الطريق
الثلاثاء 13 مايو 2025 08:10 مـ 16 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب

حبيب غلوم: صوت الإمارات على خشبة المسرح وشاشة الوعي

في فضاء الثقافة والفن الإماراتي، يسطع اسم حبيب غلوم كواحد من القامات الفنية الراسخة التي شكلت وجدان المشهد المحلي والخليجي عبر عقود من العطاء، امتدت من خشبة المسرح إلى أثير الإذاعة، ومن عدسة التلفزيون إلى وجدان الجمهور هو ليس فنانًا فحسب، بل مشروع وعي متكامل، اختار الفن طريقًا للارتقاء بالذائقة، ولترسيخ الهوية، ولإيصال رسائل إنسانية ومجتمعية تنبض بالصدق والعمق.

البداية من المسرح.. حيث تُصنع الهُويّات

لم يكن دخوله إلى عالم الفن مصادفة، بل كان اختيارًا واعيًا لمسار لا يخلو من التحديات. بدأ حبيب غلوم مشواره في المسرح، هذا الفن الذي يعتبره معبد الحقيقة، وورشة الوعي الأولى. جسّد عبره شخصيات متعددة، من الكادح البسيط إلى المثقف المهموم، ومن الوطني الحالم إلى الإنسان المعذّب بأسئلته. في كل دور، كان يُلبس الشخصية ثوبًا من الصدق والعمق، فيلامس الجمهور قبل أن ينطق بالحوار.

ساهم في تأسيس الحركة المسرحية الإماراتية الحديثة، وشارك في العديد من المهرجانات المحلية والعربية، حيث مثّل الإمارات خير تمثيل. حصد الجوائز، نعم، لكنه ظلّ يعتبر احترام الجمهور وتقديره هما التتويج الحقيقي لأي فنان.

رجل الإذاعة.. حكمة في نبرة وصوت

في الإذاعة، كشف عن بعد آخر من موهبته. لم يكن الصوت عنده مجرد وسيلة لنقل النصوص، بل أداة لتحريك الخيال وإيقاظ الفكر. أسهم في إعداد وتقديم برامج ثقافية واجتماعية، وكان لصوته حضورٌ يرافق المستمع بطمأنينة نادرة، كما شارك في تمثيل عشرات الأعمال الإذاعية التي لامست نبض الناس واحتياجاتهم الروحية والفكرية.

التلفزيون.. نافذة على المجتمع

في التلفزيون، تألق حبيب غلوم كـممثل ومخرج، فكان حاضرًا في الذاكرة الرمضانية والدراما الخليجية بقوة. أدواره تتنوع، لكنها دائمًا تحمل رسالة، غالبًا ما تدور حول الهوية، والعدالة، والأسرة، والتغيير الاجتماعي سواء لعب دور الأب الصارم، أو المثقف المهموم، أو رجل القانون، فهو يمنح كل شخصية نَفَسًا من ذاته، ويغرس فيها شيئًا من روحه.

رؤية ثقافية ومشروع وطني

بعيدًا عن الأضواء، يعمل حبيب غلوم مستشارًا ثقافيًا وفاعلًا في المشهد الفني الإماراتي الرسمي. يؤمن بأن الفن ليس رفاهية، بل رافعة وطنية تسهم في تشكيل وعي الأجيال وتعزيز الانتماء. حمل همّ الفن الملتزم والتعليم الجمالي، وكان دائمًا ما يرفع صوته دفاعًا عن المسرح والتعليم والفنان الحقيقي.

كما دعم المواهب الشابة، وفتح أمامهم نوافذ الحلم، ولم يبخل بتجربته أو حكمته على أحد، مؤمنًا بأن التجربة تُثمر حين تُشارك.

بين الإنسان والفنان

وراء الفنان، هناك إنسان نبيل، محبّ لأسرته ووطنه. في علاقته مع زوجته الفنانة هيفاء حسين، يقدّم نموذجًا راقيًا لـ”الرفيق الفني والروحي”، حيث يلتقي الحب بالفن، وتتكامل الرحلة بين العطاء الشخصي والمهني.

الفن حين يصبح ضميرًا

حبيب غلوم ليس مجرد اسم في تاريخ الفن الإماراتي، بل هو ضميرٌ فنيّ حيّ، يذكّرنا بأن الفن الحقيقي لا يُقاس بعدد الأعمال، بل بما يتركه من أثر في النفوس. إنه صوت يحمل ملامح وطن، وحكاية رجل آمن بأن الكلمة والصورة والمسرح قادرة على تغيير العالم، أو على الأقل، تغيير إنسان.