استشهاد صحفيين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
أثناء بحثهم عن مكان آمن للراحة أثناء تغطية الحرب في لبنان، ذهب مجموعة من الصحفيين للنوم في منطقة خارج سيطرة حزب الله، فقط ليتم إيقاظهم يوم الجمعة على صوت غارة جوية إسرائيلية قاتلة.
وأسفرت الغارة على حاصبيا حوالي الساعة 03:30 فجرا (1230 بتوقيت جرينتش) عن استشهاد المصور غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا الذي كان يعمل لدى قناة الميادين المؤيدة لإيران ومقرها بيروت، والصحفي وسام قاسم من تلفزيون المنار التابع لحزب الله.
وأظهرت لقطات من الموقع المدمر منازل صغيرة ذات أسقف من القرميد الأحمر تضررت بشدة في الهجمات، حيث تهشم الجزء العلوي من أحد المساكن بالكامل.
كانت الأنقاض وقطع المعادن الملتوية متناثرة في كل مكان، وتحولت سيارتان على الأقل تحملان كلمة "صحافة" على غطاء محرك السيارة إلى حطام مغطى بالغبار.
وقال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، إن الهجوم على الصحفيين النائمين كان متعمدا، ووصفه هو ووزير الإعلام زياد مكاري بأنه جريمة حرب.
وتتركز معاقل حزب الله في المناطق ذات الأغلبية الشيعية في لبنان، حيث بنى قاعدة قوته في بلد مليء بالانقسامات الطائفية.
ومنذ الشهر الماضي، استأجرت سبع وسائل إعلام لبنانية وعربية مجمعاً من عشرة منازل على ضفاف نهر الحاصباني، بعد إجلاء المراسلين من قرية قريبة تعرضت لإطلاق نار.
ونشر محمد فرحات، مراسل قناة الجديد المحلية، مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه وهو مغطى بالغبار، وعيناه حمراوتان ودامعتان وسط حطام غرفته.
وقال في الفيديو الذي كان سريره مدفونا تحت الأنقاض خلفه، إن العدو الإسرائيلي استهدف مكان تواجد الصحفيين.
وفي مقطع فيديو آخر على الهواء مباشرة، قال إن العدو الإسرائيلي طارد الصحافة مجدداً اليوم أثناء تواجدها في منطقة بعيدة نسبياً عن المواجهات.
وقالت مراسلة قناة الميادين فاطمة فتوني التي نجت من الهجوم سالمة، على الهواء مباشرة وهي ترفع الميكروفون وسترة الصحافة التالفة: هذا هو السلاح الوحيد الذي نملكه.
وقالت وهي تحمل معداتها، أن ما ترونه أمامكم ليس صاروخا باليستيا ولا قذائف مدفعية: إنه ميكروفون وسترة.
وفي 23 سبتمبر، شنت إسرائيل حملة جوية مكثفة في لبنان، ثم شنت في وقت لاحق عمليات توغل برية، وذلك بعد عام من الاشتباكات المحدودة عبر الحدود مع حزب الله بشأن حرب غزة.
ومنذ ذلك الحين، أسفرت الضربات الإسرائيلية في لبنان عن استشهاد 1580 شخصا على الأقل، وفقا لإحصاءات وزارة الصحة اللبنانية، على الرغم من أن العدد الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى بسبب الفجوات في البيانات، كما استشهد العديد من الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام.
وفي أكتوبر الماضي، استشخد الصحفي في وكالة رويترز عصام عبد الله بنيران مدفعية إسرائيلية أثناء تغطيته للأحداث في جنوب لبنان، فيما أصيب ستة صحفيين آخرين، بمن فيهم ديلان كولينز من وكالة فرانس برس وكريستينا عاصي التي اضطرت إلى بتر ساقها اليمنى.
وخلصت تحقيقات مستقلة أجرتها جماعات حقوقية، إلى أن الضربة الأولى التي قتلت عبد الله وأصابت عاصي بجروح خطيرة كانت على الأرجح قذيفة دبابة أطلقت من إسرائيل.
وفي نوفمبر الماضي، أدى قصف إسرائيلي إلى استشهاد مراسلة قناة الميادين فرح عمر والمصور ربيع معماري.
قالت منظمة حقوقية لبنانية إن خمسة صحفيين ومصورين آخرين يعملون لصالح وسائل إعلام محلية استشهدوا في غارات إسرائيلية على جنوب البلاد والضاحية الجنوبية لبيروت.
وتعليقاً على استهداف صحفيين في لبنان، حث متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إسرائيل على التحقيق في أي ادعاءات تخص انتهاك القانون الإنساني الدولي.
وقال إنه حتى خلال النزاعات المسلحة، يجب أن يتمكن الصحفيون من أداء عملهم بأمان واطمئنان، ويجب على إسرائيل ليس فقط الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، بل اتخاذ كل خطوة ممكنة لمنع الإضرار بالمدنيين، فهذا واجب أخلاقي واستراتيجي.
وزعم المسؤول الأمريكي، أن الولايات المتحدة تواصل حث إسرائيل، كما تفعل باستمرار في جميع أنحاء العالم، على تمكين الإعلام الحر والمستقل، لا تقييده.
وذكر أن وجود مشهد إعلامي حر ومتعدد يعد أمراً بالغ الأهمية لعمل الديمقراطيات، لا سيما في أوقات النزاع.