الطريق
الخميس 18 أبريل 2024 04:30 مـ 9 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

عباس شراقي في حواره لـ« الطريق»: هكذا ستكون المفاوضات القادمة لسد النهضة

الدكتور عباس شراقي
الدكتور عباس شراقي

يثير سد النهضة الإثيوبي القلق الشديد لدي المواطن المصري والسوداني، خوفًا من أن يتسبب هذا السد في نقص حصة بلادهم من مياه النيل الأزرق، ولذا خاضت كلا البلدين العديد من المفاوضات من أجل التوصل لاتفاق يضمن الحقوق المائية لهم، ولكن كان التعنت والرفض الدائم لمقترحات هذه المفاوضات ملازمًا باستمرار للجانب الإثيوبي، ولم تترك إثيوبيا للقيادة الدبلوماسية المصرية خيارًا سوي الذهاب إلى الأمم المتحدة ليكون العالم أجمع شاهدًا على التعنت الحبشي الذي أدى بدوره إلى صراعات داخلية مزقت الدولة وقيادتها العنجهية، ومع هذه الصرعات الداخلية الطاحنة توقفت المفاوضات وخلال هذه الفترة ظل الشعب المصري يترقب ما ستسفرعنة المفاوضات القادمة.

ولذلك أجرت «الطريق» حوارا مع الدكتورعباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بكلية الدراسات الأفريقية العليا، حول ما ستؤول إليه المفاوضات القادمة لسد النهضة، وما مدي فشل الملء الثاني لسد النهضة، وكيف ستكون عملية الملء الثالث، واستعدات مصر لمواجهة خطرهذا الملء.


أ.د. عباس محمد شراقي في سطور:

أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية كلية الدراسات الأفريقية العليا، بجامعة القاهرة، شغل منصب رئيس قسم الطبيعية بكلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة، وفي عام 2010 أصبح مديرمركز تنمية الموارد الطبيعية والبشرية في أفريقيا، كلية الدراسات الأفريقية العليا، بجامعة القاهرة، بالإضافة إلى أنه شغل منصب نائب مديرمركز المعلومات والاستشارات الأفريقية.

 

وإلى نص الحوار...

ما مدي خطورة سد النهضة على مصر؟

أي كمية مياه تخزن فى بحيرة سد النهضة هى خصماً من حصة إيراد مياه النيل لمصر خاصة المياه المقدرة للتخزين الميت وتقدر بأكثر من 14 مليار متر مكعب، مصر تخسر أيضا مياه البخر (حوالى 3 مليار متر مكعب) ومياه التسريب وهى غير معلومة حتى الآن.

كما أن السعة التخزينية للسد كبيرة (74 مليار متر مكعب) وسوف يترتب عليها توقع خطر جسيم فى حالة حدوث إنهيار كلى أو جزئى يؤدى إلى طوفان للشعب السودانى على النيل الأزرق والخرطوم وإنهيار السدود السودانية وقد تصل هذه المخاطر إلى السد العالى رغم وجود مفيض توشكى واحتياطات أخرى كثيرة.

سد النهضة هو أحد أربعة سدود كبرى على النيل الأزرق فى الخطة المستقبلية، وما سوف تنتهى إليه مفاوضات سد النهضة سوف يطبق عليهم. من الممكن أن تتبع دول المنابع الأخرى نفس النهج الإثيوبى فى إقامة المشروعات دون تشاور وبقرار أحادى.

هل نجحت إثيوبيا في إتمام عملية الملء الثاني؟ وهل هناك تأثير نتيجة لذلك على حصة مصر من المياه؟

إثيوبيا فشلت فى إتمام التخزين الثانى الموسم الماضى وكان مقرراً تخزين 13.5 مليار متر مكعب عند مستوى 595 متر فوق سطح البحر، إلا أنه لأسباب فنية توقفت الأعمال الهندسية على الممر الأوسط بعد أسبوعين فقط نتيجة ارتفاع مستوى البحيرة إلى قمة الممر الأوسط يوم 19 يوليو الماضى عند منسوب حوالى 575 متر، ونتج عن ذلك تخزين 3 مليار متر مكعب فقط كانت سوف تصل إلى السودان ومصر، إلا أن ارتفاع مستوى الفيضان بنسبة 30% أدى إلى تعويض هذه الكمية وزيادة.

هل تستطيع إثيوبيا إتمام عملية الملء الثالث في الموعد المحدد؟

إثيوبيا تمر بحرب أهلية منذ أكثر من عام للجيش الفيدرالى مع جبهة تحرير شعب التيجراى، أثرت كثيرا على الاقتصاد الإثيوبى وكذلك فى أعمال سد النهضة، وكان مقررا تشغيل توربينين لإتمام المرحلة الأولى فى أكتوبر الماضى، إلا أنها لم تحدث حتى الآن وكان الموعد الأصلى لإنتهائها هو نوفمبر 2014 وتؤجل سنويا، وتعمل إثيوبيا جاهدة على التشغيل الأيام القادمة لتوليد الكهرباء وتجفيف الممر الأوسط ثم تعليته حوالى 20 متر لتخزين ما لم تستطع تخزينه الموسم الماضى حوالى 10,5 مليار متر مكعب.

هل الاستعداد الإنشائية لسد النهضة جاهزة لعملية الملء الثالث؟

حتى هذه اللحظة إثيوبيا غير جاهزة لأعمال التخزين الثالث، إلا أن الوقت مازال متاحاً خلال الشهور القليلة القادمة.

ما استعدادات مصر من الموارد المائية لمواجهة خطر الملء الثالث؟

السد العالى يمثل صمام الأمان للأمن المائى المصرى أمام تأثير سد النهضة فى أي مرحلة حيث يتم تعويض أي كمية تستقطع بمياه من مخزون السد العالى، ولكن ليس ذلك مبرراً لإثيوبيا فى الانفراد بقرارات الملء والتشغيل دون الاتفاق، ويكمن التخوف المصرى فى كمية المياه التى يمكن أن تخزن سنوياً وحالة الأمطار خاصة اذا كانت منخفضة.

بصرف النظر عن تأثير سد النهضة فان مصر تواجه خطر انخفاض نصيب الفرد من المياه، نتيجة ثبات الحصة المائية مع زيادة عدد السكان، حتى وصلت 550 متر مكعب سنوياً أقل من المعدل العالمى الذى يقدر بـ 1000 متر مكعب.

وتعمل مصر على ترشيد استهلاك المياه فى جميع المجالات خاصة الزراعة التى تستهلك حوالى 80% من المياه عن طريق تطوير الرى الحقلى فى الأراضى القديمة من الرى بالغمر إلى الرى الحديث، وإعادة استخدام المياه أكثر من مرة بمعالجة مياه الصرف الزراعى عن طريق إنشاء محطات عملاقة للمعالجة مثل محطة بحر البقر، واستنباط أصناف محاصيل جديدة ذات إنتاجية مرتفعة واستهلاك مياه أقل وعائد أعلى.

وكذلك مشروع تبطين ترع الرى لتوفير جزء من مياه التسرب وحل مشاكل كثيرة عانى منها المزارعون وتحلية مياه البحر لتوفير الاحتياجات المائية للمدن الساحلية، والاستفادة من المياه الجوفية فى الصحارى المصرية لرى المشروعات الزراعية القومية الكبرى وتطوير مخرات السيول وإنشاء العديد من السدود الصغيرة لحماية السكان والاستفادة من مياهها.

ما حقيقة مشروع نهرالكونغو وربط النيل الأزرق ببحيرة فيكتوريا؟

مشروع ربط نهر الكونغو بالنيل أمرغير منطقى لنقل مياه من حوض الكونغو إلى حوض النيل متمثلا فى منخفض جنوب السودان المملوء بالمياه غير المستغلة والتى تشكل مستنقعات هى الأكبر عالميا، وهناك صعوبات جيولوجية كبيرة منها حاجز جبلى عرضه حوالى 600 كم وأرتفاعه يتراوح بين 350 – 5000 متر، بالإضافة إلى العقبات السياسية والقانونية، وهناك مشروع آخر تسعى مصر لتنفيذه وهو ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط ملاحياً مما يخدم حركة النقل النهرى خاصة فى دول المنابع.

ما أهم النقاط الخلافية في المفاوضات الثلاثية؟

النقاط الخلافية فى المفاوضات تبدأ فى رفض إثيوبيا الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم وتريد فقط خطوط إرشادية يتم مراعاتها عند الملء والتشغيل، بالإضافة إلى التفاصيل الفنية فى قواعد الملء والتشغيل خاصة فى سنوات الجفاف والجفاف الممتد، والخصائص الفنية بأمان السد والسعة الكبرى للتخزين وخطورته على مصر والسودان، وعدم اعتراف إثيوبيا بالاتفاقيات المائية السابقة وتعتبرها استعمارية باطلة.

كم كمية الكهرباء التي ستولد من السد بعد إنتهاء عملية الملء الثالث؟ وهل تحصل إثيوبيا على إكتفاء ذاتي من الكهرباء؟ 

المرحلة الأولى لسد النهضة هى تشغيل توربينين اثنين على مستوى منخفض لتوليد حوالى 700 ميجاوات، وهناك إدعاء إثيوبى فى مخاطبة الشعب بأن هذه الكمية من الكهرباء سوف تكفى 20% من سكان إثيوبيا، ولمعرفة الرقم الحقيقى نحسبها طبقاً للاستهلاك المصرى، حيث أن مصر تستهلك حوالى 30,000 ميجاوات لحوالى 100 مليون نسمة أي 300 ميجاوات لكل مليون نسمة.

أقرا أيضًا| السفير جمال بيومي: العلاقات الاقتصادية المصرية-الأوروبية تطورت في عهد السيسي

وبالتالى 700 ميجاوات تكفى لحوالى 2.3 مليون نسمة 24 ساعة يوميًا كما هو الحال فى مصر، عدد سكان إثيوبيا 115 مليون نسمة، وبالتالى فان 700 ميجاوات تكفى أقل من 2% من السكان وليس 20%، قد يتم توزيعها 8 ساعات فقط يوميا لحوالى 7 مليون مواطن، وبالتالى سوف يكون 6% فقط من السكان لديهم كهرباء ثلث الوقت، وقبل وبعد كل ذلك لاتوجد شبكة قادرة على توزيع الكهرباء داخل إثيوبيا التى تصل مساحتها إلى مليون كيلومتر مربع، والمشكلة الأكبر أنهم موزعون على معظم تلك المساحة الجبلية الوعرة وليس فى 6% من الأراضى كما هو الحال فى مصر مما سهل توزيع الكهرباء لدينا.