الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 06:22 صـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أُم عندها 13 سنة| المحكمة تسدل الستار على جريمة أب باع طفلته مرتين.. وهتك عرضها مع آخرين

زواج القاصرات
زواج القاصرات

"فرحت إني اتخطبت بدري عن صاحباتي من المدرسة، بس ياخسارة ما كنتش أعرف إني بحكم على نفسى بالموت".. قصة تفاصيلها نسجها غياب الضمير والإنسانية، تدرك للوهلة الأولى مآسيها عندما تقرأ تفاصيلها، لا يصدقها عقل بشري.

فبين طيات أوراق قضية بمحكمة فاقوس داخل محافظة الشرقية، وجدنا مفأجآت مؤسفة، خالفت كل الأعراف والعادات والتقاليد وتئن من آلامها كل من ذاق كأسها، ألا وهي "زواج القاصرات.. زواج الأطفال.. الزواج المبكر" سَمّه كيف تشاء فالنتيجة واحدة،  هنا نعرض لكم قصة مأساة طفلة عمرها 13سنة، تزوجت من رجلين وأنجبت من الأول طفلة والثاني لم يمكث معها أكثر من شهرين بسبب رفضها الإنجاب منه.

بداية المأساة

"البنت كبرت وجوازها سُترة".. مقولة شعبية منتشرة بين العوام، سرعان ما اصبحت سببا فى تدمير حياة المئات من الفتيات، بعد إقبال الأهالى خصوصا فى المناطق الريفية على تزويج بناتهم قبل بلوغهن السن القانونية، دون إدراك عواقب تلك الخطوة.

ذهبت المدرسة يعلو وجهها فرحة عارمة بين زملائها، "أيه مش هتبركولي يابنات أنا اتخطبت وهتجوز"، لم تتخيل الطفلة يوما أنها بعد أشهر قليلة ستصبح عروسة بالفستان الأبيض، سرقتها سكينة الفرحة والنشوة بالفستان الأبيض، بعد أن كانت من أيام قليلة تلهو مع أقرانها وسط الأطفال لتعيش حياة طبيعية، إلا أنها وجدت نفسها مسئولة عن بيت وزوج ورضيع لم يتجاوز عمره الشهور.

فرحة لم تتم

لم تتخيل "فاطمة. م"، البالغة من العمر الـ13 عامًا، ابنة الأسرة البسيطة، حيث يعمل والدها "عامل يومية" يكسب قوته يوما بيوم، ووالدتها ربة منزل، أن زفافها قد دنا دون أن تعلم مسئوليات الزواج، ولكن أصر والدها على تمرير الجريمة، وبيعها لرجل أكبر منها بـ20 عامًا.

"فرحت إنى اتخطبت بدرى عن صاحباتى فى المدرسة، بس كنت فاكرة إنها حاجة كويسة، لكن يا خسارة ما كنتش أعرف إن أبوايا وأمي حكموا عليه بالموت وأنا لسه على وش الدنيا".

طلاق بدون ورق

تمت إجراءات الزواج على عجل، أغرى الزوج الانتهازي والد الضحية "أنا شاري وكل حاجة من الألف للياء عندي، ماتقلقش من حاجة أنت بس بارك"..مرت عدة أشهر  وسرعان ما حملت الطفلة طفلا ىخر فى أحشائها، لتعرف المشاكل طريقها إلى البيت وتعاني الصغيرة بسبب حداثة سنها، لم يمهلها الزوج لتضع حملها وتخلص منها بالطلاق عرفيا سريعا، فليس هناك ثمة اوراق تثبت بها الزواج أو نسب الطفل، لتصبح حائرة، تهيم على وجهها، لا تعرف كيف تتصرف بعد طلاقها من زوجها الذي انجبت منه "طفلة" دون الحصول على أي مستحقات لزواجها عرفيا.

 

الأب يمارس إجرامه..كلاكيت تاني مرة

 

أقدم الأب على تزويجها مرة أخرى لإخلاء مسئوليته عن رعايتها ورعاية طفل قادم، فقرر تزويجها مرة أخرى هربا من مسؤوليتها بعد هرب الزوج الذل، وكأنه لم يتعلم من الدرس الأول قائلا: "جوزتها علشان أسترها وأستر ابنها"، وعند كتابة عقد زواج، كتب الزوج الثاني فى القسيمة أنها بكر رشيد لعدم ثبوت زواجها الأول، وبعد الزواج تركت الطفلة البالغة عدة أشهر مع أهلها لتصبح يتيمة الأم والأب مبكرا".

أنا لسه صغيرة معرفش حاجة

 

لم تتخيل الفتاة الضعيفة يوما ما أن تتزوج من رجل أكبر منها بـ20 سنة ليقضي معها لحظات قليلة أشد أنواع العنف جسديا، تنتهي بأشد النهايات قسوة "بيضربني علشان مش عايزة أخلف منه وربنا يسامحهم أهلي أجبروني على الزواج وأنا طفلة لا أفهم معنى المسئولية ويا ريت تساعدوني"، تركت المنزل حائرة لا تعرف كيف تتصرف لقسوة المعاملة فلم أعد أستطيع احتمال الضرب والإهانة لأنني لا أريد الإنجاب من زوجي، فتركت المنزل".

مأساة وإجرام وترهيب لا ينتهي

بعد فشل الزيجتين اجتمع خمسة سادسهم الشيطان، لمتابعة تفاصيل المأساة، الزوج الأول والأب والأم وثلاثة من أقارب النذل الأول، اتفق المتهم الأول، "الأب" مع الثاني على الزواج منها عرفيا مرة أخرى، ولم لا فقد عرفوا أن أباها لا يتواني عن بيعها متى سنحت الفرصة، أعدوا العدة لما يسمونه الصلح لعودة المياه إلى مجاريها، وحال تواجدهم بمنزل أحدهم للصلح، قام المتهمون من الثاني حتى الخامس باحتجازها والتعدي عليها بالضرب واغتصبها الخامس وصورها الرابع لابتزازها لرفضها العودة إلى المتهم الأول "طليقها".

تمت إحالة المتهمين إلى النيابة، التي وجهت إلى المتهم الأول الاشترك عن الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في ارتكاب الواقعة، حيث سهل له الزواج من ابنته الطفلة عرفيا وتعريض حياة ابنته للخطر.

هروب من الجحيم وبلاغ للشرطة ينقذ الضحية

بدموع كست وجنتيها فرت من المنزل، قررت الذهاب لقسم الشرطة لتسليم نفسها والإبلاغ ضد والدها، "أبويا غصبني على الزواج براجل أكبر مني ومكملتش تعليمي وبهدلوني وصوروني ومش عارفة أشوف بنتي علشان هما عندهم عادة في القري بيجوزوا البنات صغيرة، وأنا مش قدرة أتحمل".. هكذا لخصت الطفلة مشهدا مأسويا تعرضت له على يد زوجين، الأول أنجب منها طفل وطلقها دون إثبات ابنه والثاني ضربها لعدم رغبتها في الإنجاب منه.

بالانتقال والفحص تبين قيام "م. ال"، عامل يومية، مقيم دائرة فاقوس، بزواج طفلته "فاطمة"، 13 سنة، وهى قاصر وأنجبت طفلا، وتم ضبط المتهم، وبعرضه على رجال المباحث بدائرة القسم اعترف بارتكاب الواقعة، أنه قام بتزويج ابنته القاصر مرتين بغرض سترها، لتجد الطفلة نفسها بمفردها بعد أن هرب الزوج الأول وتركها بطفلتها.

اعترافات الأب

 

وقف " م.ا" عامل زراعي، باكيا أمام رجال المباحث اعترف تفصيليا أمام رجال المباحث بمديرية أمن الشرقية، أنه زوج ابنته "فاطمة" مرتين الأولى كان عمرها 11 سنة وأنجبت طفلا، وتم طلاقها من زوجها الأول، وبعدها زوجها عرفيا لشخص من محافظة الإسماعيلية، طلقت منه بعد شهور.

وأضاف الأب المتهم، أنه قام بذلك من باب الستر وأن الزوج للبنت سترة، وبعرضه على نيابة فاقوس، أحالته لجنايات فاقوس للمحاكمة العاجلة.

المحكمة تسدل الستار على جريمة "الاتجار بطفلة"

 

عاقبت محكمة جنايات الزقازيق، بالشرقية بالسجن المشدد 10سنوات لـ5 أشخاص بالسجن لاتهامهم في القضية رقم 5953 جنايات فاقوس لسنة 2019، باغتصاب طفلة وتعذيبها وتصويرها عارية لرفضها العودة إلى أحد المتهمين، الذي تزوجها عرفيًا وطلقها بموافقة والدها.

قانونيون يعلقون على الواقعة

 

قال الخبير القانوني والمحامي أيمن محفوظ تعليقا على الجريمة: إن جرائم هذا العصر أصبحت تستدعي تقديم الشيطان أوراق اعتماد لهؤلاء المجرمين لكي يتتلمذ علي أيديهم ويعلموه كيف يكون الشر، فالأب الذي فطر الله خلقته على سترة بنته ويحمي عرضها يبعيها مرتين بورقة عرفية وكأنها جارية في سوق الرقيق، ويستبيح عرضها لكل من يلقي بيده بعض الأوراق المالية ولم يكتفِ هذا العتل الديوث بأفعاله التي وإن كانت مجرمة إلا أنها تحت ستار وهم الزواج العرفي.

وأضاف محفوظ في تصريحات خاصة لـ"الطريق" أن المتهمين جميعا ارتكبوا جريمة هتك العرض، تلك طبقا لنص المادة 267 عقوبات تعاقب المتهم بالسجن المشدد لمدة تصل إلى سبع سنوات، ولكن إذا كان الجريمة وقعت ممن له سلطة على الضحية مثل الوالد المجرم تشدد العقوبة، وكذلك نصت المادة 116 مكرر من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 الذي يضاعف العقوبة إذا ما وقعت الجريمة على طفل، على أنه "يزداد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأي جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل".

اقرأ أيضا: اغتصاب تحت سقف واحد.. أب يمنع ابنته من الزواج سنوات من أجل نزواته

وأشارمحفوظ إلى أن العقوبة المتوقعة للمتهمين في هذه القضية كانت السجن المؤبد لوجود الشرط المغلظ للعقوبة، بالإضافة إلى جريمة التعذيب المؤثمة بنص المادة 280 عقوبات، فأي فعل من شأنه التأثير السيئ على الحالة النفسية للمجني عليه كالتهديد بأي صورة تكون العقوبة الأشغال المؤقتة، وكذلك واقعة التصوير للضحية عارية التي تعد انتهاكا لحياتها الشخصية وترويج محتوي جنسي يشارك فيه طفلة والعقوبة لاتقل عن سنتين، وطالما كل تلك الجرائم ارتكبت لهدف إجرامي واحد فإن المتهمين جمعيا يستحقون عقوبة الجريمة الأشد، ويعد هذا الحكم ليس العقوبة الأقسي التي يستحقونها وتكون المحكمة قد راعت في حكمها بعض الظروف والوقائع لأن يصدر هذا الحكم بتلك العقوبة.