الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 02:29 مـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أمل عمر «ملكة الطين الأسواني» تكشف لـ«الطريق» رحلتها في عالم النحت (حوار)

الفنانة أمل عمر
الفنانة أمل عمر

أخذتنا الفنانة التشكيلية "أمل عمر" أو كما لقبها البعض بملكة الطين الأسواني، في رحلة لعالمها الخاص الذي أبدعت فيه فأخرجت قطعا فنية مكبلة بمشاعر إنسانية فياضة، تارة ملامح حزينة وأخرى سعيدة، وغيرها العديد من الانفعالات.

وأجرت "الطريق" حوارا خاصا مع الفنانة التشكيلية "أمل عمر" لتكشف تفاصيل حياتية ومهنية شديدة الخصوصية لأول مرة.

الفنانة "أمل عمر" ملكة الطين الأسواني... من أين بدأت رحلتك في عالم النحت؟

لدي رحلة طويلة مع فن النحت بشكل خاص والفنون بشكل عام، فقد بدأ شغفي وحبي للفن منذ كنت في مرحلة الإعدادية إذ كنت أرسم بورتريهات على الورق، ثم تطورت الموهبة بداخلي وأنا في مرحلة الثانوية العامة فكنت أجرب النحت على الحجر الجيري، حتى وصلت لسن الجامعة والتحقت بكلية التربية الفنية جامعة حلوان وتخرجت عام 1993، وهكذا نمت الموهبة بداخلي يوما بعد يوم.

صفِ لنا بما تشعرين عندما يناديكِ أحدهم بملكة الطين أو الطينة؟

يا لها من سعادة جامحة، عندما يعبر أحدهم لي عن إعجابه بأعمالي وتماثيلي، فهذا ما أسعى دوما للحصول عليه، فلا يشبع الفنان ويجعله راضيا عن ذاته سوى أن يرى نظرة إعجاب بفنه.

هل يمكن للفن أن يكون مصدر رزق لصاحبه.. أم لا ؟

في حقيقة الأمر الإجابة صعبة، خاصة أن الموهبة الفنية في البداية تحتاج للتخديم عليها أو بمعنى أدق تحتاج أن ننميها ونطورها وهذا يكلفنا ماديا، وفي ظل الظروف المادية الصعبة ربما يهتم الفنان أكثر بسد احتياجاته المعيشية، لكن فيما بعد يصبح الفن المصدر الأساسي وفي كثير من الحالات المصدر الوحيد للفنان في كسب عيشه.

فأنا مثلا عملت في عدة مجالات قبل اتخاذ القرار النهائي بأن أمارس الفن فقط، وعملت في مجال التسويق في الميديا من حوالي 15 عاما، عامان منهم بقناة الناس، ثم تسويق لمجلة بعنوان المطبخ العربي، ثم محاضر في الفن التشكيلي في بعض الأماكن وأخيرا عملت بالقرية الفرعونية، ومنذ حوالي 5 أو 6 سنوات فقط، فكرت في العمل الحر وبالفعل أخذت مكانا صغيرا في أتيليه لأمارس هوايتي وحرفتي الأفضل على الاطلاق ألا وهي "النحت".

احك لنا كواليس صنع تمثال من الطين الأسوانلي؟

رحلة صنع ونحت تمثال رحلة شاقة لكنها ممتعة لمن يحب فنه، وعلى وجه الخصوص نحت البورتريه.. فكم هو صعب أن يُخرج الفنان منحوتة تفيض بالمشاعر الإنسانية الرقيقة، ففي بداية الأمر يتم عمل هيكل حديدي أو (الكركاز) كي يمسك عليه الطين الأسوانلي، ثم تأتي مرحلة وضع الطين ونحت تفاصيل التمثال كما يراه الفنان ونتركه لفترة بسيطة مع مراعاة عدم الاسهاب في المدة حتى لا يتشقق الطين، ثم يأتي دور الصنايعي الذي يستبدل الطين بمواد مثل الجبس فيخرج نفس الشكل ولكن بمواد أكثر تماسكا.

ورحلة صنع البورتريه مكلفة جدا ماديا، ربما الطين ليس مكلفا لكن لأن المنحوتة تصنع على أكثر من مرحلة فهو يكلف، وتحتاج من ثلاثة إلى أربعة أسابيع لصنع بورتريه وهو الأصعب في النحت عموما.

ماذا عن آخر المنحوتات التي صنعتها أمل عمر.. وما أحب هذه الأعمال لقلبك؟

صنعت مؤخرا عددا من التماثيل المهمة والجميلة، منها: تمثال "يوذا" للفنان عباس أبو الحسن كان يريده بشكل وملامح خاصة ليضعه في إحدى فيلاته بالعين السخنة، أيضا تمثال "زيوس" كان لمهندس أراد أن يزينه بإضاءات معينة وملفتة.

أما أقرب الأعمال لقلبي فكان تمثال لسيدة متوفاة، جاء ابنها لي وكان شديد الحب لأمه وعندما توفت، طلب مني أن أصنع لها بورتريه وعلى الرغم من أن كل الصور التي جاءني بها كانت ذات جودة ضعيفة والمعروف أن البورتريه يحتاج لصور واضحة جدا وجودتها عالية حتى نخرج بملامح أقرب للشخص في الحقيقة، إلا أنني كنت أصنع البورتريه بحب شديد من كثرة حب الشاب لأمه، وبالفعل نحت تمثالا جميع من كان يمر بالشارع ويراه في الأتيليه يقول لي من هذه السيدة التي تجلس عندك، من شدة اقترابها من الحقيقة.

ماذا عن الصعوبات التي واجهت الفنانة أمل عمر؟

الكثير من الصعاب بالطبع، لكن أصعب الأمور كانت عندما تقدمت أكثر من مرة للمشاركة بالمعرض العام الذي يقام بدار الأوبرا، يؤسفني أن أقول هذا.. لكن الحقيقة المشهد يسيطر عليه "الشلالية" من كل الجوانب، فالاسم التي تدرج هي نفسها كل عام لا تتغير، ولجان التحكيم تعتمد على الأسماء اللامعة والمعروفة، فليس هناك فرصة لمواهب جديدة، الأسماء المعتاد عليهم هم من يسيطرون على المعرض.

وأتذكر أيضا أنني تقدمت مرة لمثل مناقصة عامة في العلمين الجديدة لعمل تمثال، وأول سؤال واجهوني به "هو أنتي دكتورة في الجامعة؟" وكأن الفن مقتصرا على الشهادات العلمية.

هل هناك قضايا تشغل الفنانة أمل عمر أو هموم تخص الفن التشكيلي تسيطر على تفكيرك؟

بالطبع الكثير من القضايا تشغلني، فأنا مثلا أشعر أن الإنسان بالشارع بعيد كل البعد عن الفن وزيارة المعارض الفنية، ونحن لا نقربه منا بل نبعده عنا، الإنسان البسيط لا يعرف مدارس التكعيبية والتجريبية وغيرها، هو فقط يحتاج فنا يشعر به، لذلك أنا دائما أحاول نحت بورتريهات تحمل ملامح إنسانية فرح، حزن، قلق، أمل وغيره.

فضلا عن أنني أسكن في ميدان أبو الريش الذي يخلو من التماثيل المعبرة، أطمح في يوم من الأيام، أن أعمل فيه أكثر من تمثال، لكنني لن أستطيع فعل ذلك بمفردي لأن الأمر مكلف جدا.

هل لديك مقترحات للوصول بالفن لرجل الشارع البسيط؟

بالطبع فالفن بسيط لا يكلف لكنه يغير الحالة المزاجية للإنسان، فالرجل العادي يحتاج أن نذهب إليه، ففكرة أن ننضم معارض فنية بالشوارع دون تكاليف مادية فبالطبع سيذهب إليها الناس بسهولة وهذه فكرة مهمة للوصول بالفن لرجل الشارع البسيط.

وأيضا لا بد أن نرسخ في منظومة تعليمنا أن الفن ليس للترفيه فقط، بل هو حياة وثقافة حياتية لا بد من الاعتراف بأهميتها.

والمقترح الأخير أن نقتدي بالدول المتقدمة التي تضع تماثيل بسيطة ومعبرة في كل الشوارع وليس الميادين فقط، حتى يستشعر الناس في الشوارع الفن ويتذوقونه.

هل ستتقدمين للمعرض العام بالأوبرا مرة أخرى في دورته المقبلة؟

بالطبع سأتقدم مرة أخرى، ولكنني أفكر في فكرة أخرى بجانب المعرض أيضا وهي إقامة معرضا خاصا بي، يحمل ويعبر عن أفكاري وأهدافي كفنانة تشكيلية.