يهاجم فيها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وعددا من الزعماء السياسيين في البلاد، ضجة كبيرة في الشارع العراقي والدوائر السياسية، وزادت من القلق السياسي في ظل غياب حكومة جديدة وشلل يصيب الدولة.

وتناول التسجيل المسرب الذي كشف عنه الناشط المدني علي فاضل، وهو رئيس المنظمة الأمريكية العراقية لمكافحة الفساد، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي تم بثه على 5 أجزاء، قضايا حساسة وخطيرة تلامس السلم الأهلي وتوجه اتهامات لدول إقليمية وعالمية بالتدخل في شؤون العراق بعد 2003.

ويشهد العراق توترا بين الطرفين الشيعيين البارزين، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي على خلفية تسجيلات صوتية مسربة منسوبة للأخير، ليزداد تعقيد المشهد السياسي المتأزم منذ الانتخابات التشريعية المبكرة.

خلاف متواصل

ويأتي هذا التوتر في سياق خلاف متواصل بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الذي يعدّ المالكي أبرز المنضوين فيه، منذ إعلان نتائج الانتخابات النيابية المبكرة قبل تسعة أشهر، ولم يتمكّن الطرفان من الاتفاق على صيغة تخرج البلاد من المأزق السياسي، وتشكيل حكومة.

وبعد نيل كتلته 73 مقعدًا نيابيًا، كان الصدر يريد تشكيل حكومة أغلبية بالتحالف مع كتل سنية وكردية، فيما أراد خصومه في الإطار التنسيقي تشكيل حكومة توافقية، لكن الصدر قرر سحب نوابه من البرلمان في يونيو الماضي، في خطوة اعتبرت أنها تهدف إلى زيادة الضغط على خصومه السياسيين.

وبانسحاب نواب الكتلة الصدرية، بات للإطار التنسيقي العدد الأكبر من المقاعد في البرلمان العراقي، لكن حتى الآن لم يتمكّن الإطار أيضاً من الاتفاق على اسم مرشحه لرئاسة الحكومة.

نفي المالكي

وفيما تجمّع مناصري التيار الصدري، الإثنين، في مدن في جنوب البلاد للاحتجاج على التسجيلات، خصوصاً في الناصرية والعمارة والكوت، نفى المالكي الذي يعدّ من أبرز السياسيين الشيعة في العراق، أن تكون تلك التسجيلات تعود إليه.

وكشفت التسريبات الصوتية، دور المليشيات المسلحة وجهات ارتباطها وطبيعة المخططات الدامية التي ترمي إلى تنفيذها عبر إثارة الشارع وخلط الأوراق بذريعة الدفاع عن «مصالح الطائفة الشيعية».

واتهم المالكي، في الجزء الأول من المقطع الذي تم تسريبه الأسبوع الماضي، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني بـضرب الشيعة عبر احتضان طائفة السنة، واختراق الوضع الشيعي باستخدام مقتدى الصدر، على حد تعبيره.

وشن المالكي في المقطع الثاني المسرب، هجوماً لاذعاً على رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر وحذر من استلامه السلطة في العراق.

وزعم أن «إيران دعمته لتجعل منه نسخة ثانية من زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، أنا أعرفهم، ضربتهم في كربلاء والبصرة ومدينة الصدر، أردت جعل الحشد الشعبي مشابها للحرس الثوري الإيراني».

ووفقا للتسجيل وصف المالكي، مقتدى الصدر بـ«الجاهل الذي لا يعرف شيئا» -وفق زعمه- وأنه تلقى الدعم وأنصاره من إيران بعد تزويدهم بـ«الصواريخ الذكية»، إبان العمليات التي استهدفتهم في «صولة الفرسان» عام 2008.

وفي التسجيل الثالث تحدث التسريب المنسوب لنوري المالكي عن «منظمة بدر» المقربة من إيران، والتي يتزعمها هادي العامري وقال: «لديهم قوة ويأخذون رواتب حوالي 30 أو 40 ألف مقاتل، كما أن مقتدى الصدر لديه ألفا جندي في سامراء، لكنه يتسلم رواتب 12 ألفا».

أما التسجيل الرابع فهاجم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، مقتدى الصدر، ووصف المرحلة المقبلة بـ«مرحلة قتال، والصدر يريد الدم.. وقد أخبرت رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أني لا أثق بالجيش والشرطة، وكل واحد سيدافع عن نفسه.. أنا سأدافع عن نفسي».

واستدرك بالقول بحسب التسجيل المزعوم: «لدينا دبابات ومدرعات ومُسيّرات.. أول عشيرة استعدت لذلك هي عشيرة بني مالك التي قالت في حال التحرش بي فإنها ستتدخل، أتمنى أن نكون مستعدين، المسألة ليست إعلاما، وإنما استعداد نفسي وعملي بالسلاح وتوفير الغطاء».

وهدد المالكي بـ«مهاجمة النجف لحماية المرجعية في حال هاجمها الصدر»، مضيفا أنه «أعد العدة لذلك بتسليح 15 فصيلا».

وفي الجزء الأخير من سلسلة المقاطع الصوتية، تحدث المالكي، مع الحاضرين الذين بادلوه الحديث والردود، عن «مخطط دم»، لإراحة ما أسموهم «الخونة»، وإعادة التموضع للكيان الشيعي بحسب زعمهم.

وزعما الشخصان اللذان ظهرا في التسجيل الصوتي بأنهما ينتميان لمليشيا «أئمة البقيع»، ويتحركان ضمن غطاء مرجعي لشخصية ديني تدهى «الميرزا».

ودعا الشخصان، خلال التسريب، المالكي إلى ترأس هذا المشروع بعد أن وصفاه بـ«المخلص الذي لم يخن القضية» وأنه «يمتلك من الصفات ما يؤهله للقيام بهذا الدور».

رد الصدر

ورداً على التسريبات، نشر مقتدى الصدر بيانا شديد اللهجة عبر فيه عن استغرابه من «محاولة قتله من قبل حزب الدعوة وكبيرهم المالكي».

وطالب «المالكي بالاعتكاف واعتزال العمل السياسي واللجوء للاستغفار أو تسليم نفسه ومن يلوذ به إلى الجهات القضائية، ولا يحق له، بعد أفكاره الهدامة، أن يقود العراق بأي صورة من الصور، بل ذلك خراب ودمار للوطن وشعبه».

ودعا الصدر عشيرة المالكي إلى استهجان التسريبات ووأد الفتنة، مناشدا حزب الدعوة والقيادات المتحالفة معه في الإطار التنسيقي إصدار بيان استنكار لتهجم المالكي على التيار الصدري.

وشدد على أنه «يجب ألا يقتصر الاستنكار على اتهامي بالعمالة لإسرائيل أو قتل العراقيين، بل الأهم من ذلك، هو تعديه على قوات الأمن العراقية واتهام الحشد الشعبي بالجبن وتحريضه على الفتنة والاقتتال».

القضاء يحقق

وعلى وقع الجدل الدائر حول التسريبات، أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، الثلاثاء، أنه تلقى طلباً لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

وبشأن تلك التسريبات، قال الناشط المدني علي فاضل، إنه «يمتلك تسجيلات صوتية أخرى سيتم بثها لاحقاً مقتطعة من الجلسة المسجلة والتي استمرت نحو ساعة».

وأكد فاضل، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن نشر تلك التسجيلات هدفها «فضح الفاسدين وإنهاء تسلط المليشيات على مقدرات البلاد».

وتابع أن «لديه تسجيلات أخرى تدين أغلب القيادات السياسية في العراق بينهم الصدر ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي».

المشهد السياسي

وحول التوتر السياسي في العراق، قال الخبير الاستراتيجي الأمني، أحمد الشريفي، إن «المشهد برمته بات ينذر بالخطر وتأزم المواقف ليس بين الصدر والمالكي فحسب وإنما مع أطراف أخرى مستها نيران الاتهامات خلال المقاطع المسربة».

وأضاف الشريفي في تصريحات لموقع «الطريق»، أن «مضمون تلك الصوتيات المسربة إذا ما تأكد من صحتها ستوسع من دائرة الصراع المحصورة في الوقت الراهن بين طرفي المشهد الشيعي الصدر والمالكي وتمتد نحو كيانات وقوى وأذرع من بينها الحشد الشعبي وهو قد تتفجر بتصادم القواعد الشعبية لتلك العناوين».

ووتابع أن الأمر «مازال في بدايته والأيام تنذر بمزيد من التبعات والمواقف على المستوى السياسي والإعلامي بما يؤشر على التصعيد لاحقاً».

تعميق الانقسام

وقال غازي فيصل حسين مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إنه على الأغلب لن يتم انتخاب رئيسا للجمهورية ولا رئيسا للوزراء حاليا، بسبب الصراعات على المناصب وانعدام الثقة بين الأحزاب السياسية.

وأضاف حسين، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن التسريبات الصوتية المنسوبة للمالكي عمقت من الانقسام الحاد بين الصدر والمالكي من جهة وحزب الدعوة والتيار الصدري من جهة أخرى.

وأكد أن هذا الحدث سيقوض مختلف التفاهمات السياسية سواء داخل تحالف الإطار التنسيقي (تجمع لأحزاب شيعية) وبقية القوى أيضا.

وتوقع رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية أن يشهد ائتلاف المالكي انشقاقات من شأنها أن تؤدي إلى حل مجلس النواب ومن ثم الذهاب نحو انتخابات مبكرة.

اقرأ أيضا: الخلاف بين التيار الصدري والإطار التنسيقي

موضوعات متعلقة